تأبي حالات مرضي وضعفي إلا أن تواجهني بمصر ألماً بألم ووجعاً بوجع فكلانا يمر بحالة الوهن التي تدفعه للتأمل ومراجعة حساباته ومحاولة تحسين واقعه ووجدتني أمام قضية واحدة.. قضية فساد.. رغم كونها بفعل فاعل في مصر وابتلاء واختباراً في جسدي.. ففساد بعض أجهزة جسدي الحيوية واستسلامها يشبه ما تعانيه مصر من فساد أجهزتها الرابط بيننا هو كلمة الفساد بكل قبحها وكأنها كلمة حفرت بالسحر الأسود علي جدران وطني ولم تعد أزمتنا مجرد سؤال يُطرح وننتظر اجابته كانتظار العنقاء والخل الوفي. سأتحدث اليوم عن قطاع واحد هو الرابط بيني وبين مصر في مقالنا اليوم فساد منظومة الصحة ولا نعني وزير الصحة الحالي ولا السابق ولا الأسبق وربما ليس القادم أيضاً.. المشكلة التي تكونت كموجة صغيرة كبرت في قاع محيط وبدلاً من تكسيرها لتتلاشي عند الشاطيء تركناها تعلو وتعلو لمئات الأمتار لتتحول لجبل يبتلع الغني والمتوسط ويسحق الفقير.. أحكي لكم عن أيام في مستشفي كبير والكبر ليس في الحجم ولا الفخامة ولا علو وارتفاع المبني.. الكبر في قامة أساتذته من الأطباء العظام الذين نفاخر بهم الغرب علماً وعطاء ولكن كل هذا يضيع هباء أمام عجزهم لقلة الدواء ومستلزمات العمليات وفشل التمريض والإدارة التي تمارس حالة الابتزاز بكل سعادة وهدوء ضمير فالمريض الذي يدفع عشرات الآلاف لعملية المرارة مثلاً لا يوجد ميزان حرارة خاص به.. ولا يجد نصف أدويته في المستشفي وعليه أن يدور ويلف علي الصيدليات ليجلبها لو أراد أن يستريح أو يعالج.. الأفظع ليس في الدواء ولكن في نوعية الشاش والضمادات التي يستعملها الجراح فكلما سألهم قالت الممرضات بنظرة ذات مغزي "مشي حالك يا بيه" انني أتحدث عن مستشفي كبير لمريضة مقيمة في أجنحة وأستاذ جراح ملء السمع والبصر هو طبيبها وزوجة طبيب وأم لأطباء.. وربما دخلت المريضة نفسها حجرة العمليات في هذا المستشفي وغرفة عملياتها تلك أكثر من دخول الجراحين.. فلم تشفع لها العشرة ولا كونها أهدت مصر هؤلاء الأطباء العلماء ولا كونها زوجة طبيب ولا أي شيء حتي تجد نفسها في حالة هياج وكل ما علي لسانها: ما حال المرضي في الأقسام؟ وما حالهم في المستشفيات العامة والوحدات الصحية والتأمين وغير ذلك؟! الفساد هو الفساد وليس المسئول عنه أحمد عماد الدين راضي الوزير الحالي ولا السابق ولا الأسبق.. هو فساد تغلغل داخلنا.. فساد إداري تبعه قبول من المرضي.. واستكانة من الرأي العام وقرارات وزارية للاستهلاك الإعلامي.. حتي أصبحت الصحة قشرة هشة تغطي مجتمعنا المنهار فيه ليس قطاع الصحة فقط ولكن قطاعات أخري.. المنهار فيه مواطن مصري فسد ضميره وماتت رغبته في المقاومة للفساد والفسدة فتحول غالبيتهم لطحالب ضارة تراكمت حتي غامت الحقيقة تحتها.. والسؤال الأهم من المسئول الموظف والحكومة أم المواطن معلول الضمير مقهور الهمة؟! إنها أزمتي التي تدفعني قهراً لعدم الراحة والاستسلام للهدوء والراحة حتي تمر بسلام.. بل تدفعني لسؤال بلا جواب.. إنها أزمة صحية تفجر أزمة وطن والنتيجة أزمات.. ننتظر من السماء حلاً لها.