بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    بعد تراجع قواته، قائد الجيش الأوكراني يكشف الوضع في الجبهة    قيادي في حماس ينفي الرد على مقترح إسرائيلي خلال المفاوضات بشأن غزة    التهديد الإرهابي العالمي 2024.. داعش يتراجع.. واليمين المتطرف يهدد أمريكا وأوروبا    عبد الواحد السيد يكشف سبب احتفال مصطفى شلبي أمام دريمز الغاني    الزمالك: لا عقوبات على مصطفى شلبي.. كان يشعر بالضغط    صحة قنا: 4 حالات مازالوا تحت الملاحظة في حادث تسريب الغاز وحالتهم على ما يُرام    حار نهاراً ومائل للبرودة ليلاً.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم    مصرع 5 أشخاص في انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    أول تعليق من زاهي حواس على حملة الهجوم ضده في الإعلام العبري    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    تحرك عاجل من الخطيب ضد السولية والشحات.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    ميدو: لو أنا مسؤول في الأهلي هعرض عبد المنعم لأخصائي نفسي    بعد حركته البذيئة.. خالد الغندور يطالب بمعاقبة مصطفى شلبي لاعب الزمالك    عمرو أديب: أتمنى أن يحقق الزمالك البطولة ونعيش مرحلة جبر الخواطر    ميدو: سامسون أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    "بلومبرج": الولايات المتحدة تضغط من أجل هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الإثنين 29 أبريل 2024    "بحبها ومش عاوزه ترجعلي".. مندوب مبيعات يشرع في قتل طليقته بالشيخ زايد    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    ملف يلا كورة.. الزمالك يتأهل لنهائي الكونفدرالية.. وطائرة الأهلي تتوّج بالرباعية    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    هل مشروبات الطاقة تزيد جلطات القلب والمخ؟ أستاذ مخ وأعصاب يجيب    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    فيصل مصطفى يكتب: عجلة التاريخ    معاداة الصهيونية.. انقسام جديد يهدد النواب الأمريكي    مصطفى عمار: الدولة خلال 2024 تضع على عاتقها فكرة التفكير في المستقبل    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    4 مليارات جنيه لاستكمال المرحلة الثانية من مبادرة حياة كريمة لعام 24/25    الاقتصاد الأمريكي يحتاج لعمال.. المهاجرون سيشكلون كل النمو السكاني بحلول 2040    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    على مدار نصف قرن.. سر استمرار الفنان سامي مغاوري في العمل بالفن    ندوة حول تطور أذواق المستهلكين بالمؤتمر الدولي للنشر بأبوظبي    حدث بالفن| وفاة والدة فنان وأزمة بين بسمة وهبة وفنانة شهيرة وإيران تمنع مسلسل مصري من العرض    نجوى كرم تشوق الجمهور لحفلها في دبي يوم 3 مايو    عمرو أديب يكشف تفاصيل إصابته ب جلطة في القلب    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    مناطق روسية تتعرض لهجمات أوكرانية في مقاطعة كورسك    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    وظائف خالية ب الهيئة العامة للسلع التموينية (المستندات والشروط)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة واقعية من بطولات رجال الصاعقة خلال حرب أكتوبر المجيدة
نشر في المساء يوم 09 - 10 - 2015

وعاد صوت الطلقات يدوي مرة أخري في الأمام كان بعض أفراد العدو قد تمكنوا تحت ستر القصف الشديد من الالتفاف يمين الموقع وعندما رفع الرقيب عبدالله رأسه ليلقي نظرة سريعة امامه. وجد مجموعة من الأفراد بعضهم يسحب جثث القتلي الذين سقطوا أمامه والبعض الآخر يتقدمون بالوثبات وهم يطلقون النار بغزارة علي المجموعة الأمامية التي فوجئت بالنيران الكثيفة تأتي من الجانب الأيمن.. وعلي الفور ارتفع الرقيب الذي استشعر الخطر الداهم فوق حفرته وأخد يطلق النيران علي ثلاثة أفراد كانوا يسترون تقدم مجموعة أخري واختلطت صرخة أفراد العدو بصرخة الرقيب الذي انفجرت إحدي القنابل أمامه فشعر أن قضيبا من الحديد الساخن يخترق عينه اليمني. وسقط في حفرته وهو يصرخ مناديا زميله: احترس يا مصلح إنهم يقتحمون الموقع.
