علي مدي يومين ناقش العلماء من 80 دولة الواقع الإسلامي للأقليات المسلمة بالاضافة الي الموضوعات الأخري التي تضمنها جدول أعمال مؤتمر الافتاء تحت عنوان "التكوين العلمي والتأهيل الافتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة" وهي خطوة مهمة بلا شك تؤكد ان مصر بلد الأزهر الشريف سوف تظل منارة لنشر صحيح الدين ووسطيته واعتداله. وأن علماء هذا الصرح الاسلامي يتصدون بأسلوب يتسم بالحكمة وسعة الصدر لكل من يتشدد أو يلجأ الي التطرف أو التفكير ويفندون أقواله ومزاعمه لكن علي الجانب الآخر هناك واقع يعيشه العالم الاسلامي ونري ترويجا لألوان من الأفكار التي تتسلل الي عقول الشباب وتستدرجهم إلي رحابها وبالتالي تتزايد الاعداد من هؤلاء الشباب الذين سقطوا في براثن هؤلاء المتطرفين ولذلك نري أعداداً من هؤلاء الشباب في مختلف بلدان العالم ينضمون الي التنظيمات التي تعتنق هذه الأفكار المتطرفة وهؤلاء للأسف الشديد يخوضون معارك مسلحة في بلاد الاسلام وتمتد أعمالهم الارهابية الي الدول الاجنبية. مع كل التقدير لجهود العلماء في مؤتمر الافتاء الذي عقد بالأمانة العامة لدار الافتاء والتوصيات الصادرة عنه إلا ان الأمر يتطلب عقد دورات تدريبية لا تقتصر علي أئمة المساجد للاقليات الاسلامية وانما تشمل العاملين في مجال الدعوة واعتلاء منابر المساجد بالاضافة الي ندوات في مختلف التجمعات الشبابية وغيرها واستضافة كبار العلماء والشخصيات الاسلامية المهتمة بأمور الدعوة خاصة الذين لهم باع طويل في الرد علي تساؤلات الشباب وتحصينهم ضد هولاء الذين يستقطبون الشباب بأساليب مضللة وأكاذيب براقة تستهدف نشر التكفير والتطرف واجراء غسيل مخ لهؤلاء الشباب بالاضافة الي عمليات التمويل لجذبهم الي ساحة التطرف والتشدد بألوان مختلفة من الآراء المضللة البعيدة عن وسطية الاسلام. في نفس الوقت نريد طرحاً جديداً تجديد نحو الخطاب الديني وكيف يجري هذا التجديد. وان يقوم العلماء من أهل الفكر التنويري بشرح مفهوم تجديد الخطاب وكيف يتم تحقيق هذا الهدف الذي طالب به كثير من الرؤساء والمهتمين بشئون الدعوة الاسلامية ويجب ان يتناول العلماء والمفكرون بعض الأمثلة التي تقرب المعاني للشباب حول تجديد لغة الخطاب الديني وكيفية تناول المفاهيم التي تستعرض الاساليب المختلفة التي تعتمد علي الاقتناع وإزالة الكثير من الشبهات التي تدور حول بعض الآراء الفقهية وتيسير وتبسيط تلك الآراء التي تتسم بالتحديث والمعاصرة بما يتناسب والواقع الذي تعيشه المجتمعات الاسلامية وبذل أقصي الجهد في التحاور مع قطاعات كبيرة من الشباب وإزالة أي شبهات أو التباس عليهم. هؤلاء الشباب في أشد الحاجة الي من يأخذ بأيديهم نحو وسطية الاسلام واعتداله وليت العلماء يفسحون صدورهم والنزول الي واقع هؤلاء الأبناء وتشجيعهم علي حضور تلك الندوات والمحاضرات التي تستجلي الحقائق وتنفذ الي قلوب وعقول الشباب بتجديد في الاساليب بما يوائم ولغة العصر بعيداً عن لغة التهويل والتخويف التي عفا عليها الزمن. نريد مساهمة فعالة لأهل الفكر والعلم من مختلف التخصصات في فروع الشريعة وان تكون هناك رؤية مستنيرة توضح حقائق التجديد وتطوير لغة الخطاب الديني بحيث نري واقعاً يجتذب الشباب خاصة أنهم متعطشون الي معرفة أصول الدين وأحكامه وشرحها بأيسر لغة وأفضل أسلوب. ولا شك ان المهمة تبدو صعبة في وسط تلك الظروف التي تنتشر فيها تلك التنظيمات مثل "داعش" و"النصرة" وغيرهما لكن علماءنا الأفاضل سوف يتحركون في كل الاتجاهات والنهوض بتلك الأعباء ولعل مؤتمر الافتاء أقرب مثال لأن مشاركة علماء من نحو 80 دولة بمثابة ضوء ينير معالم الطريق لكل الأئمة سواء بالأقليات الاسلامية أو بالمجتمعات في الدول الاسلامية لقد شبعنا كلاماً حول التجديد وحان الوقت لنري علي أرض الواقع جهوداً توضح مدي سماحة الاسلام واعتداله وعدله وتبديد المخاوف التي تتردد حول "الاسلام فوبيا" والتأكيد بلغة تتناسب مع كل البلدان وبتجديد في الأسلوب والتحاور مع الاستعانة بمن يجيدون اللغات الاجنبية لنشر رؤية الاسلام في اطار الآية الكريمة "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" هدانا الله جميعا سواء السبيل.