المخطوطات المصورة في مصر التي بقيت حتي عصرنا الحاضر نادرة إذا قارناها بأمثالها في العراق أو إيران أو تركيا.. وهذه الندرة لا ترجع إلي نقص في كفاءة الفنانين أو مقدرتهم. وإنما لاختلاف المواقف المؤيدة والمعارضة لرسم الكائنات الحية والشخصيات الدينية. والنماذج التي لدينا في متحف الفن الإسلامي أو في غيره من المواقع تدل علي ارتفاع المستوي الفني لإنتاج المصورين والرسامين في مصر. ان الطاقة الفنية للرسامين خلاف العصر المملوكي ثم العثماني والتركي: فركزت في مجالات تزيين المخطوطات والمصاحف التي يكتبها الخطاطون. ولهذا تعتبر مصر تملك أغني وأكبر مجموعة باقية إلي عصرنا الحاضر في هذا المجال.. ان زخارف المخطوطات في متحف الفن الإسلامي تتميز بالدقة والثراء في الاشكال الزخرفية مما يجعلها نماذج للدراسة لمن يرغبون في تعلم كيفية كتابة الخط العربي من الكتب المصورة باعتبارها أجمل النماذج. معظم المخطوطات الباقية وخاصة المصاحف كانت تكتب أولاً ثم تعطي للرسام ليقوم بزخرفتها وبعد ذلك تجلد تجليداً فاخراً وتحفظ في المدارس والمساجد الملحقة بالاضرحة التي بناها المماليك لأنفسهم. ولتصبح بعد ذلك من مكونات الوقف علي تلك المساجد أو المدارس. كانت النصوص في المخطوطات تكتب بالقلم النسخ المغربي.. التنقيط والتشكيل ملونان.. والعناوين مكتوبة بالقلم الكوفي. والصفحات مزينة بزخارف عربية "زخارف هندسية مع توريق".. وكان أشهر الخطاطين في العصر التركي هو "محمد بك" ويرجع تاريخه إلي عام 1730 ميلادية وله مصحف فاخر محفوظ في دار الكتب المصرية.. النص المكتوب بالحبر الأسود علي أرضية بيضاء يمثل البؤرة التي يرتكز عليها تصميم هذه الصفحة وسط بحر الزخارف المحيطة بها. وقد استخدم الرسامون إلي جانب اللون الأسود واللون الأزرق والأحمر والوردي إلي جانب اللون الذهبي.. ان الزخارف تمثل اطاراً أو تتويجاً للنصوص المكتوبة. استخدمها الفنان ليشغل فراغ الصفحة ويعطي في نفس الوقت احساساً صوفياً بالمجرد المطلق الذي ليس له بداية وليس له نهاية.. مع الفخامة والثراء المتمثلين في الإسراف في استخدام اللون الذهبي علي أرضية زرقاء. أو الذهبي علي أرضية وردية.