حدث كل ذلك في ثوان قليلة كان فيها الجندي محمد مصلح ينزع فتيلة الأمان من قنبلتين يدويتين يحملها معه وصعدت الدماء في رأسه وهو يسمع صرخة زميله وعندما ارتفع برأسه فوق الحفرة كانت سحابة كثيفة.
من الدخان تغلي مواجهة تلك الناحية من الموقع ولكنه استطاع أن يري وسط ذلك الدخان الأبيض جنود الأبيض جنود العدو يندفعون نحوه حتي أوشك أحدهم أن يسقط في حفرته فسارع باخفاض رأسه حتي ابتعدوا قليلآ داخل الموقع ثم رمي ناحيتهم قنبلة دفاعية وانتظر أن تنفجر وطال انتظاره القلق لسماع صوت الانفجار ولكن القنبلة ظلت صامته غير أنها أجبرت تلك المجموعة من جنود العدو علي الرقود عند سماعهم صوت ارتطامها بالأرض.
إن حجرآ صغيرآ في الحرب يسقط بين الجنود كفيل بإلقائهم علي الأرض يدفنون رؤوسهم في الرمال ويلفون أذرعهم في حركة لا إرادية حول رؤوسهم أنها الرغبة اليائسة في الحياة.
وتنبه قائد الداورية لما يحدث يمين الموقع فنادي بأعلي صوته
يا عبدالله إلحق يا عبدالله.
وسمع الرقيب الذي كاد الألم في عينيه أن يذهب عقله صرخة قائده فتناول سلاحه ووضع بداخله آخر خزنة من الذخيرة يحملها وارتفع برأسه قليلآ والدماء تغلي رقبته حتي أمكنه أن يري مجموعة من جنود العدو أمام حفرته ورآه أحدهم فأشار نحوه وسرعان ما انهالت الطلقات تمزق فوق رأسه فانز لق مسرعآ داخل الحفره وشعر بوقع الأقدام تقترب منه.
وعندما يدرك الإنسان في المعركة أن الموت قد أصبح محققآ فإن الشجاعة تتعالي لتتخطي حدودها المألوفة وتلك المواقف هي التي تسطر للتاريخ بطولات الرجال لقد تقدم أفراد العدو من الحفرة يحاولون أسر الرقيب الجريح ولكنه ارتفع فجأة ليحصدهم أمام حفرته ويضعون هم حدآ لآلامه المبرحة.
أخذ يوسف هو وأفراد اللاسلكي علي مقربة منه يطلقون النار علي مجموعة العدو التي نجحت في اختراق الجانب الأيمن.
سرعان ما تنيه الملازم أحمد إلي ذلك الخطر الداهم الذي يحدث يمين مجموعة فأمر الجندي الحسيني بأن يسرع بالتعامل معهم واستدار هذا برشاشه إلي الخلف بسرعة فائقه وأخذ يطلق النار علي أفراد العدو الذين اسرعوا بالهرب خارج الموقع تحت حماية فردين أخذا يطلقان النار بغزارة نحو حفرة قائد الداورية ولكن شكاير الرمال حول الحفرة امتصت تلك الطلقات الهستيرية ولم يقدر لهذين الفردين أن ينهضا من رقدتهما فقد حولهما رشاش الجندي الحسيني إلي جثث هامدة كآلاف الجثث التي كانت تفترش صحراء سيناء في هذا اليوم.
وسارع الجندي محمد مصلح ليقذف قنبلته علي أفراد العدو وهم يندفعون بجوارخارج الموقع بعد ان دعا الله الاتخذله ولم تخذله القنبلة هذه المرة فقد انفجرت تحت اقدام الجندي واثارت صرخات الموت حمية الجندي الذي سارع بتناول بندقيتة وارتفع ليطلق النار علي فردين من مجموعة الساترة خارج الموقع اندفعا لسحب زملائهما ولكن عندما ضغط علي الزناد لم تخرج الطلقات التي اهتز كتفه هو يتوقع اندفاعها لقد فرغت ذخيرته وصمت سلاحه وعندما يصل حظ الانسان الي هذه الدرجة من السوء يصبح من بين الاحاسيس التي تجتاحه في مثل هذه اللحظات احساس بقرب النهاية ولم يطل انتظار الجندي محمد مصلح لنهايته طويلآ فقد انهمرت الطلقات حوله كالسيل الجارف ولم تبدر منه صرخة ألم واحدة وهو يسقط داخل حفرته.
