في بداية تشغيل مترو الأنفاق.. في بداية الثمانينيات من القرن الماضي.. كنا نضبط الساعة علي مواعيد القطارات.. وكنا نتفاخر ونتباهي بالنظافة والنظام والانضباط.. لماذا؟!! لأن الادارة وقتها كانت فرنسية حازمة وقوية.. فمن كان يلقي بورقة علي الأرض كانت الغرامة فورية ولا يجرؤ شخص دخول سلم المحطة ومعه سيجارة. وأنا هنا لا أطالب بعودة الادارة الفرنسية.. أو الاستعانة بأي كوادر أجنبية أخري.. لأنني من المتحمسين للادارة المصرية.. فمصر مليئة بالكفاءات ولكن الاختيار يكون للأسف بالمحسوبية وبالخواطر.. وهذا ما يحدث مع مشروع حضاري عملاق هو مترو الأنفاق.. فالادارة فيه تحولت إلي إدارة أحياء.. نعم إداة أحياء.. فلا نظافة ولا نظام ولا انضباط.. والمعاملة من جانب العاملين- وبعضهم صبية صغار- للركاب تحولت إلي "عساكر وحرامية" فالراكب في نظرهم هو الحرامي الذي يتخطي الماكينات "العطلانة" رغم أنهم هم الذين يسمحون لأصدقائهم وأقاربهم بالدخول مجانا. وبسبب هذه الادارة الضعيفة التي حولت هذا المشروع الحضاري العملاق الي مشروع من مشروعات السرفيس تجد الشيخوخة تطل بظلالها علي أجمل مرفق انتشل عاصمة المعز من الفوضي والعشوائية والتخلف.. فقد كنا نجلس في المحطات نستمتع بالهدوء والسكينة والموسيقي الهادئة حتي يأتي المترو.. إلا أن الادارة- اليوم- اخترعت مراوح عملاقة تصدر ضجيجا يصم الآذان وقامت بتركيبها علي الجدران الجميلة خاصة بمحطات الانفاق مما أدي إلي تشويه صورتها. هذه الادارة بدلاً من تطوير وتحديث التكييفات التي تعمل منذ أكثر من 35 سنة.. تركت الوضع علي ما هو عليه وقامت بتهيئة هذا الجو الخانق.. نعم مترو الأنفاق أصبح وسيلة عذاب وهلاك للركاب. ان الرئيس الراحل أنور السادات عندما فكر في اقامة هذا المشروع كان هدفه هو الانطلاق بمصر نحو التحضر وجعلها مقصداً سياحياً متميزاً.. لكن القدر لم يمهله حتي يفتتحه حيث استشهد قبل الافتتاح بشهور قليلة.. وطبعا غيره- وهو مبارك المخلوع- افتتحه ثم تركه للاهمال والتخريب. من ثم أطالب باختيار ادارات وكفاءات علي أعلي مستوي متقدم لادارة هذا المرفق واعادته الي رونقه الجميل والقيام بتطوير منظومة التكييفات والنظافة والنظام.. مع اختيار عاملين وموظفين يعرفون كيفية التعامل مع الركاب.. ولا يتم الزج بهم الا بعد تدريبهم علي ذلك. كلمة هامة: مترو الأنفاق كان في بداية تشغيله مثلا للتقدم والتحضر والتطور.. لكنه الآن أصبح مركبة لعذاب وهلاك الركاب.