نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    مدرسة ناصر للتربية الفكرية بدمنهور تحصدون المراكز الأولى في المسابقة الرياضية    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    صرف 90 % من المقررات التموينية لأصحاب البطاقات خلال مايو    تتعليمات موسم حج 1445..تأشيرة العمرة لا تصلح لأداء الفريضة    أوكرانيا تُسقط طائرة هجومية روسية من طراز "سوخوى - 25"    رئيس الموساد السابق: نتنياهو يتعمد منع إعادة المحتجزين فى غزة    كولر: قدمنا مستوى جيدًا أمام الترجي.. وعلينا الحذر في لقاء الإياب    ربيعة: لقب إفريقيا لم يحسم بعد.. والأهلي والترجي يعرفان بعضهما جيدا    يسبقه الأهلي فقط.. الزمالك يطارد اللقب القاري ال14 أمام نهضة بركان    رغم التعادل.. الأهلي تجاوز الترجي في دوري أبطال إفريقيا برقم قياسي تاريخي    بسبب دعم المثليين| استبعاد مصطفى محمد من آخر مباراة لنانت بالدوري الفرنسي    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    دوري أبطال إفريقيا| فؤاد وتاو يخضعان لكشف المنشطات    حالة الطقس اليوم الأحد 19 - 5 - 2024 في مصر    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    شافها في مقطع فيديو.. سائق «توك توك» يتهم زوجته بالزنا في كرداسة    كلب مسعور يعقر 3 أشخاص في المنيرة الغربية بالجيزة    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    ماجد منير: موقف مصر واضح من القضية الفلسطينية وأهداف نتنياهو لن تتحقق    الفنان محمد بوشريح يناقش قضايا اجتماعية في فيلم «صحراء الواحة» لتسليط الضوء على المجتمعات    رئيس المجلس العالمي للاقتصاد الأخضر: مصر من أعلى دول العالم في الطاقة الشمسية    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    تزامناً مع الموجة الحارة.. نصائح من الصحة للمواطنين لمواجهة ارتفاع الحرارة    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    الهبوط والعصب الحائر.. جمال شعبان يتحدث عن الضغط المنخفض    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن الأحد 19 مايو 2024    التعادل السلبي يحسم لقاء الأهلي والترجي في ذهاب نهائي دوري أبطال إفريقيا    وزير روسي: التبادلات السياحية مع كوريا الشمالية تكتسب شعبية أكبر    شهداء وجرحى جراء القصف الإسرائيلي المستمر على مناطق متفرقة في قطاع غزة    البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي الأمريكي سيبحث مع ولي العهد السعودي الحرب في غزة    «غانتس» يمهل نتنياهو حتى 10 يونيو لتحديد استراتيجية واضحة للحرب.. ورئيس الحكومة يرد: هذه هزيمة إسرائيل    تحليل موعد عيد الأضحى في عام 2024: توقعات وتوجيهات    حريق بالمحور المركزي في 6 أكتوبر    مصرع شخص في انقلاب سيارته داخل مصرف بالمنوفية    إعادة محاكمة المتهمين في قضية "أحداث مجلس الوزراء" اليوم    على متنها اثنين مصريين.. غرق سفينة شحن في البحر الأسود    تونس.. ضبط 6 عناصر تكفيرية مطلوبين لدى الجهات الأمنية والقضائية    مصر في 24 ساعة| موجة حارة تضرب البلاد.. وهجوم للغربان في الإسماعيلية    من 35 ل 40 ألف جنيه.. ارتفاع أسعار الأضاحي بالإسكندرية 2024    مسلم يطرح أحدث أغاني ألبومه الجديد «اتقابلنا» (تعرف على كلماتها)    «فايزة» سيدة صناعة «الأكياب» تكشف أسرار المهنة: «المغزل» أهم أداة فى العمل    «المقصورة الملكية».. المهابة تعانق الجمال فى استاد الإسكندرية الرياضى    حدث بالفن| حفل زفاف ابنة الفنان سامح يسري ونجوم الفن في عزاء زوجة أحمد عدوية وإصابة مخرج بجلطة    محمد غنيم: القيادة السياسية حولت بني سويف إلى طاقة نور في الاقتصاد المصري    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    قبل بداية التعاملات.. سعر الدولار مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الأحد 19 مايو 2024    الحكومة ترد على «تخفيض سعر الفائدة في البنوك خلال الأيام المقبلة» (فيديو)    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    نقص أوميغا 6 و3 يعرضك لخطر الوفاة    «التصنيع الدوائي»: أزمة اختفاء الأدوية بسبب ارتفاع تكلفة الصناعة على الشركات    أدعية مستحبة خلال مناسك الحج.. تعرف عليها    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    نموذج إجابة امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي محافظة الجيزة    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    «الأوقاف» تفتتح 10 مساجد بعد تجديدها الجمعة المقبلة    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام يترقب..الإصلاح والاستقرار
نشر في المساء يوم 15 - 03 - 2017

هذه الأيام يجري العمل لاعداد واصدار القرارات التنفيذية لقانون الهيئات الإعلامية التي صدر بشأنها القانون الخاص بها والذي يتضمن انشاء ثلاث هيئات.. للإعلام المرئي والمسموع والصحافة.. وللإعلام المرئي والمسموع فقط وثالث للصحافة.
العاملون في هذه المجالات يترقبون صدور هذه القرارات لتحقيق الاستقرار لأن الإعلام بصفة عامة في حاجة إلي اصلاح.. كما ان المحطات الفضائية زادت كثيراً خلال السنوات الماضية وأصبح يبث في مصر عدة مئات منها.. وكلها يمتلكها أفراد أو شركات.
أما الصحافة فإن هناك تسمية.. قسم للمؤسسات القومية التي تعتمد علي الحكومة في تدبير مواردها المالية حيث تعاني من أزمات رهيبة في التمويل تكاد تؤثر علي بقاء بعضها.
أما القسم الثاني فهو الصحافة الخاصة فهي تختلف عن المؤسسات القومية من حيث نشر الأخبار والموضوعات والمقالات ومدي ما تتضمنه من صدق أو إثارة أو مصداقية.. كذلك هناك اختلاف في الأوضاع المهنية والمالية للصحفيين.
وفي جميع الأحوال بالنسبة للإعلام المرئي أو الصحافة الخاصة فإن الاعلانات وجلبها تشكل الموقف المالي وكلما زادت الاعلانات قويت مراكزها المالية.. ولكن الذي حدث فإن الاعلانات طغت بشكل مؤثر علي رسالة الإعلام ككل.. خصوصا وانه بات واضحاً بالنسبة لها ان الاعلان أهم من المادة المقدمة.. وقد لاحظ المشاهدون ان حجم الاعلان تفوق في الوقت علي البرامج المقدمة.
كما لاحظ المشاهدون ان هناك برامج كثيرة تعطي الفرصة للراغبين في التحدث أو الفتوي.. ومل المشاهدون من تكرار ما يسمعون ويشاهدون خصوصاً وان معظم المتحدثين وأصحاب الفتوي يتكلمون فيما ليس لهم به علم.. وواضح ان الهدف هو احداث إثارة وتأثير وتوجيه معين للرأي العام والواقع ان الإعلام المرئي في حاجة حقيقية الي ميثاق شرف تماماً مثل الصحافة خاصة وان كل القوانين لدينا تنص علي كفالة حرية الرأي وكل إنسان له حرية التعبير والنقد الذاتي والبناء وعدم جواز الرقابة علي ما ينشر أو يعرض علي الشاشة إلا فيما يخدش الحياء.