وعاد القصف مرة أخري يدك الموقع الصامد واشتد القصف هذه المرة عن المرات السابقة وكان أفراد العدو الذين حاولوا اقتحام الموقع من الجانب الأيمن قد ارتدوا نحو التبة التي يحتلها بقية أفراده بعد أن فشلوا في مهمتهم وتركوا خلفهم عددآ من القتلي لم يتمكنوا من سحبهم وأيقن قائد الداورية أن الوقت قد حان لإخلاء الموقع لقد أوشكت الذخيره علي النفاد ولم يعد في مقدوره هو ورجاله أن يوقفوا تقدم العدو إذا ما حاول مرة أخري اقتحام الموقع وتقدمت إحدي العربات للأمام في محاولة لإخلاء القتلي والجرحي ولكن الرقيب عزت شوشة اطلق أحد الصواريخ نحو العربة ومرق الصاروخ فوق رؤوس أفراد العدو في مواجهة الموقع وسمع صراخهم في هلع يختفون برؤوسهم داخل الحفر وكان هذا الموقف كافيآ لإلقاء المزيد من الرعب في قلوبهم إن الصمود في المواقع لا بد أن يتسم بالبراعة والذكاء في إدارة النيران فحين يعتقد العدو أن الانهيار أصبح وشيكآ تكون النيران القوية المفاجئة كافية لنسف هذا الاعتقاد وكان هذا الصاروخ في هذا الوقت الذي كان كل فرد في الموقع يحصي ما معه من طلقات تعد علي أصابع اليد واحدآ من المفاجآت الذكية لهؤلاء الرجال ولم يكن العدو بعد أن تدمرت العربة تدميرآ مروعآ يدرك أن هذا الصاروخ هو الأخير في الموقع ومع ذلك ظل يدك الموقع بعنف بالغ دون أن يجرؤ علي اقتحامه وانسحبت الدبابات والعربات إلي الخلف مسرعة خوفآ من جحيم الصواريخ التي نفدت.
وتمكن العريف فتحي في المجموعة الأمامية من اصطياد أحد أفراد العدو يحمل جهازآ لاسلكيآ فوق ظهره ويدير نيران المدفعية وانهالت الطلقات حوله غزيرة وطائشة لتصيب أحداها رأس العريف أحمد مسعد اصابة سطيحة وفوجئ زملاؤه به ينهض من حفرته صارخآ
الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدآ روسول الله الله أكبر ولكن الجندي داود الذي كان يرقد بجواره صاح فيه مهددآببندقيته.
ارقد أيها الحمار و إلا قتلتك فرقد العريف الذي كان يعتقد أن إصابته قاتلة واندفعت الطلقات تمرق فوق رأسه فقد كانت وقفته مفاجأة للعدو ولكنها طاشت لينجو من موت محقق وأصبح علي لسانه مثل لايفتأ يردده ضاحكآ "اعطني عمرآوارمني البحر".
واتخذ قائد الداورية قراره بالاسراع نحو الملاحات فمهما يحدث من أمر فإن ذلك أهو من أن يظلوا في حفره حتي يكتشف العدو حقيقة موقفهم وعندما هدأ القصف عليها أرسل الملازم ريان ليخبر قائد المجموعة الأمامية بستر انسحاب الداورية ثم التخلص من الموقع فردآ فردآ وارسل معه الجندي نوار ومعه بعض خزن الذخيرة التي يحميها أفراد نقطة ملاحظة قائد الداورية كانت الشمس قد اختفت وراءهم وبدت لحظة الغروب حمراء داكنة كأنهة تعكس لون الدماء التي سالت علي تلك البقعة من أرض سيناء وبدا واضحآ للرجال أن أفراد العدو قبالهم لايقلون عنهم تعبآ وارهاقآ إن نيرانهم لم تعد غزيرة ورؤسهم لم تعد تجرؤ علي الظهور فوق الحفر ولم يكن هناك من شئ يخشونه سوي نيران المدفعية والهاونات التي عرفت طريقها إلي الموقع وأصبحت تمثل خطرآ شديدآ عليهم.
خرج يوسف من حفرته بعد انفجار إحدي قذائف الهاون علي مقربة منه وأسرع يندفع منحنيآ نحو الموقع الخلفي الذي تحته مجموعة الشهيد إبراهيم.وقال للرقيب محفوظ الذي تولي القيادة بدلآ من قائده
يا محفوظ سوف نبدأ الآن في الارتداد إلي مواقعنا عن طريق الملاحات وستقود رجالك وتلتف حول النقطة القوية.
إننا لو خرجنا يا فندم فسوف يتصيدوننا.
