كنت لا أود التطرق الي هذه القضية الحساسة لسببين.. الأول انها تثير القلق في وقت لا يحتمل فيه الناس المزيد من القلق والضغوط. والسبب الثاني أن هناك من يسكبون دائما الزيت علي النار المشتعلة ويحرفون الكلام ويخرجونه عن سياقه لحاجة في نفس يعقوب. الذي غير قناعتي ودفعني لتناول قضية الاتجار في الأعضاء البشرية ان الاخفاء أصبح غير ذي جدوي بعد أن كشف النائب محمد فرج عامر تفاصيل خطيرة تحت قبة البرلمان. مطالبا رئيس مجلس النواب أن يتحمل مسئولياته أمام الله أولا ثم أمام الشعب وأن يقوم بدوره في الضغط علي الحكومة من أجل المزيد من الرقابة واليقظة بعد أن أصبح ترتيب مصر الثالث عالميا بعد الصين والهند طبقا لتقرير المنظمة الدولية للاتجار في الأعضاء البشرية. النائب المحترم قدم سرداً لتوغل مافيا تجارة الأعضاء البشرية داخل المجتمع وكيف توحشت وارتفعت وتيرة عملها في مصر بصورة مفزعة في ظل ضعف الرقابة علي المستشفيات الخاصة التي تشهد مثل هذا النوع من العمليات. وأتفق تماما مع النائب في قوله ان تلك التجارة أصبحت تحقق أرباحا طائلة تفوق تجارة المخدرات. وأن هذه المافيا - علي حد وصفه - تضم أطباء وممرضات ومعامل تحاليل بالاضافة الي الوسطاء أو سماسرة الموت الذين يقومون باقناع الفقراء بالحصول علي بضعة آلاف نظير قطعة من أجسادهم بينما يحصدون هم مئات الآلاف وربما الملايين من وراء تلك الصفقات. واذا كان النائب قد تناول القضية من هذه الزاوية المفزعة فان الربط بينها وبين الحديث عن تزايد حوادث خطف الأطفال يزيد من حالة الهلع ولا يمكن فصل الموضوعين أو تجاهل الربط بينهما. والذي لا يأتي بالاتفاق والصفقات يأتي عنوة عن طريق الخطف خاصة في بلد ينتشر فيه أطفال الشوارع بصورة ربما تفوق الكلاب الضالة من حيث العدد ومستوي المعيشة. وليس أدل علي ذلك مما حدث أمام أحد المولات الشهيرة بمدينة السادس من أكتوبر عندما حاولت احدي السيدات استدراج فتاة في الحادية عشرة للخروج معها بعيدا عن أسرتها وعندما اكتشفوا أمرها ادعت انها كانت تحاول سرقة الموبايل لكن التحريات كشفت انها عضو في شبكة دولية للاتجار في الأعضاء البشرية. القضية التي فجرها النائب تستدعي تحركا فوريا ليس لمجلس النواب فحسب وانما لكل الأجهزة المعنية وفي مقدمتها وزارة الصحة ونقابة الأطباء لإحكام الرقابة علي المستشفيات الخاصة والاستثمارية من ناحية.. ومن ناحية أخري وضع ضوابط وقيود علي الأطباء تمنع - أو تحد - من مشاركتهم في هذه العمليات القذرة. وفي ذات الوقت مطلوب تحرك مواز للأجهزة الأمنية لملاحقة هذه العصابات الدولية التي تعقد صفقاتها في الغالب عبر مواقع التواصل الاجتماعي. بالاضافة الي إحكام الرقابة علي الأماكن التي يتواجد فيها الأطفال مثل المدارس والملاهي والمولات التجارية. وقبل هذا وذاك علي الأسرة أن تعود لممارسة دورها في الرقابة علي الأبناء.