وقد عرفت مصر علي مدي عمرها الصحفي والذي بدأ بالفعل في عهد محمد علي من 1828.. قواعد النشر ثم عرفت أيضاً قواعد منع النشر وذلك في عام 1882 عندما صدر إبان ثورة عرابي قانون المطبوعات الذي كبل حرية الرأي ومنع أصحاب الرأي من ابداء رأيهم. وهو القانون المعروف بقانون مطبوعات ثورة عرابي.. ثم جاءت ثورة 23 يوليو 1952 فقررت أيضاً تكميم الأفواه وفرض الرقابة ووضعت شروطاً علي حرية الرأي وحرية النشر.
وعندما جاء أنور السادات وبعد حرب أكتوبر 73 قرر إلغاء مقص الرقيب ومنع الرقابة عن الصحف ولكن جعلها في يد رؤساء التحرير.
في الوقت نفسه تقرر مؤخراً إلغاء منصب وزير الإعلام وجعل التليفزيون المصري بقنواته المتعددة هيئة مستقلة تسعي وراء الخبر الصادق والتحقيق المصور المتميز.. تحاول طبعاً قدر جهدها ان تحصل علي مساحات عادلة من الاعلانات مما يتيح لها نوعاً من الاستقرار المالي.
والحقيقة ان الاعلام الحالي في حاجة إلي اصلاحه.. لأنه يتطور وبسرعة مذهلة.. وهو بالتأكيد يختلف تماماً عما كان في سابق العهود.. ولو نظرنا الي التاريخ سنجد أنه لم يكن لدي المصريين حتي بداية القرن التاسع عشر أي وسيلة من وسائل الإعلام.. فقد كان يقوم بهذا الدور المنادون المنتشرون في أنحاء المدن والمراكز والقري والكفور والشوارع والأحياء ليعلنوا لدي الناس بداية صوم رمضان وليلة العيد والوقوف بعرفات وأيضاً كل ما يود الحاكم ان يوصله من الأخبار والمعلومات لدي الجماهير.. وكان البريد يتم من خلال "المراسلة" والذي يستخدم الدواب في تحركاته.. فكانت الرسالة من الاسكندرية الي القاهرة تستغرق نحو ثلاثة أيام.. وهكذا!!
بداية الصحافة مع نابليون
وعندما أتي نابيلون الي مصر جاء بمطبعة لتطبع المنشورات كذلك كان يطبع جريدتين فرنسيتين وانشأ لكل هذا ما يعرف باسم المطبعة الأهلية.. ومن خلال هذه المطبعة والجريدتين عرف المصريون لأول مرة في حياتهم الصحافة.. ولكن استخدام اللغة الفرنسية في هاتين الصحيفتين جعلت المصريين لا يستفيدون بها.
وفي سنة 1821 انشأ محمد علي باشا المطبعة الأميرية في بولاق مجهزة بكل ما يلزمها من الحروف والمكابس والآلات وتم اعدادها لطبع لوائح الحكومة ومنشوراتها وطبع الكتب العلمية في الطب والرياضيات والآداب والتاريخ والعلوم الفقهية وغيرها.
وأفادت المطبعة كثيراً في طباعة التاريخ الذي كتبه عبد الرحمن الجبرتي.. حتي توقف عام 1852 بالوفاة.
التاريخ الصحفي المصري
وعام 1828 ظهرت لأول مرة جريدة الوقائع المصرية التي انشأها أيضاً محمد علي باشا واصدرها باللغتين التركية والعربية وبظهورها يبدأ تاريخ الصحافة المصرية.. وجاء في افتتاحيتها انها ستقوم بتحرير الأمور الواقعة من اجتماع الجيش وكتابة ما يجري في الحال والزمان والأمور الحاصلة من مصالح الزراعة والجرانة وباقي أنواع الصنائع وغيرها.. ولهذا صدر أمر ولي النعم الشريف بطبع الأمور المذكورة وانتشارها عموماً.. وطبعاً كان الاهتمام بكل ما يطبع وينشر قاصراً علي من يجيد القراءة والكتابة وكذلك الذين تلقوا قسطاً وافراً من التعليم.
التنازل عن المطبعة والجريدة
والغريب ان سعيد باشا عندما تولي الحكم تنازل عن المطبعة الأميرية لعبد الرحمن رشدي بك مدير الوابورات علي سبيل الانعام كما تنازل عن كل الأدوات والآلات الخاصة بها.
كما تنازل عن جريدة الوقائع المصرية لنفس الشخص فأصدرها لحسابه كجريدة شبه رسمية.
وينتقل الإعلام ممثلاً في الصحافة الي مرحلة أخري عندما زاد عدد الصحف فكلها كانت خاصة أي يمتلكها أفراد أو شركات مصرية وأجنبية ففي سنة 1865 صدرت جريدة اليعسوب وهي جريدة طبية وفي سنة 1867 صدر في الاسكندرية أول جريدة سياسية هي جريدة وادي النيل أسسها الشاعر والثائر عبد الله أبوالسعود.
وفي سنة 1879 تولي رئاسة الوزراء مصطفي رياض باشا وقد استهل عهده بإلغاء جريدتي مصر والتجارة وكانتا تمثلان المعارضة وكان صاحبهما أديب اسحاق وهو تلميذ لجمال الدين الأفغاني الذي سافر الي فرنسا حيث راح يصدر جريدة تطعن في الحكومة وقام رياض باشا بتعطيل جريدة مصر الفتاة التي طعنت في تصرفات الحكومة كما منعت جريدة النحلة وأبونضارة ثم أبوصفارة بالقاهرة.
كما عطلت جريدة المحروسة وجريدة الريفورم الأوروبية تعطيلاً نهائياً.
والواضح تماماً ان الصحافة بدأت تلعب دوراً قوياً في حياة المصريين وانها بدأت في قيادة الرأي العام.. وإلا لما فكر رياض باشا في اتخاذ هذا الاجراء العنيف ضد الصحف التي كانت قائمة في ذلك الوقت.
نقد بطرس غالي
وفي عام 1909 زادت انتقادات الصحف لبطرس باشا غالي الذي أبدي استعداداً لقبول اقتراح هيئة قناة السويس بمد الامتياز 40 سنة أخري مقابل مبلغ أربعة ملايين جنيه وعندما زادت هذه الانتقادات أقدمت حكومة بطرس باشا غالي علي احياء قانون قديم للمطبوعات أصدرته حكومة الثورة العرابية عام 1881 لحماية الثورة آنذاك.. وعندما احتلت بريطانيا مصر سنة 1882.. كان اللورد كرومر من أشد المؤمنين بحرية الصحافة ولكن مجلس شوري القوانين والجمعية العمومية يطالبان بتقييد حرية الصحافة وكان كرومر يرفض وعندما رحل كرومر وجاء بعده دون جورست تم الاتفاق بين الخديو والانجليز والحكومة علي بعث قانون المطبوعات الذي حد من حرية النشر والانتقاد للخديو والدولة والانجليز.. ولهذا رأوا ضرورة تنفيذ القانون لأن عدم تنفيذه أدي ويؤدي الي التطرف من الصحف والخروج عن المألوف من قواعد النقد والسخرية.. المهم أنه بعد صدور الأمر بهذا القانون هبت الدوائر الوطنية وخاصة الشباب بمظاهرات عارمة وكانت هذه المظاهرة شيئاً جديداً في حياة مصر وهي جديدة لأن عدد المتظاهرين وصل إلي أكثر من عشرة آلاف شاب.
