لا أدري لماذا هذا الإصرار الغريب من السيد وزير الأوقاف وموظفيه العاملين بالوزارة علي تعميم خطبة الجمعة المكتوبة علي الرغم من بيان هيئة كبار العلماء برئاسة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الذي رفض هذه الخطبة ووصفها بأنها تجميد للخطاب الديني وليست تجديداً له؟! جاء بيان هيئة كبار العلماء برئاسة شيخ الأزهر ليغلق الباب أمام اجتهادات التأييد والمعارضة لهذه الخطبة وليغلق باباً للفتنة فتحه السيد وزير الأوقاف ولا يريد إغلاقه.. وسار خلفه مؤيدوه من موظفي الوزارة حتي تجاوز الأمر مرحلة الإصرار إلي العناد.. بل إلي إعلان الحرب علي مؤسسة الأزهر الشريف.. "أي والله"!! وإلا فماذا نسمي البيان الصادر بالأمس عن القطاع الديني بوزارة الأوقاف؟!.. الذي -كما جاء في البيان- أنه يعبر عن قيادات القطاع من قيادات وعلماء أيدوا فيه اتجاه وزارة الأوقاف لتطبيق الخطبة المكتوبة.. وذلك عقب اجتماع قيادات القطاع الديني وشباب العلماء من حملة الدكتوراه وغيرهم بديوان عام الوزارة. لاحظت في البيان مكان انعقاد الاجتماع "ديوان عام الوزارة".. أي أن الاجتماع ربما كان في المكتب الملاصق لمكتب السيد وزير الأوقاف.. ولا يعقل أن يصدر بيان بهذه الصيغة دون أن يطلع عليه ويجيزه السيد وزير الأوقاف.. بما يعني أن البيان صادر عن وزير الأوقاف شخصياً!! البيان وجه حديثه بعد ذلك لوزير الأوقاف.. قائلاً: يسرنا أن نبايعكم علي الوقوف خلفكم صفاً واحداً لتحقيق الهدف المنشود مهما كلفنا ذلك الأمر.. فكلنا من خلفك جنود ومن ورائك حماة لهدفك.. والله لنا ومعكم معين وناصر.. نبذل قصاري الجهد من أجل ديننا الحنيف ووطننا الحبيب وأمتنا الغالية حتي آخر نفس نتنفسه.. ونحن مصرون وملتزمون طواعية وحباً وكرامة بالخطبة الموحدة المكتوبة!! ما هذه اللهجة العدوانية من موظفي الأوقاف وكأنهم مقبلون علي حرب؟!.. ومن هي الجهة التي يعلنون الحرب عليها ومواجهتها مهما كلفهم الأمر؟!.. ولماذا يصفون أنفسهم بأنهم جنود خلف وزير الأوقاف ومن ورائه حماة؟!! ما هذه الصيغة ولغة الخطابة الإنشائية التي عفا عليها الزمن؟!.. وهل هذا هو مستوي الخطابة لخطباء وزارة الأوقاف الذين سيكتبون خطبة الجمعة للمصلين؟! عقب صدور بيان هيئة كبار العلماء.. أصدر شيخ الأزهر تعليماته لكل علماء الأزهر والمنتسبين إليه بعدم الحديث في أمر الخطبة المكتوبة حتي لا يثيروا فتنة.. ولكن علي الجانب الآخر نجد السيد وزير الأوقاف يوافق ويبارك ويدعم عقد اجتماع في الغرفة المجاورة لمكتبه تتحدي شيخ الأزهر وهيئة كبار العلماء.. وتعلن إصرارها علي الخطبة المكتوبة.. ليس ذلك فحسب.. ولكن نشر الموقع الرسمي لوزارة الأوقاف أمس تقريراً إخبارياً جاء فيه: جددت وزارة الأوقاف موقفها بالمضي قدماً في تعميم خطبة الجمعة الاسترشادية المكتوبة.. وشددت علي خطبائها بضرورة الالتزام بها للجمعة المقبلة بعنوان "النظافة سلوك إنساني متحضر".. وذلك لحين الانتقال إلي الخطبة المعدة في إطار استراتيجية الأوقاف الشاملة لنشر الفكر الإسلامي المستنير.. والقضاء علي الفوضي في الخطاب الديني. هل رأيتم فتنة أشد من هذه بين المؤسستين الدينيتين في مصر؟!.. وهل رأيتم من الذي يرفض إثارة الفتنة ومن الذي يسعي لإشعالها؟!.. وهل عرفتم الآن مستوي الخطاب الديني الذي سيكون عليه حال خطبة الجمعة المكتوبة عند تعميمها؟!! يا معالي وزير الأوقاف.. إن شيخ الأزهر هو صاحب أعلي منزلة دينية في العالم كله وليس في مصر فقط.. وأن مؤسسة الأزهر الشريف هي أعلي مؤسسة دينية في العالم كله وليس في مصر فقط.. وعندما يصدر بيان من الإمام الأكبر أو مؤسسته أو أي اجتماع يكون مشاركاً فيه.. فعلي جميع المسلمين الالتزام به وأولهم السيد وزير الأوقاف. إنك بما تسلك ومن خلفك "جنودك" من موظفي وزارة الأوقاف تخسر كل يوم أرضية بين الناس لإثارتك الفتنة التي تضر الإسلام والمسلمين.. ولا تنفعهم. الناس لا تنسي لك ما أثير عن إساءتك لفضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب العام الماضي واضطرارك للذهاب إليه في بلدته بالصعيد وتقبيل رأسه لتنفي بذلك أي إساءة. مصر لا تحتمل الخلاف بين العلماء في أمر كهذا.. مصر تحتاج لتوحيد الجهود وليس تشتيتها. ننتظر منك ألا تكابر وأن تذهب إلي فضيلة شيخ الأزهر وتعلن من مكتبه التراجع عن الخطبة المكتوبة.. فالرجوع إلي الحق فضيلة.. أما في حال إصرارك علي المضي قدماً كما قال التقرير الذي أجزت بثه علي موقع الوزارة.. فساعتها ستكون من الداعين للفتنة بل والمصرين عليها.. وأشفق عليك من هذا الموقف في الدنيا والآخرة