ادفع بالجنود في مجموعات صغيرة ليسرعوا داخل مياه الملاحات إن المجموعة الأمامية سوف تمنع العدو من مطاردتكم وتفرقوا في ارتدادكم حتي لا تؤثر عليكم المدفعية.
حاضر يا فندم ولكن ماذا سنفعل بالحمولات التي معنا؟ اترك كل شئ عديم القيمة خففوا علي قدر الإمكان.
وماذا ستفعل المجموعة الأمامية؟
فاشتد حنق قائده وقال بغبظ: إنك كثير الكلام ايها الرقيب نفذ ما آمرك به فليس لدينا وقت وعندما شعر أن الرقيب محفوظ كان ينتابه القلق علي زملائه في الأمام. هدا من ثورته واستطرد يقول: إنني سأدبر أمرهم فلا تقلق هذا واجبي.
وعندما بدأت أول مجموعة من رجال الموقع الخلفي في عبورتلك المسافة الضحلة بين الطريق والملاحات اشتد قصف المدفعية والهاونات وتوالي سقوط القذائف داخل الموقع وحوله وعادت تظلله سحب الغبار والدخان مرة أخري لقد اكتشف العدونية الرجال ورغم شدة القصف وضراوته لم تجرؤ عرباته أو دباباته علي التقدم خطوة واحدة فقد كانت المجموعة الأمامية لا تلبث أن ترسل إلي الموقع الذي يحتله أفراد العدو إثباتا بالوجود القاتل. يتمثل في بعض دفعات من النيران أو واحدة من القذائف الصاروخية أو القنبلة يقذف بها كأس اطلاق واستمر رجال الموقع الخلفي يندفعون نحو الملاحات بين قصفات المدفعية وكانت وصية قائدهم تملآ سمعهم وهم يندفعون خارج الموقع
لقد قال لهم:
عندما تسمعون صوت الصفير ارقدوا علي الأرض منتشرين وعندما يحدث الانفجار اسرعوا بكل ما تملكون من قوة نحو الملاحات كلما توغلتم مسافة أكبر زادت فرصتنا في الوصول إلي مواقع قواتنا.
وهكذا بدأ الرجال رحلة العودة إذ لم يعد هناك ما يوجب بقاءهم كما لم تعد لديهم الذخيرة والمؤن الضرورية لاستمرار صمودهم ولقد أوقعوا بالعدو خسائر جسيمة وكان قتالهم بارعاً وذكياً وامضوا ثلاث ليال في عمق دفاعاته يقفون في طريقه كما يقف الجبل الأشم يمنعونه من التقدم. وينفذون مهمتهم بفدائية وشجاعة مذهلة حتي صدرت إليهم أوامر العودة يقول قائد الدورية:
"إنني حينما قررت الصموت حتي يصل الماء كنت أقدر أنني تحت ملاحظة العدو ومراقبته وكنت أدرك أننا لو جازفنا بالخروج من موقعنا في وضح النهار. سوف نتعرض لهجمات العدو وعندما أدركت أنه لم يعد بوسعنا أن نفعل أكثر مما فعلنا وأن أي تأخير في ارتدادنا سوف يعرضنا للهلاك بلا فائدة قررت أن أبدأ عملية الارتداد رغم مخاطرها وكنت مقتنعاً أنه لابد من المحاولة ومهما يحدث في الأمر فلن تكون العاقبة أسوأ من استمرارنا في أماكننا أنني أشعر أننا أدينا واجبنا علي أكمل وجه وكنت أود لو كانت النقطة قد سقطت وتحقق اتصالنا بقواتنا ولكن علي الإنسان أن يدرك أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن فإن ذلك يعد أمراً متوقعاً خاصة في القتال داخل عمق العدو".
ولعل القاريء الآن متلهف علي معرفة موقف المجموعة الأمامية التي كان لها الفضل الأكبر في تأمين عودة الدورية إلي خطوط قواتنا والحقيقة أن رجال هذه المجموعة جديرون بأن نحني هاماتنا إجلالاً لبطولتهم فقد كانوا يقاتلون وهم يدركون تماماً أنه لا أمل لهم في العودة بل ويعرفون أن الموت أقرب إليهم من مجرد التفكير في النجاة ولكنهم وهم يشعرون بعظمة الدور الذي يلعبونه هانت عليهم أرواحهم وهانت عليهم الحياة كلها ولم يعد هناك من أمل ينشدونه أو هدف يهفون بأفئدتهم إليه سوي أن ينجحوا في ستر زملائهم حتي يتمكنوا من العودة سالمين لقد ظل في الموقع الأمامي أربعة رجال فقط استمروا يطلقون النار علي فترات متقطعة ليدخلوا في نفس العدو أن الموقع مازال قادراً علي الصمود وكانوا يتعرضون من حين لآخر لبعض نيران العدو وقذائفه ولكن الهدوء التام قد بدأ يلف المنطقة تماماً مع حلول الظلام ولم يعد أحد من الجانبين يطلق نيرانه نحو الآخر.