جريدة الاستعمار
وقبل هذه الفترة بنحو عشرة أعوام ظهرت في مصر في عام 1889 جريدة سياسية تجارية هدفها الظاهري خدمة مصر والمصريين ولكن الغرض الحقيقي هو احكام الحصار علي الرأي العام وأن تكون الناطقة بلسان حال المستعمر البريطاني مدافعة عن الاحتلال مبينة فوائده علي مصر.
ويقول الدكتور تيسير أبو عوجة في كتابه المقطم جريدة الاحتلال البريطاني في مصر ان هذه الجريدة صدرت بإيعاز من السلطات البريطانية في مصر الذين أرادوا باصدارها محاربة الصحافة الوطنية.. وقد اتخذت هذه الجريدة من أحداث الحرب العالمية الأولي أبواقاً للدعاية للاحتلال البريطاني.
قامت المقطم بإحداث فتنة بين السوريين والمصريين ولم يكن قد مر علي عمرها أكثر من عام واحد.. وترجع هذه الوقائع الي عام 1890 عندما أصدر رياض باشا رئيس النظار "الوزراء" قراراً بوقف توظيف أهالي الشام في المصالح الحكومية المصرية.. وقد تدخل اللورد كرومر المعتمد البريطاني ضد قرار رياض باشا وحاول منع تنفيذه.
وقامت جريدة المقطم بنشر المقالات التي تدافع بها عن السوريين وفي أحدها ذكرت ان السوريين جميعاً من أكبر موظف في خدمة الحكومة إلي أصغر محترف منهم في مدن القطر المصري متآلفون كلهم لساناً واحداً وقلباً واحداً ونفساً واحداً ونية واحدة يقولون لا دولة لنا إلا دولة آل عثمان ولا أمير لنا إلا توفيق العصر وسيد مصر.
وفي مقال آخر قالت الصحيفة "أكره شئ علي السوريين ان يقع الجفاء بينهم وبين قوم نزلوا بلادهم واستوطنوا وطنهم.. وأحب الأمور إليهم ان يكونوا مع المصريين علي اتم الوفاق وأصدق الولاء".
وكانت المقطم قد دأبت علي مطالبة الحكومة المصرية بمنح السوريين الذين يعيشون في مصر الجنسية المصرية وقد ذكرت صحيفة المؤيد ان المقطم هي السبب في احداث الفرقة والوقيعة بين السوريين والمصريين!
المهم ان سياسة صحيفة المقطم قامت علي التباهي بسياستها الثابتة بمسالمة المحتلين واظهار محاسنهم لاكتساب صداقتهم والمصيبة ان هذه السياسة وجدت من يشجعها ويدعمها ويبررها.. فقد كانت موضع رعاية اللورد كرومر الذي قدم لها التأييد لمساعدتها علي الاستمرار وباح لها وحدها أن تدخل دواوين الحكومة لنشر أخبارها بينما منع دخول صحيفة المؤيد إلي هذه المصالح.
كذلك دأبت المقطم علي تكرار التقول ان احتلال الانجليز لمصر خير من استقلالها ولا هم لها إلا ذكر القصور عند المصريين واظهار عيوبهم بينما لا تذكر شيئاً عن الاحتلال وعيوبه واستبداده ومعاملته السيئة للوطنيين.
أصحاب المقطم عبيد الإنجليز
ويقول المفكر الكبير المرحوم سلامة موسي أن اصحاب المقطم لا يبالون الذي يصيب عقولنا وهم أغنياء يملكون دوراً كالقصور ويعيشون في ترف لا حدود له.. وهم بالنسبة للانجليز عبيدهم الواقفون علي أعتابهم وخدمهم المخلصون وجواسيسهم الناقلون".
وفي جميع الأحوال.. كانت هذه الجريدة علي خط الوفاق المدافع عن الاحتلال حتي انها عندما نشبت ثورة 1919 نظرت إليها علي انها فتنة شديدة ونكبة كبري والمتظاهرون هم رعاع همهم السلب والنهب والتخريب.. في حين ان ثورة 19 كما أجمع المؤرخون بما فيهم الانجليز أنفسهم أنها لعبت دوراً هاماً في احداث متغيرات في موقف الانجليز.
وكانت هناك مواقف أخري مؤسفة للمقطم تجاه الشعب المصري.. وبالطبع كانت في كل ما كتبته تدعو للحلفاء ونصرة بريطانيا بالإضافة الي توظيف كافة عناصر السياسة الداخلية المصرية في خدمة أهداف الحرب حتي لو كانت علي حساب استقلال البلاد.
وقفة وطنية متأخرة
ولهذا كله كان تأثير المقطم في الشعر تأثير ضعيف بل ساد السخط من جانب البعض عليها.
والغريب كما ذكر الدكتور تيسير أبو عرجة أن المقطم بعد الغاء معاهدة 1936 الذي تم سنة 1951 ولوجوء المصريين للكفاح الفدائي المسلح لمقاومة الوجود البريطاني غير الشرعي علي ضفاف القناة اعتبرت أن هذا يعد موقفاً مصرياً وطنياً.
ولكن هذه الوقفة الوطنية المتأخرة للمقطم لم تشفع لها أمام قيادة ثورة 23 يوليو حيث واجهت الصحيفة بمواقف واجراءات كانت من شأنها ان رجال الثورة حاكموا تاريخ المقطم بعد ان استمرت في الصدور 64 سنة.. وكانت النهاية اغلاق الصحيفة.. التي قامت لتدافع عن الاحتلال وتحاول اقناع المصريين بأن الاحتلال البريطاني أفضل من استقلال مصر.
الصحافة ودستور 23
مضت سنوات حدثت خلالها ثورة الشعب المصري سنة 1919 ثم حصول مصر علي استقلال جزئي سنة 1922 بموجب تصريح 28 فبراير وبمقتضاه كان لمصر حق اصدار دستور دائم وحقها أيضاً في إعادة وزارة الخارجية بعد ان توقفت هذه الوزارة عن العمل سنة 1914 بنشوب الحرب العالمية الثانية.. وبموجب هذا التصريح كلف الملك فؤاد في شهر مارس سنة 1922 عبدالخالق باشا ثروت تشكيل وزارة مهمتها انجاز واصدار أول دستور متكامل الأركان لمصر.
