ربما تكون المرة الأولي التي يتجه فيها الشاعر كريم عبدالسلام إلي الكتابة . هكذا وبدون تحفظ . في الشأن العام. نادراً مانجد كريم أو غيره من شعراء قصيدة النثر . يهتمون بما هو خارج ذواتهم أو تجاربهم الشخصية. في ديوانه الجديد " أكان لازماً ياسوزي أن تعتلي صهوة أبي الهول" الصادر عن هيئة الكتاب . يقدم كريم عبدالسلام خطاباً سياسياً بامتياز . لكنه خطاب شديد المرارة . شديد السخرية . لاينزلق إلي مايمكن اعتباره منشوراً سياسياً . فقد استفاد كريم من الأفق المختلف الذي فتحته قصيدة النثر . وبما أنه واحد من أبرز كتابها في جيله. فقد دخل مغامراته المحفوفة بالمخاطر .متسلحاً بأدواته هو . وزاوية نظره هو . وموقفه هو من الشعر والشاعر . يفتح كريم عبدالسلام بهذا الديوان قوساً جديداً لقصيدة النثر . ويفجر طاقتها ويبرهن علي قدرتها علي توسيع زاوية نظرها . وقدرتها علي التمدد واحتواء التجارب كافة . خاصة عندما يدخل صاحبها تجربته متسلحاً باختلافه ووعيه المفارق . وتمييزه بين ماهو جمالي وبين ماهو سياسي . مازجاً بينهما في سبيكة يستعصي سبكها علي غير شاعر موهوب يمتلك حساسية خاصة . ذاته حاضرة نعم في قصائد الديوان . لكنها في الوقت نفسه متجاوزة حدود جسده إلي أجسادنا جميعاً. الديوان . باختزال شديد. وفي القراءة الأولي أو حتي السطحية له . من وحي ثورة يناير . ديوان عن سوزي والوريث والديكتاتور . لكنه ليس كأغلب الدواوين التي تناولت الثورة . فثمة اختلاف جوهري حرص عليه كريم عبدالسلام . ألا وهو حضور الشعري والجمالي بشكل أكثر كثافة وأكثر رهافة.. ليؤكد في النهاية أن كل شئ ممكن.. والمهم أن يكون هناك شاعر!