يدين القاص والمفكر والمترجم د.أحمد الخميسي في تكوينه الثقافي لمجموعة مؤثرات. منها قربة من شخصية والده الأديب الكبير الراحل عبدالرحمن الخميسي. وسنوات دراسته في أوكرانيا قبل انفصالها عن الاتحاد السوفيتي وقراءاته المتعمقة في الأدب الروسي. وترجمته لنماذج مهمة منه إلي اللغة العربية. يجيب عن السؤال: هل كان للأسرة دور في صقل موهبتك؟ يقول: حرمت من أبي عندما اعتقل في الفترة من 1953 إلي 1956 وقد أمضيت تلك الفترة مع جدي. ورأيي أن وجود الأب في حياة الابن مهم جداً. في عام 1966 كتبت قصة عن ولد يري أمه ووالده يملي عليها. ويردد "كومة" وكررت الكلمة لما أمليت موضوعاً لبنت الجيران قلت "كومة" وبالطبع لم أكن أعرف المعني. ولا عرفت هي بالتالي. ولما تعلمت القراءة والكتابة حررت بمفردي مجلة سميتها "مجلة اليوم" وكنا ستة إخوات. لم يكن منهم من يميل إلي القراءة أو الكتابة إلا أنا. الخلاص الروحي كانت لدي جدي مكتبة صغيرة قرأتها. وكان معظم ما بها للعقاد. وبعد أن خرج والدي من المعتقل. وجدت في بيتنا مكتبة كاملة. تضم ترجمات للأدب الروسي وقد أحببت الأدب الروسي للغاية. وأذكر أن يحيي حقي حكان أول من حفزني لقراءة ذلك الإبداع العظيم .فأبطالة مهمومون بالخلاص الروحي. وليست القضايا المعيشية. قرأت لتشيخوف وجوركي. واكتشفت بعد سفري إلي روسيا. أن الأدب الروسي شهد تطوراً لافتاً. وكان أميز من أعجبت بهم من الأدباء رسول حمازتوف. وهو شخصية عظيمة. تأثرت به كثيراً علي المستويين الأدبي والشخصي. ومن أهم الأدباء الذين تأثرت بهم أندريا بلاتونيف وهو غير معروف في بلادنا. لكن همنجواي قال إنه لولا بلاتونيف ما كتب رائعته العجوز والبحر. كما تأثرت بميخائيل بلوجاكوف. وتأثرت كذلك بالنهضة المسرحية الهائلة. وايضا فن البالية. وأدهشني الإنسان الروسي. فعندما غزت أمريكاالعراق. أحرق مواطن روسي في سيبيريا النائية نفسه. احتجاجاً علي الغزو. والشعب الروسي هو الشعب الوحيد الذي يمثل مزيجاً من الشرق والغرب. ثمة 20 مليون مسلم من التتار يعيشون علي نهر الفولجا. وبالمناسبة يحتفل التتريون حتي الآن باليوم الذي وصل إليهم مبعوث الخليفة العباسي. ونسأله: لما لا يصلنا الأدب الروسي.. لماذا لا نعرف عنه الكثير؟ يجيب: لعدة أسباب. منها انهيار الاتحاد السوفيتي. اختفاء دار التقدم التي كانت الدولة تنفق عليها. أصدرت ترجمات مهمة لأبي بكر يوسف من الأدب الروسي. بأسعار رمزية. كما كانت الدولة تنفق علي معهد الاستشراق لتوثيق العلامة مع المثقفين العرب. إلي جانب غياب المترجمين الاكفاء. وتوقف البعثات بصراحة البنية التحتية للترجمة ضربت!. الكوني يقرأ لنا 1⁄4 كنت تقيم في أوكرانيا. من كنت تتابع من الأدباء العرب؟ بهاء طاهر ومحمد المخزنجي. بالاضافة إلي ما كنت أستعيره من طلاب البعثات ومنه كتب نجيب محفوظ والطاهر وطار وعبدالسلام العجيلي وسعد الله ونوس وسعيد حورانيه. وثمة إبراهيم الكوني الذي كان يقرأ لنا مسودات أعماله قبل أن ينشرها. وكذلك قصائد جيلي عبدالرحمن. 1⁄4 هل بدأت الكتابة الإبداعية في روسيا؟ يجيب: طبعاً. كنت أكتب وأمزق. لم تكن عندي لهفة علي النشر. وترجمت كتابين عن الشيشان. وعن نساء الكرملين. وترجمت مجموعة "راحة الخبز" ومقالات في الأدب والفن لمجموعة من الكتاب. 1⁄4 يري البعض أن القصة القصيرة ماتت؟ بالعكس. إنها فن لا يمكن أن يموت لكن الاهتمام يقل بها في بعض الأحيان. أذكرك بقصة "الحرب" لبرانديلو وقصة "موت موظف" "لتشيكوف" و"نظرة" ليوسف إدريس. عاشت وغيرها من القصص القصيرة عشرات الأعوام. بينما لم يخلف الكثير من الروايات أصداء من أي نوع القصة القصيرة قادرة علي التعبير. ولها ايقاعها السريع. ولعلي استطيع أن السنوات القادمة هي سنوات القصة القصيرة. 1⁄4 ما رأيك إذن في القصة القصيرة جداً. أو القصة الومضة؟. هي تجربة. كتبت الكثير من القصص الكثيرة لكنني لم أكتب القصة الومضة. ذات السر أو السطرين. إنها ما تزال في مرحلة الاختبار. هل ستتحولين إلي حالة سريعة وتختفي. أو تتهجن داخل الأشكال السردية؟.. عموماً. فإن الكثير مما نقرأه الآن لا يمت للأدب بصلة يذكرنا بظهور قصيدة التفعيلة. وما طرحته من أسماء كثيرة. لم يبق منها سوي عبدالصبور وحجازي. 1⁄4 عملت بالصحافة والإعلام.. ما مدي تأثيرهما علي إبداعك؟ أهمية الصحافة للأديب أنه يراجع لغته أولاً بأول. ويعرف أنه يكتب لقارئ وليس لنفسه. وحتي الآن. لازلت أتهيب الكتابة الأدبية. وأشعر انني أمام عملية ضخمة. وأضحك عندما يسألني أحد: لماذا لا تكتب رواية؟. 1⁄4 ما رأيك في المشهد الثقافي المصري؟ كما أري فإن المثقفين علي استعداد للاعتصام كي ينحوا وزيراً. لكنهم غير مستعدين للنضال ضد تدهور الثقافة. نثور لمصادرة رواية ولا يستوقفنا مقتل مواطن في حادثة توك توك بشبرا. نحن طائفة تدافع عن نفسها. وليس عن المجتمع بعامة وربما هذا شأن المثقفين هنا. وفي الخارج. 1⁄4 بالمناسبة. ما رأيك في أزمة اتحاد الكتاب؟. من الواضع أن استقالة رئيس الاتحاد هي الحل الذي يطلبه الجميع. ورأيي أنه لابد من تدخل الجمعية العمومية لحل المشكلة. 1⁄4 المسابقات والجوائز.. أفادت الإبداع أو العكس؟ أفادت من حيث توافر درجة من الاهتمام بالأدب. وإلقاء الضوء علي الأديب. وتمكين الكاتب من الحصول علي مورد مادي. وإن كنت ألاحظ أن البعض يكتب خصيصاً من أجل الحصول علي جائزة!. الأخطر أن المسابقات خلقت وهماً هو أن الجائزة تعطي للأديب قيمة. وهي تتويج للقيمة. وهناك تعدد الاتجاهات السياسية والأهواء الخاصة لكن الجوائز في الأغلب مفيدة ومطلوبة.