وبعد شهر واحد تم تشكيل لجنة لوضع الدستور.. تمثل طوائف الأمة المختلفة "عدا الوفد" ورأي بعض أعضاء اللجنة ان المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه الدستور هو ان الأمة مصدر السلطات بينما رأي عدد آخر من الأعضاء ان مصر لم تبلغ الحد المطلوب من التعليم العام والثقافة البرلمانية لكي تكون الأمة مصدر السلطات ولهذا فهم يرون ان جديراً بالملك ان يكون له من الحقوق ما يكبح جماح الأهواء الحزبية وكان ثروت باشا يؤيد هذا الاتجاه الأول بينما عمل الملك فؤاد علي ارجاء موافقته علي كثير من المواد التي اقترحتها اللجنة فنشأ خلاف بينه وبين الوزارة وقد أشارت صحيفة الأهرام في مقالها الافتتاحي الذي نشرته يوم 8 أغسطس 1922بعنوان "أوصلونا إلي الدستور لنرتاح" وكان المقال يتضمن عبارات قوية عن ان الابطاء في اصدار الدستور يسيء للجميع دون استثناء أحد كبيراً كان أو صغيراً حاكماً أو محكوماً.. واستشاط الملك فؤاد من هذا المقال وأمر بإغلاق "الأهرام" ومنعها من الصدور ولكن ثروت باشا رئيس الوزراء رفض تنفيذ الأمر وسانده المندوب السامي لورد اللنبي واقترح حلاً لهذا الموقف ان توقف الجريدة ثلاثة أيام فقط ووافق الملك صاغراً وبقيت الصحيفة.
وكان رأي الملك هو ان الصحيفة بمقالها قد عارضته وتؤيد اتجاه ان الأمة مصدر السلطات وليس الملك.. كذلك رأي انها كلها عيب في الذات الملكية.
قصة خبر
وكان للصحافة أدوار أخري.. خصوصاً إذا كان للمندوب الصحفي قدرة وجرأة وامكانية لتوظيف ما يسمعه ويشاهده لكي تصبح أخباراً حقيقية وعلي سبيل المثال فقد تعود محررو الأخبار في الصحف ان يقوموا بزيارة مصادرهم الاخبارية في مكاتبهم يسألونهم عن كل ما يهم رجل الشارع من أخبار.. ولو لم يفعل ذلك المحرر الاخباري فإنه يقيناً لن يستطيع الحصول علي الأخبار الجيدة.. وسيتخلف عن التغطية الاخبارية الضرورية لمصدرة.
المهم حدث في شهر نوفمبر سنة 1939 ان قام مندوب جريدة الأهرام بزيارة لحسن يوسف مدير المكتب الصحفي لعلي ماهر باشا في ذلك الوقت.. وفي المكتب لمح محضر جلسة لجنة التجارة الخارجية وقد جرت القاعدة علي نشر قرارات هذه اللجنة وكان من بين القرارات انها بحثت اقتراحاً بشأن عدم اتخاذ أي اجراءات في موضوع تصدير القطن الي الخارج حتي تنتهي المفاوضات الجارية بين مصر وانجلترا وان اللجنة رأت إحالة الاقتراح إلي مصلحة القطن بوزارة المالية.
وفي اليوم التالي نشرت الأهرام بعنوان بارز "وقف تصدير القطن إلي الخارج" ولم يعجب نشر الخبر علي هذه الصورة كافة المسئولين في الحكومة وأسرعت وزارة المالية باصدار بيان رسمي ينفي ما نشرته الأهرام ويعتبرونه خبراً كاذباً ونشر هذا البيان في المقطم والبلاغ كما تم ارساله الي الأهرام وبالفعل ظهرت الصحيفة ليوم 27 نوفمبر وقد نشر ايضاح مكتب الصحافة حول الخبر ولكنها أكدت ما سبق أن كتبته عن وقف تصدير القطن المصري الي الخارج.
ترتب علي ذلك حدوث بلبلة في الأفكار حيث تراجعت الأسعار في بورصة القطن وضارب الانتهازيون في البورصة علي الأسعار وحققوا فوائد ضخمة.. وظن رئيس الحكومة ان هناك من اشترك في عملية المضاربة.. من المسئولين.. وتبين ان الموضوع كله كان مجرد توقع بعدم تصدير القطن.. نتيجة إرجاء البت في موضوع الأزمة العالمية للأقطان.
.. ومنع نشر اسم رئيس الوزراء
وحدث أوائل سبتمبر 1940 ان كان حسن صبري باشا رئيس الوزراء يقوم باجراء حركة تعديل وزاري. وحدث ان قابله مندوب الأهرام وسأله عن أخبار التعديل الوزاري المزمع اجراؤه.. ودار حوار بينهم فهم من خلالها مندوب الأهرام ان التعديل سيتأخر بعض الوقت فقام بنشر تصريح منسوب لحسن صبري باشا مفاده ان جلالة الملك في رحلة صيد مما سبب تأخير اصدار مراسيم التعديل وغضب حسن باشا صبري غضباً شديداً وأصدر بياناً رسمياً جاء فيه "دأبت جريدة الأهرام علي نشر أنباء غير صحيحة منسوبة لرئيس الوزراء".. واضطرت الأهرام الي نشر البيان ثم صدر قرار من الأهرام بمنع ذكر اسم رئيس الوزراء وعدم نشر أي أخبار أو تصريحات منسوبة له.
ورد رئيس الوزراء علي ذلك بأنه أصدر أمراً عسكرياً بتحديد عدد صفحات الصحف اليومية بحيث لا تزيد علي أربع صفحات ووقع هذا القرار وقع الصدمة العنيفة علي ادارة الأهرام حيث كان معلوماً لدي الحكومة ان لدي الأهرام مخزوناً كبيراً من ورق الطباعة.. كان يعتمد عليه في زيادة عدد صفحاتها عن سائر الصحف الأخري.. خصوصاً أنها تميزت في ذلك الوقت بكثرة المواد الصحفية.. وقد أدي القرار العسكري الي تعرض الأهرام لخسائر فادحة وأضرار جسيمة كما أدي الي تعميق الفجوة بين الحكومة والصحيفة.. وهكذا أدي الانفراد الصجفي الي تعرض رئيس الوزراء الي حرج بالغ خصوصاً أمام القصر وفي نفس الوقت كان الانتقام من الأهرام شديداً.
مشكلة الانفراد الصحفي
ومن مشاكل الانفرادات الصحفية مع الحكومة ما حدث في بداية عام 1941 أثناء الحرب العالمية الثانية.. وكان وزير الداخلية في ذلك الوقت هو سين سري باشا حيث فوجئ بمجلة آخر ساعة تنشر في صفحتها الأولي.. تحت عنوان حكاية خطاب عثرت عليه القوات البريطانية مع قائد إيطالي.. حيث وقع هذا القائد أسيراً في يد القوات البريطانية وعندما فتشوه عثروا معه علي خطاب كان قد أرسله قائد القوات البريطانية الي وزير حربية فرنسا وفي الخطاب تفاصيل الخطة التي كانت القوات البريطانية تقوم باتخاذها ضد الألمان.
واتضح ان القصد من نشر الخبر علي هذه الصورة التلميح الي تسرب معلومات عسكرية بريطانية إلي الألمان.. إذ كان بين الأوراق التي عثر عليها أيضاً الجنرال الذي تم أسره أثناء الهجوم البريطاني بالصحراء الغربية في ديسمبر 1940 ترجمة لمذكرة وضعها الجنرال ويلسون القائد العام للقوات البريطانية في مصر تتضمن خطة للدفاع عن واحة سيوة المصرية.
