حلب "سوريا" "رويترز" - خرقت زغاريد النساء فضاءات ريف سوري يقع علي ضفتي حرب وتعالت أصواتهن من شرفات تطل علي جسر الراموسة ترحب بخروج من تبقي من المسلحين وأسرهم في شرق حلب. وعند نقطة الراموسة التي كانت أحد خطوط التماس تجمّعت نحو عشرين حافلةپوسيارة إسعاف لنقل الدفعة الأولي من المسلحين والجرحي من منطقة ظلت خارج سيطرة السلطات السورية علي مدي خمس سنوات. قالت امرأة مسّنة في منطقة الحمدانية بالقرب من معبر الراموسة وهي ترفع يدها إلي السماء "الله يخلّصنا من ها الأزمة ونخلص منهم "المسلحون". ما جابولنا إلا الخراب والدمار. إن شاء الله اليوم نخلص وأرجع أشوف ابني اللي انخطف قبل أربع سنوات. ذهب إلي دوامه ولم يرجع.. بدي أعرف إذا ابني عايش أو ميت. حسبي الله ونعم الوكيل". ضمنت سوريا سلامة مقاتلي المعارضة وأسرهم الذين سينقلون إلي إدلب في شمال غرب سوريا. وقالتپ وزارة الدفاع الروسيةپ إن روسيا ستستخدم طائرات بدون طيار لمراقبة نقل المقاتلين وأسرهم في 20 حافلة برفقة عشر سيارات إسعاف عبر ممر آمن. كان اتفاق سابق لوقف إطلاق النار توسطت فيه روسيا أقوي حليف للرئيس السوري بشار الأسد وتركيا التي تساند المعارضة يوم الثلاثاء الماضي قد انهار بعد تجدد القتال يوم الأربعاء ولم تنفذ عملية الإجلاء كما كان مقررا لها في ذلك الوقت. إلي جانب الحافلات الخضراء التابعة للدولة السورية التي نقلت المسلحين تجمع عدد من أبناء الأحياء وغيرهم وهم يتابعون مع الصحفيين آخر التطورات. قال أسامه الصالح "40 عاما" وهو يرتدي زياً عسكرياً "جئت إلي هنا لأشاهد هذا اليوم التاريخي.. نحن شعب عاني كثيراً من وجود المسلحين وأنا هنا لأكون شاهداً علي هزيمتهم بأم العين". من وسط الشارع صرخ رجل عجوز يرتدي جلبابا وهو يقول "انهزموا انهزموا.. خمس سنوات من الموت اليومي والتهجير والقصف والفقر وانقطاع المياه والكهرباء. اليوم حلب ستتوحد. لا شرقية ولا غربية حلب واحدة وستعود أجمل مما كانت". قال وسام الزرقا وهو مدرس لغة إنجليزية بالمنطقة الخاضعة للمعارضة إن أغلب الناس يشعرون بسعادة لمغادرتهم سالمين لكنه أضاف "البعض غاضب لأنهم يتركون مدينتهم. رأيت بعضهم يبكي وهذا هو ما شعرت به". جاء اتفاق الإجلاء تتويجا لتقدم سريع حققه الجيش السوري وحلفاؤه علي مدي أسبوعين دفع المعارضين للتراجع إلي جيب أصغر كثيرا بالمدينة تحت وطأة ضربات جوية مكثفة ونيران مدفعية. باستعادة السيطرة علي حلب يكون الأسد قد أثبت قوة تحالفه العسكري الذي تدعمه القوات الجوية الروسية ومقاتلون شيعة من مختلف أرجاء المنطقة. كان المعارضون يحظون بدعم من الولاياتالمتحدة وتركيا ودول خليجية لكن هذا الدعم جاء أقل من المساندة العسكرية المباشرة التي قدمتها روسيا وإيران للأسد. قلب قرار روسيا بنشر قواتها الجوية في سوريا قبل 18 شهرا موازين الحرب لصالح الأسد بعد تقدم المعارضة في غرب سوريا. وإضافة إلي حلب استعاد الأسد معاقل من المعارضة قرب دمشق هذا العام. ركزت قوات الحكومة وحلفاؤها نيرانها علي قتال المعارضة في غرب سوريا بدلا من قتال تنظيم الدولة الإسلامية الذي تمكن هذا الأسبوع من استعادة مدينة تدمر الأثرية ليظهر مرة أخري مدي التحدي الذي يواجهه الأسد لاستعادة سيطرته علي البلاد. بدأت عملية خروج المسلحين صباح يوم الخميس مع قيام عناصر من الجيش السوري بإزالة السواتر الترابية التي كانت تفصل بين منطقتين شرقية وغربية. قال مصدر رسمي سوري لرويترز إن عدد المنسحبين وصل إلي 951 شخصاً توزعوا بين جرحي ونساء وأطفال. أضاف المصدر "العملية ستتابع اليوم حيث تستعد نحو 15 حافلة جديدة لإجلاء الدفعة الثانية من المناطق الواقعة تحت سيطرة المسلحين." تابع أن العملية غير محددة بالتوقيت لكونها متعلقة بالقدرة الاستيعابية والحركة والتأمين مشيرا إلي أن الدفعة الأولي من أهالي كفريا والفوعة تستعد للمغادرة. عند أعلي عامود كهرباء في معبر الراموسة وقف أحد عناصر الجيش السوري حاملاً علم بلاده وصعد إلي العامود وعلقّه وهو يصرخ بعبارات عن سوريا الموحدة. من أمام مدخل قصره في دمشق هنأ الأسد الشعب السوري بما وصفه "تحرير" حلب وقال إن ما يحدث اليوم هو كتابة تاريخ. أضاف الأسد "كنا نحدد الزمن بما قبل الميلاد وما بعد ميلاد السيد المسيح.. قبل نزول الوحي علي سيدنا رسول الله وبعد نزول الوحي ونقول في الوضع السياسي قبل سقوط الاتحاد السوفيتي وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي.. بين الحربين العالميتين وبعدهما وهكذا". مضي يقول "الأحداث الكبري في العالم تحول الزمن إلي تاريخ.. واليوم -ليس فقط الوضع السوريپوالإقليمي بل الدولي- سنقول قبل تحرير حلب وبعد تحرير حلب".