خشي الرقيب عبدالمعز أن ينادي علي أحد من الرجال الثلاثة الباقين معه. فذلك شيء غير مستحب في مثل هذه المواقف إن أية حركة أو أشارة تعد هدفاً لنيران العدو وسط هذا الجو الحالك ولكنه كان يريد أن يعرف من هم هؤلاء الرجال وكان يريد أن يتدبر الأمر معهم يقول الرقيب: لقد مضي بعض الوقت علي بدء عودة الدورية وكان التقدير المرجح أنهم قطعوا شوطاً كبيراً داخل الملاحات كما أن الطلقات الباقية معي لم تكن تحتمل ضغطتين طويلتين علي الزناد وأخذت أفكر لماذا لا نحاول في هدوء وصمت أن نخرج من حفرناً؟ ثم نبدأ العدو داخل الملاحات مستترين بالظلام إنها محاولة لن نخسر فيها كثيراً فنحن في موقفنا هذا قد تهيأنا نفسياً لتقبل فكرة الموت كنا ننتظره ونتوقعه بين لحظة وأخري ولما طال انتظارنا وسكتت نيران العدو عاد الأمن الذي كنا قد فقدناه يراودنا وعاد التفكير في النجاة يداعب مخيلتنا إذن إن الإنسان دائماً يفكر في الحياة حتي وهو يواجه امتحان الموت وعقدت العزم علي الخروج من الحفرة والزحف إلي الخلف بعيداً عن قمة التبة لأحقق الاتصال مع الرجال الثلاثة في الموقع وتوكلت علي الله بدأت في تنفيذ الفكرة.
خرج الرقيب من الحفرة ملتصقاً بالأرض وهو يحرص حرصاً شديداً علي عدم إحداث صوت يلفت الانتباه وأخذ يزحف حتي سقط في المنحني الخلفي للتبة ثم نهض من رقدته وأخذ يتحرك منحنياً في اتجاه الحفرة التي علي يساره وبصوت خافت كالفحيح راح ينادي.
يا وحش أنت يا وحش ولكن أحداً لم يجبه فصعد فوق التبة زاحفاً حتي اقترب من الحفرة ومد يده يهز كتف الرجل الذي كان راقداً فوق بندقيته وهو يتساءل هامساً: من أنت يا وحش؟
وفوجيء بأن الجسد الذي يهزه قد فاضت منه الروح ولم يعد سوي جثة هامدة ولا حياة فيها وارتكز علي ركبتيه ومد يديه الاثنتان نحو رأس ذلك الجسد المسجي فوق سلاحه وهم برفعها ليري من يكون ولكن الجسد سقط داخل الحفرة فتدلي عبدالمعز بنصفه العلوي غير مبال لما قد يحدثه ذلك من ضوضاء تجذب إليه انتباه العدو ورغم أنه يعرف أن بعض زملائه قد لاقوا نفس المصير الذي يراه جاثماً أمامه إلا أن رغبة جارفة دفعته ليتحقق من شخصية ذلك الشهيد البطل ولم يصدق عينيه عندما أدرك من يكون لقد كان الملازم محمد خميس الذي كان يخضو أول معركة في حياته وهي الأخيرة أيضا لقد أصيب برصاصة في جبهته وكان جسده لايزال دافئاً وأغمض عبدالمعز عينيه علي المشهد المؤلم وعاد يرفع رأسه بعد أن أراح العينين الضاحكتين حتي في لحظات الموت وتقهقر من فوق التبة وفي رأسه شريط حافل بعاطر الذكري لذلك الملازم الشجاع لقد كانت نهاية رائعة لجندي في المعركة.