المهم أنه نتج عن هذا الخبر الذي نشرته مجلة آخر ساعة اجراء تحقيق سري حول تسرب المعلومات أولاً إلي الجنرال الايطالي وثانياً إلي الصحافة ولم تسفر التحقيقات عن نتائج محددة إلا أن سري باشا غضب لنشر هذا الخبر وقرر علي الفور إلغاء ندب مراقب النشر وتكليف حسن باشا يوسف بالقيام بعمله.
علي ماهر.. في الظل
ومن الحكايات الصحفية الأخري التي دارت فصولها في عامي 1940. 1941 أن رئيس الوزراء عام 1940 علي ماهر باشا اضطر إلي الاستقالة لأن الانجليز طلبوا اخراجه من منصب رئاسة الوزراء وأيضا ألا يعود إلي رئاسة ديوان الملك.
ولأن المنصب دائماً هو الذي يصنع الاخبار فقد اصدر حسين سري المكلف بالرئاسة خلفاً له أن يمنع نشر أية أخبار أو صور عن علي ماهر وبالتالي فقد تم منع نشر مقالات كثيرة كانت تهاجم سياسة علي ماهر وتصرفاته في الحكم.. ولكن محمد التابعي أعد مقالاً يتضمن هجوماً عنيفاً علي علي ماهر.. لنشره في آخر ساعة ووافق سري باشا علي نشره.. وعندما نشر المقال جن جنون علي باشا ماهر ولكنه لم يستطع أن يفعل شيئاً لان كل وسائل الصحافة من صحف ومجلات ممنوع عليها كتابة حتي اسمه.
وكان علي ماهر قد اراد احياء نشر اسمه مرة أخري في الصحف فابتدع في شهر مارس 1941 نشاطاً اطلق عليه "يوم الفقير" وقرر أن يكون هذا اليوم موافقاً لذكري وفاة الملك فؤاد في 28 ابريل.. ولكن سري باشا تنبه لخدعة علي ماهر فاصدر تعليماته بعدم الاشارة إلي هذا المشروع لا من قريب أو بعيد.. وكانت صحيفة الاهرام قد اعدت وصفاً للحفل الذي اقيم بهذه المناسبة علي ثلاثة أعمدة.. ثم تقرر حذفه ومنع نشره.. في اللحظة الاخيرة فقد ساد الاعتقاد لدي الحكومة وعلي وجه الخصوص وزارة الداخلية بأن يوم الفقير ربما الغرض منه الدعاية الشخصية لعلي ماهر وهكذا كان نشر اسم شخص غير مرغوب فيه لدي الحكومة يثير القلق والخوف لديها.. كما أن عدم نشر اسم مثل هذا الشخص مهما كانت قامته عالية تثير في نفسه حسرة فمثل هؤلاء الاشخاص الذين يتبوءون مراكز عالية حياتهم دائماً في جري الصحافة خلفهم.. وتعاستهم في عدم الجري وراءهم.
قبل 23 يوليو 52
ونعود إلي ما قبل ثورة 23 يوليو بأعوام قليلة حيث نجد أن الصحافة المصرية ساهمت بجهد كبير في اظهار الفساد وبالفعل كان للصحافة المصرية قبل ثورة 23 يوليو 1952 دور بارز في كشف عدة وقائع للفساد وفي الحديث عن تصرفات مشينة للاجهزة الادارية التي كانت تساهم بصورة أو بأخري في هذه الوقائع.. وكانت هذه الوقائع متداولة في الصحف بعضها كان النشر يحرك الأجهزة الحكومية والبعض الآخر كانت تقابله "اذن من طين وأخري من عجين" ومن الاخبار المنشورة حكاية سيدة مجتمع تمتلك بيتاً أجرته لوزارة العدل حيث اتخذته مقراً إدارياً ضمن مقارها وكانت الوزارة تقوم بارسال الايجار بصفة منتظمة إليها وحدث أن قامت مصلحة المساحة بنزع ملكية هذا البيت المؤجر ودفعت التعويض المناسب للسيدة.. وارسلت مذكرة إلي وزارة العدل تخطرها بايقاف سداد الايجار للسيدة لانها لم تعد مالكة وأصبح البيت تابعاً لمصلحة المساحة.. ولكن كما جاء في الصحف فإن هذه المذكرة اختفت بقدرة قادر وظلت الوزارة تواظب علي ارسال قيمة الايجار كما تعودت للسيدة التي واظبت هي الأخري علي الصرف لمدة ثلاثة أعوام حتي نشرت الصحف الحكاية.
ممنوع علي الوزراء
وهناك حكاية أخري من التي نشرتها الصحف وهي حكاية نائب شهير في البرلمان اشتري حوضاً عائماً من الانجليز بمبلغ 1800 جنيه وباعه لوزارة الري بمبلغ 21 ألف جنيه في نفس اليوم وكتب الدكتور محمد حسين هيكل معلقاً علي وقائع الفساد بأن الدستور يحرم علي الوزراء.. أي تعامل تجاري أو شراء بالمزاد أو البيع للحكومة وهذا تحريم ملزم ولكن دائماً الالتزام غائب.
.."وفساد في الجامعة"..
وامتد الفساد إلي الجامعة خصوصاً في أساليب اختيار العمداء وحكاية عميد منح زوجته درجة وظيفية لا وجود لها حيث تم تعيينها مدرسة بالكلية وطبعاً بطريقة غير مشروعة.
كذلك كيف كان الاساتذة ينتشرون بين الإسكندرية والقاهرة لاعطاء محاضرة هنا ومحاضرة هناك بهدف الحصول علي بدل انتداب بخلاف قيمة المحاضرة التي كانت زهيدة.. وغير ذلك من الوقائع التي نقلتها الصحف دون أن يتدخل مقص الرقيب.. ولكن كان هناك ما هو أسوأ من مقص الرقيب.. ونعني بذلك مصادرة الصحف طبقاً للقانون في حالة تجاوزها في النشر.. فكانت الصحف تنشر ما يتراءي لها من النشر والحكومة تقوم بتنفيذ قوانين المطبوعات والتي تقضي بالمصادرة أو الإلغاء واعتقال الكاتب أو المحرر ورئيس التحرير وأيضا صاحب الجريدة ورغم ذلك كانت المواد الصحفية التي تنشر تعبئ الرأي العام.. وكم من القضايا التي أثارتها الصحف.. وانفعل معها المواطنون بل وغير المواطنين وصارت كما هو معروف قضية رأي عام.
"الأسلحة الفاسدة"
وقد حدث في اعقاب حرب 48 أن نشر الاستاذ احسان عبدالقدوس تفاصيل قضية من اخطر القضايا وهي قضية الاسلحة الفاسدة التي ظهر فسادها أثناء الحرب مع إسرائيل.. وكان لهذا النشر ومتابعته اهتمام حكومي وشعبي بالقضية حيث دخل بعض شماشرجية القصر والحاشية الملكية في دائرة الاتهام ولم يجد الملك فاروق أيامها إلا أن يصدع لقرار النائب العام فأمر رجال حاشيته بالمثول لتحقيقات النيابة.. صحيح أن التحقيقات برأت كل الذين شملهم التحقيق.. وعندما قامت الثورة قدم بعضهم لمحكمة الثورة ولكنها أيضا برأتهم.
