دخل الإيرانيون في دور الإحساس بالإحباط الشديد. خاصة مَن يقودون التيار الإصلاحي. الذين يمثلهم الرئيس الإيراني الحالي "حسن روحاني" والرئيسان السابقان "هاشمي رافسنجاني" و"محمد خاتمي". وسبب الإحباط هو الفجوة التي تتسع كل يوم. ما بين الأحلام التي علقوها علي توقيع الاتفاق النووي مع الغرب. والواقع الذي فوجئوا به بعد التوقيع وحتي الآن. لقد توقع الإيرانيون أن الاتفاق سوف ينهي مشاكلهم إلي الأبد.. سوف يتم رفع العقوبات الاقتصادية التي عانوا منها ست سنوات. وسوف تتدفق عليهم الاستثمارات الأمريكية والأوروبية. وسوف يتم تطبيع العلاقات السياسية والدبلوماسية مع مَن أداروا ظهورهم لهم في السنوات الماضية. وفي نفس الوقت لن يدفعوا لقاء ذلك ثمنا كبيرا سوي "تأجيل" حلمهم النووي دون التخلي عنه. كان هذا ما بشرهم به الإصلاحيون الذين قادوا المفاوضات مع الغرب حول الملف النووي. رغم تحذيرات المرشد الأعلي للثورة "علي خامنئي" من المبالغة في التفاؤل بتوقيع الاتفاق. وبالفعل. ما أن تم التوقيع حتي بدأت العروض والوفود تتدفق علي إيران من الغرب. خاصة من الدول التي شاركت في المفاوضات والتوقيع.. ومعها وعود باستثمارات بمئات المليارات من الدولارات. فضلاً عن الإفراج عن الأرصدة الإيرانية المجمدة في البنوك الغربية. التي تقدر وحدها ب300 مليار دولار. وفي ظل هذا المد. أجريت الانتخابات البرلمانية الإيرانية. وكان طبيعياً أن يحقق فيها الإصلاحيون نصراً واضحاً.. أليسوا مَن نجح في تحطيم القيود الدولية التي كانت تكبل انطلاق إيران. ودعوتها إلي الالتحاق بقطار السياسة والاقتصاد العالميين؟!! لكن.. مع مرور الوقت. بدأ المد الغربي تجاه إيران في الانحسار. وبدأ الإيرانيون ينظرون في أيديهم.. ما الذي جنوه من ثمار الاتفاق النووي. فلا يجدون إلا القليل مما بشرهم به قادتهم وما حلموا به. توقعوا إطلاق طاقاتهم الإنتاجية والتصديرية إلي حدها الأقصي في مجال البترول بعد أن كبلتها العقوبات. فإذا هم يواجهون باتجاه عالمي بين المنتجين والمصدرين للبترول نحو تحديد سقف للإنتاج والتصدير حفاظاً علي مستوي مقبول من الأسعار. زيارات الوفود وما حملته من وعود. لم تثمر شيئاً ذا قيمة علي الأرض. العقوبات يجري رفعها من جانب الغرب "بالقطعة". ولا مانع من إعادتها مع أي خطأ ترتكبه إيران. ويرون فيه خروجاً علي بنود الاتفاق. لدرجة أن إيران اضطرت أن تتوسل إلي أمريكا هذا الأسبوع لتمارس نفوذها علي بنوكها والبنوك الأوروبية حتي ترفع هذه البنوك الحظر الذي تفرضه علي التعامل مع إيران. وكان طبيعياً أن يشكل هذا المناخ حالة من الإحباط العام لدي الإيرانيين. الذين تصوروا أن ثمار الاتفاق النووي سوف تتساقط عليهم بين يوم وليلة. وكان من أبرز مؤشرات هذا الإحباط. هو فوز مرشح التيار المتشدد "محمد جنتي" برئاسة المجلس الذي من أولي صلاحياته اختيار المرشد الأعلي الجديد للثورة في حالة وفاة أو عجز المرشد الحالي علي خامنئي. خلال مدة المجلس وهي ال8 سنوات القادمة. إلي أي مدي يمكن لهذا الإحباط الإيراني العام من الغرب أن ينعكس علي التوجهات السياسية الإقليمية لإيران التي استأسدت علي جيرانها العرب. مع توقيع الاتفاق. وظنت أنها قادرة علي ابتلاعهم دولة بعد أخري؟!! هذا سؤال يستحق المتابعة من كل المهتمين بشئون منطقتنا والعالم.