قرار وزير قطاع الأعمال بتشكيل لجنة لدراسة أوضاع شركة النصر للسيارات تمهيداً لاعادة تشغيلها هل يؤدي إلي إحياء صناعة السيارات في مصر بدلاً من الاعتماد علي أسلوب التجميع الذي تأخذ به الآن جميع المصانع الموجودة والتابعة للقطاع الخاص؟ المهندس سعيد النجار الرئيس الأسبق لشركة النصر للسيارات يؤكد أن إنتاج سيارة ملاكي شبه مستحيل بسبب اختفاء العمالة الفنية القادرة علي قيادة العمل بجانب أن توفير المبالغ المطلوبة صعب جداً في ظل ضخامتها وظروفنا الحالية. وقال ان القطاع الخاص هدفه الكسب السريع ولن يهمه كثيراً عودة الانتاج الوطني وان الشراكة مع المصانع العالمية هي الأفضل لظروفنا وكانت السبب في تحقيق العديد من الدول لطفرة صناعية. أضاف ان تصنيع اللوري وقطع الغيار يضمن لنا مكانة في الاسواق وتوفير النقد الاجنبي الذي يستنزف في الاستيراد وان القيادات الادارية بريئة من فشل الشركة في الماضي والذي يعود الي القرارات السياسية التي كانت تكبل حركتهم. * ما رأيك في الاتجاه الي اعادة تشغيل شركة النصر للسيارات؟ ** من حق وزير قطاع الأعمال ان يشكل لجنة لدراسة أوضاع الشركة تمهيداً لاعادة تشغيلها اذا كانت نتيجة الدراسة ايجابية وان كنت من جانبي أري أن عودة الشركة شبه مستحيل لاسباب عديدة منها أنها متوقفة عن العمل منذ فترة طويلة جداً والعمالة الفنية التي اكتسبت الخبرة والمهارة اما أصبحوا من كبار السن أو توفاهم الله وحتي القادرين علي العمل انتقلوا الي أماكن أخري أي ان القوة الفنية التي لديها القدرة علي ادارة الشركة لم تعد موجودة بجانب اننا سنكون في حاجة الي تجديد المعدات المستخدمة في الانتاج وهذه الخطوة تتكلف مبالغ طائلة لا نستطيع توفيرها الان. * وما هي الأسباب التي أدت في الماضي الي تعثر الشركة ووصولها الي ما هي عليه الآن؟ ** شركة النصر في الماضي كانت قلعة صناعية ضخمة وكان لديها انتاج متقدم للغاية لا يعرف عنه الكثيرون شيئاً حيث كانت تنتج مثلاً 90% من مكونات الاتوبيس والمحرك الخاص به بالكامل وكذلك ما يتراوح من 60 إلي 70% من مكونات سيارات النقل ولكن المشكلة التي تواجهها تتمثل في انخفاض الكفاءة الانتاجية أي عدم قدرة العامل علي مواكبة التطوير الحادث من حولنا بسبب عدم خضوعه لأي دورات تدريبية سواء داخلياً أو خارجياً بجانب أنه كان يتم ادارة الشركة بعقلية القطاع العام بما فيها من روتين وبيروقراطية وعدم توفير السيولة اللازمة للتطوير بالاضافة الي ندرة النقد الأجنبي في ذلك الوقت وعدم قدرة الشرركة علي سداد الديون التي قامت باقتراضها بالعملة الصعبة لتوفير مستلزمات الانتاج.. وأخيراً القرارات السياسية التي كانت تكبل حركة القائمين علي إدارة الشركة بعدم زيادة أو حتي تحريك الأسعار رغم أنه لو تم الموافقة علي هذه الخطوة لكان للشركة وضع مختلف الآن. * وما رأيك في اقتراح البعض بالدخول في شراكة مع القطاع الخاص لاعادة التشغيل؟ ** أعتقد ان هذا الرأي لن يأتي بأي نتائج مثمرة فالقطاع الخاص ليس له مصلحة مباشرة في قيام الشركة من جديد فهو يعمل بمنطق "اكسب واجري" ولن يقوم بضخ استثمارات ضخمة يمكن أن تحقق عائداً بعد فترة طويلة فقد اتجه إلي اقامة مصانع لتجميع السيارات بعد احضار المكونات بالكامل من الخارج بل ان بعض المصانع تحضر السيارة بالكامل من الخارج وتدعي قيامها بتجميعها في مصر علي عكس الحقيقة وبالتالي فالشراكة مع القطاع الخاص ليست الحل السحري كما يروج البعض. * هل معني حديثك أن مصر غير مؤهلة لانتاج سيارة ملاكي في ظروفها الحالية؟ ** لا أريد أن أبدو متشائماً أو أصدر اليأس إلي الآخرين ولكن واقع الأمر يؤكد ذلك فانتاج سيارة ملاكي يحتاج استثمارات ضخمة جداً والجزء المهم منها وهو جسم السيارة يحتاج إلي التغيير كل سنة أو سنتين علي الأكثر لمواكبة ما يحدث من تطور هائل في أشكال السيارات الأخري وهذه الخطوة تحتاج الي "اسطمبات" للاشكال الجديدة وهي مرتفعة الثمن بشكل كبير بالاضافة الي أنك تحتاج إلي انتاج كميات كبيرة وزيادة الصادرات لتحقيق دورة مالية سريعة وكل هذه الاشتراطات أعتقد أنها غير متوفرة في مثل ظروفنا الحالية. * لكن هناك دولاً عديدة خاضت التجربة وحققت فيها الكثير من النجاح فلماذا لا نحاول؟ ** أعرف ذلك تماماً ولا أنكره وأبرز هذه التجارب التجربة التركية التي نجحت بفضل صناعة السيارات لديها في تحقيق طفرة كبري في الصناعة ككل ولكن هذا يعود إلي انها قامت بالدخول في شراكة مع شركات عالمية وتحديداً شركة فيات التي أقامت مصنعاً ضخماً في تركيا لانتاج السيارات الملاكي وأصبح لها اسم في الأسواق العالمية وقد حاولت أكثر من مرة أثناء تولي مسئولية ادارة الشركة تنفيذ هذه الخطوة وبالفعل نجحت في عقد اتفاق مبدئي مع احدي الشركات العالمية لتحقيق الشراكة للقيام بالانتاج المشترك ولكن القيادة السياسية في ذلك الوقت كانت ترفض ذلك وكانت تريد أن يكون الانتاج محلياً من الألف الي الياء حتي ينسب النجاح بالكامل لها ولمصر هو ما لم ننجح فيه للأسف بسبب عقبات عديدة. * وما ردك علي ما يقال من أن الادارات المتعاقبة علي إدارة الشركة كانت السبب في فشلها؟ ** لن أتحدث عمن سبقني أو من جاء بعدي ولكن سوف أتحدث عن الفترة التي قضيتها في إدارة الشركة فقد نجحت أثناء هذه الفترة ولأول مرة في ان تحقق ميزانية الشركة ربحاً تجاوز ال 45 مليون جنيه بعد نزيف من الخسائر المتتالية وأيضاً الشركة بصفة عامة كانت سبباً في احياء العديد من الصناعات مثل صناعة اثاث السيارات والبطاريات والكثير من الصناعات المكملة بل ان هناك مصانع كانت توجه معظم انتاجها لشركة النصر للسيارات مثل شركة النصر للمطروقات التي توقفت هي الأخري عن الانتاج الان ومصنع 9 الحربي للمسبوكات أي ان الشركة كانت عاملاً مهماً في انتعاش صناعات عديدة وفشلها لا يعود بأي حال من الاحوال كما يزعم البعض ولكن لظروف محيطة بها أدت الي تراجعها وتوقفها. * وما المجالات التي يمكن أن ننجح فيها فيما يتعلق بصناعة السيارات؟ ** هناك صناعة سيارات النقل التي حققنا فيها الكثير من النجاح كما قلت ومع إحداث بعض التطوير في منظومة الانتاج يمكن ان يصبح لنا اسم في الأسواق العالمية أو الاقليمية علي الأقل بالاضافة الي مجال في منتهي الأهمية نغفل عنه كثيراً وهو قطع الغيار حيث يوجد مئات الموديلات من السيارات تسير في شوارعنا وكل الاحتياجات الخاصة بها من قطع الغيار يتم استيرادها من الخارج مما يمثل استنزافاً لمواردنا المحدودة في الاساس من النقد الاجنبي ويمكن أن نوفر مبالغ لا يستهان بها اذا اتجهنا الي تصنيع قطع الغيار وليس شرطاً أن نبدأ بجميع الأنواع فهي عديدة ومختلفة بل يمكن أن تكون البداية بنوعين أو ثلاثة كما تفعل بعض الدول التي تحصر انتاجها علي عدد محدود من قطع الغيار وتتقنه جيداً فيصبح متميزاً للغاية ويغزو الاسواق الخارجية بجانب توفير النقد الاجنبي المستخدم في الاستيراد.