"فضيحة ميدان عابدين"
وكانت الصحافة أيضا السبب في عدم هدم المساكن في ميدان عابدين لانشاء تمثال للملك فؤاد والد الملك فاروق والحكاية أن الملك فاروق كلف عثمان محرم باشا وزير الاشغال لإنشاء تمثال للملك فؤاد في ميدان عابدين وتطلب الأمر نزع ملكية ما يزيد علي 500 مسكن تقيم فيها آلاف من الأسر وذلك لتوسعة الميدان ليكون لائقاً بعظمة التمثال.. ونشطت الصحف ونشرت فضائح هذا الميدان وما سيتعرض لها آلاف الأسر من التشرد من أجل عيون تمثال الملك فؤاد.. ثم فجأة نشرت الصحف أخباراً عن أوامر الملك فاروق بإيقاف هدم المساكن وعاد السكان إلي بيوتهم.
رعاياك يا مولاي
وفي سبتمبر 1951 أي قبل ثورة 23 يوليو بنحو عشرة أشهر نشرت جريدة مصر الفتاة والتي تم تسميتها "الاشتراكية" مقالاً تحت عنوان "الثورة.. الثورة.. الثورة" وكان الكاتب هو أحمد حسين زعيم حرب "مصر الفتاة".. وبلغت جرأة الكاتب والجريدة حداً بعيداً لدرجة أنه نشر علي صفحتين متقابلتين مجموعة من الصور التي تمثل البؤس والشقاء الذي يعاني منه بعض أفراد الشعب حيث نشر علي هاتين الصفحتين صوراً لبعض المواطنين كباراً وصغاراً وهم يفترشون الأرصفة في جو شديد البرودة ويرتدون أسمالاً بالية لا تقي برداً أو حراً وتنطق كلها بالذل والهوان والفقر والمرض وكتب عنواناً مثيراً فوق هذه الصور يقول "رعاياك يا مولاي".. بمعني أن هكذا يعيش رعايا الملك.. في هذه الحالة من الضنك.. ومن شدة اعجاب الناس بهذه الصور نفدت هذه الطبعة من الأسواق ونزع البعض هذه الصور ولصقها علي جدران المنازل والحوانيت.. وبالطبع تم القبض عليه وزج به في السجن بتهمة التحريض علي قلب نظام الحكم والعيب في الذات الملكية.. ولم تكن الجرأة فقط من نصيب جريدة "الاشتراكية" بل تعدتها إلي صحف كثيرة نشطت في كتابة أخبار عن فساد بعض الذمم والاخلاق وتساءلت إحدي الصحف عن كيفية أن يعيش الفرد في مصر ودخله في اليوم ثمانية قروش فقط أي أقل من 5.2 جنيه شهرياً.
كذلك كان هناك نقد لاذع للحكومة حيث نشرت الصحف خبراً عن اقتراض الحكومة مبلغ 2.5 مليون جنيه من البنك الأهلي لصرف مرتبات شهر يونيه.. ومكافأة لجنود الحرس الملكي لضبطهم عصابة تهرب السكر إلي الفيوم.. والحكومة تفكر في اطلاق ايجارات المساكن القديمة لحل أزمة الاسكان وربات البيوت ذهبن إلي وزير التجارة والصناعة في مكتبه وتحدثن في مسائل الغلاء ومدي امكانية أن تدفع الحكومة من ميزانياتها فروق تثبيت الاسعار "الدعم حالياً" فقال معاليه "الحالة لا تسمح بدفع الفروق والموقف بالغ الخطورة بحيث لا يمكن لحكومة ولو كانت من السماء أن تقاوم هذا الغلاء"!!
وكان الغلاء بالفعل أحد أهم مشكلات المصريين علي الاطلاق واضطرت الحكومة أن تلجأ إلي تسعير السلع تسعيراً جبرياً وشكلت لجنة مركزية تابعة لوزارة التجارة والصناعة وضعت جدولاً للخضر والفاكهة واللحوم والدواجن وقامت وزارة التموين بمنع نقل الزيت والسكر بين المحافظات وغير ذلك.
وكانت صحف ذلك الزمان تتوسع في نشر أخبار عمليات التهريب في كل أنحاء مصر.. ورغم حالات الغلاء الرهيبة التي كانت سائدة في مصر مع تدني الاجور بشكل مخيف إلا أن وزير التجارة قال "إن الأسعار الآن جنة لو قيست بالحالة التي ستكون عليها غداً أو بعد غد".
بداية استيراد القمح
حدثت أزمة في رغيف العيش تناولتها الصحف بشيء من التندر حول اضطرار الحكومة إلي استيراد القمح من روسيا لأول مرة في تاريخ البلاد.. ونتيجة للتوسع في الاستيراد بلغ العجز في الميزان التجاري 42 مليون جنيه مقابل 13 مليون جنيه عام 1947 وقالت الصحف إن الواردات زادت والصادرات انكمشت.
قرارات تعسفية
هذه كانت بعض حكايات الفساد وكانت الحكومة تواجه الصحافة بعدة اجراءات تعسفية فقد كان ابسط قرار تصدره الحكومة ضد الصحف التي تتناول بالنقد ما يجري في مصر هو المصادرة ولم تكن هذه المصادرة تتم بالنسبة للصحف التي تصدر في مصر فقط بل كانت تمتد للتي تطبع في فرنسا.
ففي أول مايو 1884 أصدر نوبار باشا رئيس الوزراء أمرا بمنع دخول جريدة "العروة الوثقي" إلي مصر بدعوي الحفاظ علي النظام العام ومواجهة النقد المستمر لما يجري ومنع الاستمرار في نشر أخبار وموضوعات ضد الحكومة وفضح خطط الاحتلال البريطاني حيث يؤدي كل ذلك إلي اثارة الشعب.. وجاء في القرار أن من يضبط لديه نسخة من هذه الجريدة يعاقب بدفع غرامة تتراوح بين خمسة و25 جنيهاً.
"العروة الوثقي" انشأها جمال الدين الافغاني أثناء اقامته في فرنسا ولحق به تلميذه محمد عبده وتعاون الاثنان علي اصدارها باللغة العربية.. وفي هذه الفترة بدأت الصحافة مرحلة جديدة لتوجيه الرأي العام واطلاعه علي الحقائق وفي الوقت نفسه نشطت الصحافة الفرنسية في شن هجوم عنيف علي تصرفات بريطانيا في مصر وكانت شركات البرق تنقل للصحف المصرية ما نشرته الصحف الفرنسية وغيرها مما يصدر في أوروبا لتنقلها الصحف المصرية وتلقي الضوء علي سير الاحداث.. وذلك حسبما قال أحمد حسين في موسوعة تاريخ مصر.