وبخطوات حزينة وحذرة راح الرقيب عبدالمعز يتحرك نحو الحفر التي كانت تخرج منها النيران في الموقع ولكنه قبل أن يصل إليها سمع صوت أقدام تبتعد نحو البحر وأدرك أن هناك من روادته نفس الفكرة التي خطرت له ولكنه ظل في دهشة لماذا يتجهون نحو البحر إنه جنون أن يحاول أحد العودة عائماً ولكن ذلك الجنون قد صنع قصة طريفة ومثيرة سنعود إليها فيما بعد وراح الرقيب عبدالمعز يأخذ طريق العودة متجهاً نحو الملاحات وهو يدعو الله ألا يكتشف العدو خلو الموقع قبل أن يتوغل بعيداً عن متناول أسلحته ولقد استجاب الله لدعائه لبضع دقائق فقط استطاع أن يقطع فيها المسافة بين الموقع الأمامي والموقع الخلفي وعندما هم بالعدو نحو الملاحات انشق ذلك السكون الذي غرقت فيه المنطقة فجأة بصوت المدافع وهي تعود بصوتها المكتوم الذي يثير الأعصاب وصفير قذائفها الذي يبعث الرعب في الأوصال وصوت انفجاراتها الذي يدوي في الآذان ويهز بعنف أرجاء النفس والمكان لقد عادت مدافع العدو مرة ثانية تمارس عملها الروتيني فوق الموقع واندفع الرقيب نحو كومة من الرمال المتخلفة في حفرة صغيرة وأخفي رأسه خلفها وفوجيء بالقذائف تنفجر بعيداً داخل الملاحات رغم أن ذلك قد أثار مخاوفه علي رجال الدورية إلا أنه شعر بأنه يملك فرصة ذهبية للنجاة ولم يضع الوقت فهب من رقدته وهم بالاندفاع نحو الملاحات ولكنه تعثر فجأة في جسم صلب طرحه علي الأرض منكفئاً علي وجهه وكاد ينهض ويتابع عدوه معتقداً أنه تعثر في حجر ولكنه توقف فجأة عندما لاحظ وجود جسم لامع يبرق من المكان الذي تعثر فيه فاقترب في حذر ليفاجأ بالجندي علي سليمان وهو يقبض علي بندقيته بشدة وقد فارق الحياة لقد أصيب ذلك الجندي الذي ظل يقاتل حتي فرغت ذخيرته بشظية في رقبته وسالت دماؤه حتي نضبت من عروقه فتحجرت أصابعه علي سلاحه ولم يتمكن عبدالمعز من سحبها منه فواصل اندفاعه نحو الملاحات ووسط انفجارات القذائف التي كانت تنفجر في كل مكان حوله كأنها تطارده كانت رحلة العودة الشاقة لذلك الرقيب الشجاع وفي حين تمكن رجال الدورية من الوصول إلي الموقع الأول لقواتنا شرق بؤرفؤاد بعد منتصف تلك الليلة ضل الرقيب عبدالمعز طريقه في الملاحات حتي طلع نهار اليوم التالي وبدأت الشمس تلهب رأسه وأحس بأن قواه قد خارت تماماً ولم تعد قدماه تقويان علي حمله فسقط مغشياً عليه لا يدري عما حوله شيئاً وعندما أفاق من غشيته وجد نفسه محاطاً بعيون تراقبه في اهتمام وهو لشدة ضعفه لا يعرف أن كانوا مصريين أم إسرائيليين ولكنه صمع صوتاً يصافح أذنيه ويبعث في نفسه سعادة وطمأنينة لقد وقع الرقيب علي مقربة من أحد المواقع المصرية شرق التبة وكانت اللهجة المصرية التي سمعها عبدالمعز من أفواه رجال ذلك الموقع إشارة أمان لنجاحه في العودة بعد تلك الأيام الحافلة.
ولم يبق من أحداث نتابعها عن معركة هؤلاء الرجال الأبطال سوي القصة التي تعد غريبة في نوعها وفي الظروف التي أحاطت بها وأيضا في الدروس المستفادة التي أظهرتها ولعل الذين كانوا يخططون للهجوم علي النقطة القوية شرق بورفؤاد يجدون في قصة الرجلين اللذين اختارا البحر طريقاً للعودة إلي مواقع قواتنا شيئاً يثير اهتمامهم.
كان العريف فتحي مصطفي والجندي صبري عرفات يتجاوران في حفرتين يسار الموقع الأمامي ضمن الرجال الذين أخذوا علي عاتقهم البقاء في الموقع لستر زملائهم الذين صدرت إليهم أوامر العودة وعندما هدأت نيران العدو وسكتت حركته قال الجندي صبري للعريف فتحي هامساً: هل تعتقد أن هناك آخرين غيرنا في الموقع؟
لست أدري يخيل إلي أننا بمفردنا إن العدو فيما يبدو يلتقط أنفاسه لمحاولة أخري.
