ردود الأفعال التي أعقبت حكم المحكمة الإدارية العليا بمصرية جزيرتي صنافير وتيران. هي المعني الذي يشغلني التعبير عنه وتأكيده. الحكم في ذاته شأن القضاء العادل. أما ردود الأفعال فقد أكدت المعني الذي يعبر عن الشخصية المصرية. عن الانتماء. وحب الوطن. والحرص علي الأرض. والدفاع عن القيم الكبري. علت أصوات الحضور بالهتافات والصياح وعبارات التهنئة والنشيد الوطني والشعارات التي تتغني بحب الأرض. غابت الكلمات أو التصرفات التي قد تحمل عكس المعني. أو تجاوزه. فالعروبة هي الرابطة الأوثق التي تجمع بين مصر والعربية السعودية. يحدد استاذنا زكي نجيب محمود الولاء للوطن بأنه "دمج الذات الفردية في ذات أوسع منها وأشمل. ليصبح الفرد بهذا الدمج جزءا من أسرة. أو من جماعة. أو من أمة. أو من الانسانية كلها". والانتماء - علي مستوي الوطن - ليس مجرد ميلاد. أو نشأة. أو محل إقامة. إنما هو أن أشعر بالزهو لكل ما يحياه الوطن من انتصارات وإضافات وانجازات ايجابية. وأن اشعر بالخذلان لكل ما يواجهه من هزائم. الثابت - تاريخيا - أن الشعور الوطني لمصر. أي الشعور بالانتماء. ظل - عبر التاريخ - وثيقا إلي هذا الوطن ذي المقومات المعروفة المحددة. بكل أبعاد هذا الانتماء. لكن الانتماء الوطني المصري لا ينفصل عن الانتماء القومي إلي الوطن العربي. وهو ما يضع حكم القضاء في إطاره الصحيح. فهو ليس تعبيرا عن العداء أو الشوفينية. لكنه حق أعلنه القضاء - من خلال رجوعه إلي كل ما عرض عليه من خرائط ووثائق - بأن الجزيرتين تمثلان امتدادا للأرض المصرية. إذا كان المثل يشير إلي أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية. فإن المعني يشمل الاختلافات المتصلة بين أقطار الوطن العربي. مثلما يشمل الاختلافات بين أبناء القطر الواحد. وهنا يأتي دور المحاكم والقضاء. لا أعرف رد الفعل في الجانب السعودي علي حكم القضاء المصري. لكن المهم أن نشير إلي أن الخلاف داخل الأسرة الواحدة. العائلة الواحدة. يظل - في كل الأحوال - في إطار الأخوة والفهم والأرضية المشتركة. لا يتحول إلي عداء. أو ما يشبهه. لعلي أذكر - بالمناسبة - حين أصبح فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل فرحا مصريا عربيا. عكس ذلك اصالة الانتماء في حياتنا. ليس علي مستوي مصر وحدها. بل علي مستوي الاقطار العربية جميعا. وإن هزني "البورتريه" الساذج لنجيب محفوظ. رسمه فنان مجهول الاسم. ووضعه علي الرصيف المقابل لجامعة الأزهر. وكتب تحته: أبناء الجمالية يهنئون ابن الحي الكاتب الكبير نجيب محفوظ علي فوزه بجائزة نوبل العالمية. منتهي الاحساس بالانتماء كما تري..!