"معارضة قوية"
وكان اللورد دوفرين وزير خارجية بريطانيا قد قال إن مصر لا يمكن إقامة حكومة صالحة فيها إلا إذا كانت هناك معارضة قوية وبالفعل قامت الصحف المصرية سواء العربية أو الفرنسية بدور المعارضة.. وعلي رأس هذه الصحف: الاهرام والمحروسة والوطن.. وعلي ذلك قامت الحكومة بملاحقة هذه الصحف باصدار أوامرها بمصادرة الاعداد التي بها.. وكانت في احيان أخري تصدر تعليمات بمنع صدورها.
السخرية بالاعلانات
وفي مذكرات أحمد شفيق باشا رئيس ديوان الخديو نموذج لما كانت تنشره بعض الصحف.. فقد نشر إعلاناً من باب التهكم والسخرية يقول: "محل كبير لبيع الدساتير الجديدة بأثمان رخيصة... مستعدون لتوريد السفراء المعتمدين.. أحسن مجموعة من القادة العصاة الذين يصلحون للثورات.. توريد اساطيل لاطلاق القنابل والتدمير".
وطبيعي أن يلقي مثل هذا الكلام امتعاضا من الحكومة.. ومصادرة الصحف صاحبة هذه الإعلانات وغيرها.
والغريب أن المعتمد البريطاني اللورد كرومر دافع دفاعاً حاراً عن حرية الصحافة.. وجاء في تقرير له "مع ان القانون يعطي الحكومة الحق في أن تطلب من صاحب كل جريدة أن يحصل علي رخصة قبل اصدار جريدته.. إلا أنها لم تعمل بهذا الحق منذ أمد بعيد".
وأضاف قائلاً: "إن عمل الصحافة أفاد البلاد لانها كانت رقيبا علي الحكومة والادارة ولم تؤثر عيوبها علي الصالح الحقيقي للقطر إلا تأثيراً ضعيفاً".
بعد ثورة 23 يوليو
وانتهت بذلك حقبة من الزمان.. وبعد ثورة 23 يوليو استقرت الاوضاع ولكن كان استقرار علي صفيح ساخن.. ففي سنة 1954 وجد عبدالناصر أن صديقه الصدوق أحمد أبوالفتح أحد أصحاب جريدة المصري واسعة الانتشار وناطقة بلسان حزب الوفد قد تعدي الخطوط الحمراء وانحرف عن الخط الذي يريده عبدالناصر وفي ضوء ذلك قرر عبدالناصر إلغاء جريدة المصري وسارع أحمد أبوالفتح إلي الهروب إلي لبنان.
قرر عبدالناصر إنشاء صحيفة أخري اطلق عليها صحيفة الشعب وعهد بها إلي صلاح سالم أحد رجال الثورة للاشراف علي اصدارها واتخذت الجريدة نفس الموقع الذي كانت تشغله جريدة المصري بشارع قصر العيني.
وكان الرئيس عبدالناصر قد قرر قبل هذا التاريخ بعام تقريباً اصدار جريدة تكون ناطقة ومدافعة عن الثورة وبالفعل صدر القرار في سبتمبر 1953 باصدار جريدة "الجمهورية" واشرف عليها أنور السادات وعلي هذا كانت جريدة الجمهورية هي الأولي والثانية هي الشعب ولكن جريدة الشعب لم يكتب لها النجاح ومنيت بخسائر فادحة وتقرر إغلاقها.. وكان عبدالناصر قد اصدر قراراً باصدار جريدة "المساء" وعهد بها إلي خالد محيي الدين أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة كان ذلك في شهر أكتوبر 1956 وأصبحت هذه الجريدة المنفذ الذي الحق بها عدد من الصحفيين الذين عملوا في الشعب.
صحف الثورة
وكانت الصحف التي بقيت بعد قيام الثورة هي الاهرام والاخبار والجمهورية.. ثم المساء اعتباراً من 1956 وكانت كلها ناطقة بلسان الثورة معبرة عما يريده أعضاء مجلس قيادة الثورة.
وقفت هذه الصحف بكل قوة مع جمال عبدالناصر أثناء الاعتداء الثلاثي علي مصر عام 1956 وكان لها دور عظيم في توجيه الرأي العام مع الإذاعة المصرية وعندما تمت السيطرة علي الاقتصاد وإجراء حركة تأميم للشركات والمنشآت التجارية والاقتصادية خلال عامي 1961/ ..1962 كان التليفزيون المصري قد ظهر وساهم مع وسائل الإعلام الأخري في توجيه الرأي العام وذلك حتي يتقبل الرأي العام قرارات التأميم التي شملت وحدات اقتصادية كثيرة.
التأميم
أما الدور الصحفية التي كانت قائمة في ذلك الوقت فقد قرر عبدالناصر تأميمها في 24 مايو سنة 1960 واصدر قانونا ينظم الصحافة.. وبمقتضي هذا القانون انتزعت الحكومة ملكية الصحف التي كانت تصدر عن الاهرام وأخبار اليوم وروزاليوسف والهلال وتم نقل ملكيتها إلي الاتحاد القومي الذي كان قائماً منذ عام 1957 ثم تحول إلي الاتحاد الاشتراكي في عام 1962 طبقاً لما قاله الدكتور رمزي ميخائيل في كتابه "تاريخ السياسة والصحافة المصرية من هزيمة يونيه إلي نصر أكتوبر".
صار اصدار الصحف والعمل في الصحافة يتم من خلال موافقة الاتحاد القومي الاشتراكي فيما بعد في الوقت نفسه تم تأميم كل الدور الصحفية الأخري التي كانت قائمة في ذلك الوقت وبالتالي كان رئيس هذا التنظيم السياسي الجديد هو صاحب السلطة العليا في الهيمنة علي الصحف.
القيد في النقابة
وكان القيد في نقابة الصحفيين شرطا اساسيا للعمل في الصحافة.. ولم تكن عضوية النقابة سهلة علي الاطلاق بل كانت تعتمد علي موافقات متعددة فكانت البداية خطاب من المؤسسة الصحفية بأن راغب العضوية يعمل في الجريدة تحت التمرين.. ويذهب هذا الخطاب مع أوراق العضوية إلي النقابة ومصلحة الاستعلامات وهيئة الاستعلامات فيما بعد وكذلك يتطلب الامر موافقة مباحث الصحافة.. والاتحاد القومي والمخابرات وربما كانت هناك جهات أخري.. وتعقد جلسات في النظر في قبول العضوية بمحكمة استئناف القاهرة ويرأس الجلسة مستشار في هذه المحكمة.. وعندما تكتمل الموافقات يصدر رئيس المحكمة قرارا بمنح العضو لقب "أستاذ" حيث يصدر خطاب العضوية تحت مسمي "الاستاذ" وكذلك بنطق رئيس المحكمة بعبارة "مبروك يا أستاذ" وطبعاً فان عدم ورود أي موافقة من الجهات المذكورة فإن العضوية لن يتم منحها.. وبالتالي يحرم المتقدم من العمل في الصحافة.
