دار الافتاء تشن حملة لمواجهة الفساد ونواب البرلمان يشكون من انتشاره آملين ومطالبين بالتصدي للظاهرة. وفي اطار خطط المواجهة أصدر المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء قراراً بتشكيل مجلس أمناء وحدة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ومن قبل كان تصريحه الشهير بأنه يتصدي للفساد حتي لا يتم توريثه لأبنائنا ولأنه في الماضي لم تكن الإرادة السياسية جادة في سياساتها واستراتيجيتها للتصدي الحقيقي تكبدت الدولة خسائر لا حصر لها في مختلف القطاعات ولأننا شعب لا يعترف أو يعرف الدقة في لغة الأرقام فنادراً ما نجد مسئولاً يتحدث عن خسائرنا من الفساد بأرقام واضحة مدققة فالكل يدمن الكلمات الفضفاضة لكن المؤكد أن استباحة التكسب من الحرام أصبحت ثقافة سائدة ومنتشرة بين طبقات المجتمع من القمة إلي القاع الكل سواء.. الكل ادمن وتعايش مع الفساد الذي ينتفل من مكان لآخر دون عوائق أو عراقيل حتي أصبحت التصنيفات والمؤشرات العالمية تضع مصر في مكانة متأخرة بداية من تقارير مؤشرات الحوكمة الصادرة من البنك الدولي حتي منظمة الشفافية الدولية كل هذه الأسباب جعلت الرئيس عبدالفتاح السيسي دائماً ما يشدد علي أهمية المكافحة والتصدي للفساد والفاسدين مهما كانت مواقعهم في الدولة. لأن الخطورة الحقيقية في تكلفة الفساد التي ترتبط بزيادة التفاوت الاجتماعي وتعميق الفجوة بين الأغنياء والفقراء ناهيك عن هدم القيم والأخلاق الدولة تخوض معركة مع الإرهاب لتظل مصر صامدة رافعة الرأس ولكن هناك فئات من المتلاعبين وسماسرة الفساد يتآمرون علي مقدرات الوطن وأمنه القومي وهذه المؤشرات أشد خطراً من مؤامرات الأعداء. اتوقف أمام أحد تصريحات وزير التموين "معندناش أزمة" لكن الحقيقة أننا نعيش أسوأ أزمة وما أعنيه ليس اختفاء أو نقص السلع ولكن أزمة الضمائر والمخططات الشيطانية وانتهاك حرمة المال العام التي أوصلتنا إلي ما نحن فيه من مأساة. استقراء المشهد يشير إلي أن هناك عدداً من الاشكاليات تعيق جهود محاربة الفساد لذلك نحن بحاجة إلي تفعيل دور البرلمان في مراجعة أوجه الانفاق لكل الجهات الحكومية ولابد من تطهير المنظومة الإدارية إلي جانب أن هناك قوانين تحتاج إلي ضبط تشريعي ومحاسبة ومعاقبة المخطئين وتظل الرقابة الصارمة هي حجر الزاوية فهي الطريق أمام سد أبواب ومنابع الفساد لابد أيضاً من الانتهاء من قانون حماية المبلغين والشهود فلا أحد يجرؤ حتي الآن علي الابلاغ عن وقائع وأساليب الفاسدين في تدمير الاقتصاد خوفاً من التنكيل. هناك دول طبقت نظماً وسياسات للوقاية وأصبحت من أقل الدول فساداً في العالم مثل سنغافورة لكن اللافت للنظر أننا لا نجيد الاستفادة من التجارب الناجحة. أتمني أن يأتي يوم تتكاتف فيه أجهزة الدولة وتعمل علي انفاذ القانون وتنفيذ الأحكام لأن الحرب شرسة وتكلفتها باهظة الثمن.