إنني أفكر الآن ما الذي بوسعنا أن نفعله إذا هجموا علينا؟ ما موقف ذخيرتك؟
لم يعد لها موقف لقد انتهت حتي القنابل اليدوية لم يعد هناك من يلقي بها إلي لقد أصبحت "كخيال المآتة".
إن ما معي تقريباً وصلة شريط.
هل تعتقد أن الدورية سوف تنجح في العودة؟
ربنا معاهم إن مدفعية العدو طاردتهم بعض الوقت ولكنني أعتقد أنهم سينجحون.
وسارت بينهما فترة صمت ولم يلبث أن قطعها العريف قائلاً: ما رأيك لو حاولنا نحن الخروج من هنا؟ أخشي أن يكتشف العدو أن الموقع قد خلا فيدفع عرباته ودباباته تطاردناً إن وجودنا بهذه الطلقات القليلة يثير مخاوفهم ويبقيهم في أماكنهم إنني أفضل أن ننتظر قليلاً.
ننتظر ماذا؟: إن الدورية قد قطعت شوطاً كبيراً داخل الملاحات لقد مضت ساعتان علي خروجهم إنني لم أعد أري داعياً لبقائنا إلا إذا كانت لدينا نية لزيارة إسرائيل.
إن الموت عندي أفضل مما تقول أيها الأحمق .
إذن هيا بنا وربنا يوفقنا.
وزحف الاثنان ببطء وحذر خارج حفرتيهما حتي سقطا خلف التبة واندفعا بحذاء ساحل البحر نحو التبة الخلفية وعندما هما بالانحراف نحو الجنوب ليصلا إلي الملاحات انطلقت قذائف مدفعية العدو وأسرعا إلي حفرتين قريبتين يحتميان بداخلها من شظايا الانفجارات وتوالت القذائف تعبر فوقهما في طريقها إلي الملاحات وكان بعضها يسقط داخل الموقع الخالي وخشيا أن يكون ذلك القصف تمهيداً لهجوم جديد وقال العريف فتحي متسائلاً في قلق: ماذا ستفعل؟ إن الشظايا تصفر فوق رؤوسنا بعنف.
لابد أن نخرج من هنا ندخل إلي مياه البحر
ماذا؟هل جننت. لا اطمئن إن هذه الأفكار لا ترد إلي خاطر مجنون إنها أفكار العباقرة.
يا أخي بالك رايق القصف يشتد وأنت تهرج؟
يا أخي أنا لا أهرج أنا شخصياً معجب بهذه الفكرة وسوف أرجع عن طريق البحر سواء صحبتني أو لحقت بالدورية إن البحر هو طريق النجاة الآمن هيا بنا ولا تضيع الوقت.
ولم يترك لصاحبه فرصة للرد بل اندفع مسرعاً نحو البحر ووجد فتحي نفسه يسرع خلفه وبينما كان الاثنان يشقان طريقهما وسط الامواج المتكسرة علي الشاطيء قال العريف للجندي:
إنني لا أعرف كيف وافقتك علي هذه الفكرة السخيفة إننا نحاول النجاة إلي الهلاك ولم يجب صاحبه فاستطرد يقول
إنني لا أجيد العوم وسط الأمواج.
ومن قال لك إننا سنعوم؟ ماذا سنفعل إذن؟ سنسير علي أقدامنا عندما يصل عمق المياه إلي رقبتينا.
ولكن أنا.
يا أخي أقفل فمك ودعنا نسير لقد توكلنا علي الله ولن يخيب الله رجاءنا.
وهكذا اختار هذا الرجلان طريقاً غريباً للعودة وأسلوباً طريفاً للسير يقول الجندي صبري: إنني لا أعرف كيف جاءتني هذه الفكرة لقد وجدت الملاحات تتوهج من انفجارات الدانات فوقها ووجدتني تلقائياً أفكر في البحر إن العدو بالطبع لن يطاردنا ليلاً داخل المياه كما أن مدفعيته لن تسقط أبداً داخل البحر وهذا يعطينا فرصة أكبر للتحرك دون تدخل منه لقد كانت طريقة شاقة ومهلكة وأسوأ ما فيها أنها تضعف قوي الإنسان. وتفقده كثيراً من طاقته وقدرته ومع ذلك كنت أشعر أن أمامنا فرصة أكبر للنجاة.. وأملاً كبيراً في العودة.
