بعد أن افقت من الصدمة أقول بمنتهي المرارة والحسرة إن تغيير 9 وزراء و5 محافظين فقط ليس له سوي وصف وحيد هو "ترقيع حكومي" يصل إلي درجة التهريج.. فلا هو عدل كل أو غالبية "المايل" ولا اعطانا بارقة أمل في اصلاح حقيقي يعود علي المواطن بالخير ولا هو قلص "البعزقة" الموجودة في عدد الوزارات والتي تستنزف الميزانية العامة المتهالكة أصلاً. مازلت عند رأيي وقناعتي ولن أحيد عنهما أن الحكومة كان لابد من تغييرها بالكامل رئيساً ووزراء ومحافظين.. خاصة أن المهندس شريف إسماعيل لم يحقق أية طفرة اقتصادية وحتي المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ والذي جاءه نجدة من السماء لم يستفد منه شيئاً.. كما أنه جار علي الطبقتين الوسطي والدنيا وهما تشكلان 95% من الشعب فزادهما فقراً واحتياجاً وغلياناً ولم يكتف بذلك بل ساند واغمض عينه عن الطبقة العليا لتزداد ثراء وسطوة وجبروتا. لكن.. ما دام الاتجاه هو الابقاء علي رئيس الوزراء "قسمتنا ونصيبنا".. فقد كان من الواجب أن يكون التغيير موسعاً وليس بهذا الشكل الهزيل الذي لا يُغني ولا يُسمن من جوع.. لذلك فإنني أتوجه لرئيس الوزراء بهذه الأسئلة.. ومن حقي كمواطن قبل أن أكون صحفياً أن يرد عليها : * أولاً : نعم كان لابد من الإطاحة بوزراء التعليم والتعليم العالي والزراعة والتموين وشئون مجلس النواب تحديداً.. ولكن ما الحكمة في الابقاء علي 10 وزراء آخرين مع احترامي لهم : 1 وزير الصحة والسكان الذي "بهدل" المنظومة الصحية بالكامل "مستشفيات وأطباء وأدوية" واتفق مع شركات الأدوية والصيدليات علي المواطن الغلبان. 2 وزير القوي العاملة الذي لم يحقق أية طفرة.. فلا نسبة البطالة انحسرت. ولا وفر وظائف للعاطلين. ولا ابتكر نظاماً يجبر "البطالة المقنعة" من موظفي الدولة علي العمل. 3 وزير الأوقاف الذي تفرغ لمناطحة الأزهر وشيخه وترك كثيراً من المساجد يركبها السلفيون وعندما أراد أن يبتكر اخترع "مُسخة" الخطبة الموحدة المكتوبة طوال 5 سنوات ليحول خطباء المساجد إلي "قارئي نشرة" ومنبر رسول الله إلي "ستوديو"..!!! 4 وزير الري الذي جلس يتفرج علي سد النهضة وهو يعلو ولم يحرك ساكناً رغم علمي أنه ليس الوحيد المنوط به هذه القضية.. إضافة إلي أنه ترك النيل مقبرة للقمامة والحيوانات النافقة وورد النيل وصرف المصانع. ولم يحرك ساكناً أمام البناء علي ضفتيه لكل من هب ودب وعلا ووطي منصبه.. يا أخي.. الفراعنة الذين لم يسلموا من السنتكم الحداد كان كل منهم يكتب في وصيته التي تُدفن معه بنداً يقول فيه للاله : "لم ألوث النيل".. للأسف أحفادهم دمروه..!! 5 وزير الثقافة الذي صدمني أداؤه بحق وكنت آمل فيه خيراً إلا أنه أهمل كل شيء يمت للثقافة بأية صلة وتفرغ للمنازعات وتغليب هذا علي ذاك وتوزيع الجوائز علي الفنانين والفنانات فضاعت معه الثقافة وأصبحت في الحضيض. 6 وزير الآثار الذي لم يفعل شيئاً لحماية آثارنا من اللصوص والإهمال والاستغلال.. كما أنه لا يملك برنامجاً لجذب السياح رغم أن مدينة واحدة هي الأقصر بها ثلث آثار العالم..!!! 7 وزيرة التضامن الاجتماعي التي لا يشفع لها كام معاش تضامن خرج للنور "شو" إعلامي.. فهناك ملايين لا يجدون لقمة العيش. وهناك ملايين آخرون من أصحاب المعاشات يتسولون حقوقهم وكأنها ستعطيهم من ارثها وليس من أموالهم المستولي عليها من الحكومة. 8 وزير قطاع الأعمال العام الذي يتواصل معه نزيف المصانع والشركات العامة.. فلا المنشآت المغلقة فتحت أبوابها وعاد عمالها إليها. ولا القائمة وكانت قلاعاً نتباهي بها كالمحلة تدار بحرفية وأصبحت قاب قوسين أو أدني من الإغلاق وتشريد عمالها. 9 وزير السياحة.. مثل زميله وزير الآثار وبشكل أكثر فجاجة.. صحيح أن هذا القطاع أضير بشدة بسبب كارثة لا ناقة له فيها ولا جمل ولكن السياحة ليست شرم الشيخ فقط.. فنحن نملك أكبر شواطيء علي بحرين. ولدينا واحات للاستشفاء. ومزارات أخري بالصعيد والوادي وشمال الدلتا.. فأين برنامج الترويج السياحي في الخارج عامة وبالدول العربية خاصة..؟؟ 10 وزير البيئة.. وبصراحة لا أدري ما هو الانجاز الذي حققه ليستمر.. فالمصانع مازالت تخنقنا بعوادمها وتصرف مخلفاتها في النيل. والقمامة و"الردش" أكواماً في كثير من المناطق الراقية كالمهندسين وليست الشعبية فقط.. يا خسارة. * ثانياً : لماذا لم يتم دمج وزارات التعليم * التعليم العالي. والقوي العاملة * قطاع الأعمال. والزراعة * الري. و"الثقافة * الآثار * السياحة" مثلا..؟؟ * ثالثاً : لماذا ابقيتم علي الانتاج الحربي والبيئة والشباب والرياضة والآثار وزارات مستقلة بذاتها؟؟.. لماذا لم تتحول إلي مجالس عليا أو هيئات..؟؟ * رابعاً : أموت وأعرف السبب الحقيقي للإطاحة بوزير التخطيط أشرف العربي الذي كان مرشحاً لمنصب نائب رئيس الوزراء. ونفس الشيء بالنسبة لمصطفي السعيد وزير النقل الغارق في هذا القطاع أكاديمياً وعملياً.. مع احترامي الكامل وقناعتي الشديدة بمن جاء مكانهما د. هالة السعيد للتخطيط ود. هشام عرفات للنقل فهما من أفضل الاختيارات فعلاً. * خامساً : لن أتحدث عن المحافظين الخمسة الجدد.. فقناعتي هي أن التغيير كان المفروض أن يكون شاملاً وليس هذا العدد الهزيل.. فالأداء عامة دون المستوي والشكاوي لم ولن تتوقف.. والسؤال : لماذا لم تتم حركة شاملة أو حتي موسعة بدلاً من هذا الترقيع أو التهريج..؟؟ هل تكون لدي رئيس الوزراء الشجاعة للإجابة علي هذه الأسئلة بصراحة ويعلن علي الملأ بشفافية الأسس التي اختار علي أساسها الوزراء والمحافظين الجدد. وأسباب الإطاحة بمن أقيلوا ومن المسئول عن سوء الاختيار؟؟.. لا أظن.. وسوف أفكركم.