أسرار الصحافة
ومن أسرار الصحافة في عهد جمال عبدالناصر ما حدث في فبراير سنة 1968 عندما اندلعت المظاهرات احتجاجاً علي الأحكام البسيطة التي صدرت لمعاقبة المتسببين في كارثة 1967 حيث طالب المتظاهرون بحرية الصحافة وكتابة الحقائق بأمانة وصدق واخلاص.. وفي 2 مارس سنة 1968 نشرت اخبار اليوم مقالاً للمرحوم عبدالعزيز فهمي طالب فيه بنشر الحقائق كلها دون بتر أو تزويق.. كذلك تعرض الكاتب الكبير المرحوم محمد حسنين هيكل رئيس تحرير الاهرام في ذلك الوقت إلي حملة انتقادات عنيفة لانفراد الاهرام دون غيرها من الصحف بالاخبار وحصوله علي استثناءات في استخدام مواردها من العملات الحرة ووصل الأمر إلي حد أن مجلس نقابة الصحفيين برئاسة أحمد بهاءالدين رفع مذكرة احتجاج في 27 سبتمبر 1967 إلي الامين العام المساعد للاتحاد الاشتراكي يقول فيها إن سعيد سنبل عضو المجلس ومدير تحرير اخبار اليوم والجماعة القيادية لمؤسسة دار التحرير أرسلا شكوي إلي مجلس إدارة النقابة يشكون فيها انفراد جريدة الاهرام دون غيرها من سائر الصحف بنشر الاخبار ذات الطابع القومي وما يترتب علي ذلك من آثار بالنسبة للرأي العام وللمؤسسات الصحفية الأخري.. وتكرار تخصيص صحيفة واحدة للانفراد بالاخبار القومية والأنباء الخطيرة دون سائر الصحف ينعكس علي أوضاع المؤسسات الصحفية وهذا يؤثر في حجم التوزيع ويجعله متدنياً ويهبط أيضا بمواردها الإعلانية.
ومن الأسرار الأخري حدث أن تحدث الرئيس جمال عبدالناصر في 15 فبراير سنة 1968 إلي رؤساء وأعضاء وفود مؤتمر الصحفيين العرب.. حيث شن هجوماً عنيفاً علي أسلوب الصحف في نشر وقائع جلسات محكمة الثورة وذكر أنه يحاول تنقية الثورة من كل الشوائب والدليل علي ذلك أنه جعل جلسات محكمة الثورة علنية.. ويجب أن يعلم الشعب أن هناك انحرافات يلزم تقويمها ولكن الصحافة حاولت استغلال جلسات محكمة الثورة لزيادة التوزيع واضاف عبدالناصر قائلاً: "أنا يوم ما صحيت الصبح ولقيت عنوان إحدي الصحف عن الذهب والفلوس "كانت وقائع اثيرت في محكمة الثورة تتعلق بأمور المخابرات وصلاح نصر والرئيس عبدالناصر" استغربت جداً لأن معني هذا أن احنا بنحول العملية من قضية سياسية إلي قضية اثارة ومحاولة اظهار أن فلان حاول أن يأخذ الذهب وفلان حاول أن يأخذ فلوس.. لا اظن ابداً أن المشير عامر حاول أن يأخذ فلوس لنفسه أو حاول أن يأخذ الذهب لنفسه ولكن احنا نعرف أن كل شيء مباح في حالة التآمر".
وكان موسي صبري قد دأب علي كتابة وقائع محكمة الثورة لمحاكمة المتسببين في كارثة الحرب.. وكان يتابع المحاكمات بنفسه مع تعليقات تبين صورة صارخة لاستغلال النفوذ وتبديد أموال الشعب معتمداً علي أقوال صلاح نصر وعباس رضوان أحد رجال الثورة وغيرهما وكان موسي صبري يكتبها بصورة ترفع الستار عن أسرار الرئيس وكبار معاونيه مما أثار غضب الرئيس.. ويروي الدكتور رمزي ميخائيل في كتابه عن السياسة والصحافة المصرية أنه أي الرئيس اعطي أوامر إلي الاتحاد الاشتراكي بايقاف نشر مقالات موسي صبري في الاخبار وأخبار اليوم وفي شهر ابريل توقفت الصحيفتان عن نشر المحاكمات.
ثم تقرر حذف اسم موسي صبري من رئاسة تحرير الاخبار كما حذف أيضا اسم احسان عبدالقدوس من رئاسة أخبار اليوم وجاء في الحيثيات أن موسي صبري أفسد قضية المؤامرة علي نظام الحكم وحولها إلي قضية فساد للنظام ولذلك تقرر ابعاده عن الصحافة.. ونقل احسان عبدالقدوس إلي روزا ليوسف وبعد عدة أسابيع وبالتحديد في الأسبوع الثاني من شهر ابريل تقرر نقل موسي صبري إلي جريدة الجمهورية بدون اسناد أي منصب له.. بل وظل محروماً من الكتابة بتوقيفه نحو سنة كاملة.. وانتشرت موضة نقل الصحفيين من المؤسسات الصحفية إلي وظائف أخري غير صحفية مثل باتا وبنزايون وبيع المصنوعات وغيرها.. وقد أصبح عدد الذين نقلوا إلي مؤسسات غير صحفية 120 صحفياً من أعضاء نقابة الصحفيين الذين بلغ عددهم عام 1968 نحو 1200 عضو.. وطالب مجلس النقابة بضرورة النص صراحة في مشروع قانون نقابة الصحفيين الذي صدر عام 1970 عدم نقل الصحفيين إلي مؤسسات غير صحفية وقانون عضو العمل الفردي لا يجيز الاستغناء عن الصحفيين في المؤسسات الصحفية إلا في حالة التصفية أو الافلاس.
وعندما صدر قانون نقابة الصحفيين في سبتمبر 1970 تغيير مفاهيم الحكم المطلق والحزب الواحد الحاكم.. ونصت إحدي مواد القانون علي بعض الضمانات لحماية الصحفيين في أداء رسالتهم وكفالة حقوقهم.. في حالات الفصل والمرض والعجز.
الإذاعة المصرية
هذا عن الصحافة والمعاناة التي عاناها الصحفيون في ظل ثورة 23 يوليو.. ولم تكن الصحافة هي الجهة الإعلامية الوحيدة التي استعانت بها الثورة ولكن كانت هناك الإذاعة المصرية.. التي معها انطلق أول بيان لثورة 23 يوليو ومنها أيضا اندلعت الاصوات التي نددت وكشفت مؤامرة الاعتداء الثلاثي علي مصر.. وكانت الوسيلة التي تعلن كل ما يتعلق بحياتنا.
ولأن الثورة كانت مهتمة بالدول العربية فقد بادرت بإنشاء إذاعة صوت العرب.. وكانت إذاعة قوية ناطقة بلسان كل العرب منددة بكل ما يعكر صفوهم.. وكانت في بعض الاحيان تتحدث عن بعض الاساليب التي تحاول عرقلة انطلاق المسيرة العربية والواقع أن إذاعة صوت العرب كان الكل يعمل لها ألف حساب وتوالت بعد ذلك محطات جديدة في الإذاعة منها الشرق الاوسط.. والرياضة والملاعب والشباب.. وغير ذلك.
أما في عام 1960 فقد بادرت الدولة ببناء التليفزيون وبث برامجه علي الفور.. وكانت في البداية لساعات محدودة ثم اصبح طوال الليل والنهار.. ومع مرور الزمن أصبح للتليفزيون المصري عدة محطات قضائية وأصبحت صورة مصر تصل إلي كل مكان في العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.