أما العريف فتحي فقد كان له رأي آخر يقول فيه:
إنني حتي الآن لم أعرف كيف خرجنا من هذه المغامرة لم أكن أتصور أننا سنخرج من البحر سالمين لقد كدت أغرق عدة مرات فكثيراً ما كنا نفاجأ بأنفسنا معلقين في المياه حين تنسحب الأرض من تحت أقدامنا لقد وقعنا في حفر كثيرة وفي كل مرة كنت أزداد يقينا بأن البحر هو مقبرتنا إنني أحمد الله أن صبري كان رفيقي أنه سباح ماهر حقاً ولن أنسي حين خارت قواي تماماً ولم أعد أقدر علي تحريك قدمي داخل المياه فمزق صبري فانلته وربط جاكتتي النجاة فوق أكتافنا إلي بعضهما وراح يسحبني وأنا طاف فوق سطح الماء مستنداً بظهري علي كتفيه من الخلف إنني مدين لهذا العملاق الإسكندراني بحياتي.
ورغم أن الموقف حولهما كان يثير القلق والخوف إلا أن الجندي صبري راح يهديء صاحبه ويخفف عنه بروحه المرحة وقفشاته الساخرة وفي إحدي المرات التي أوشك فيها فتحي علي الغرق قال له صبري بعد أن عبر به الحفرة العميقة سابحاً: لقد ابتلاني الله بك أيها العريف أنت تغرق في شبر ماء
إنها شورتك المهببة يا فقري هيا نخرج إلي الشاطيء قليلاً لقد تعبت.
كان الله في عونك لعلك تعبت من حمل
اتسخر مني يا تحفة سوف اعرف كيف أؤدبك علي وقاحتك.
فضحك صبري وقال متعجاً:
سبحانك الله في طبعك يا أخي إن حياتك معلقة فوق كتفي ومع ذلك تتوعد لي والله لولا المروءة لقدمتك وليمة للأسماك.
وتروح من ربنا فين؟
أنا من اهل الجنة بلا جدال يكفي أنني أحملك أن في ذلك تكفير عن سيئاتي مدي الحياة.
ولطمتها موجه عالية أدخلت المياه إلي فم العريف وصرخ في زميله بعد أن تمالك نفسه من أثر ملوحة الماء في جوفه.
يا أخي خلي بالك إن الماء قد ملأ معدتي.
فقال صبري مازحاً:
آسف يا أبو التيح السكة كلها مطبات تعيش وتاخذ غيرها.
أنا تعبت يا صبري دعنا نخرج ونستريح علي الشاطئ قليلا إني أشعر بأنني أحتضر.
يا أخي منذ أن دخلنا إلي الماء وأنت تقول أنك تحتضر لماذا لا تموت وتريحني وعلي كل سوف نخرج إلي الشاطئ حتي أعرف مكانك عندنا تموت.
قل إنك تعبت أنت الآخر.
لقد مشينا فترة طويلة وأريد أن أتمدد بجسدي فوق الارض وأنام .
وهكذا وصل والاعياء فقررا معها أن يخرجنا من المياه لينالا قسطاً من الراحة علي الشاطئ ورغم مخاوفهما من أن يخرجنا قريباً من النقطة القوية إلا أنهما كانا بحالة من الضعف يصعب معها مواصلة ذلك الجهاد الشاق في التحرك داخل البحر وعندما قال العريف فتحي لزميله معبراً عن مخاوفه:
أخشي أن نجد الاسرائيليين في انتظارنا.
أجابه صبري وهو يجاهد للخروج من المياه:
لقد بذلنا قصاري جهدنا ويجب أن نستريح وربنا يستر.
عندما اقترب الرجلان من الشاطئ بدت لهما وسط الظلام أرض مرتفعة وداكنة فقررا أن يقصدا إليها ويقضيان الليل هناك حتي يمكنهما التعرف علي الأرض حولهما ليواصلا السير نحو المواقع المصرية وعندما لمست أقدامها شاطئ البحر كانت المنطقة غارقة في الظلام وفي السكون ولم يكن هناك من صوت يتردد في ذلك الجو الموحش الكئيب سوي صفير الهواء وهدير الامواج وخرج الجنديان يرتعدان من شدة البرد علي جسديهما وراحا بتلفتان حولهما في حذر شديد ولكنهما لم يريا شيئا يدعو إلي القلق غير أنهما ما كادا يتقدمان بضعة خطوات علي الشاطئ حتي اصطدما بسور ممتدد من السلك الشائك أثار مخاوفهما وهمس فتحي إلي زميله قائلا:
ما هذا؟
فأجابه صبري ساخراً:
فطير بعجوة بذمتك يا أخي هذا سؤال؟
ولو أنني منهك تماماً وسأستريح هناك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.