"الفقراء لهم الجنة" دقت مقولة عبدالناصر رأسي بقوة وهو يرد علي من ينتقد الثورة الاجتماعية متسائلاً: "هما الفقراء مالهومش نصيب في الدنيا؟".. فيما كانت تتحدث الدكتورة ليلي اسكندر وزيرة التطوير الحضاري والعشوائيات عن التحديات التي تواجهها في حل مشاكل العشوائيات وروت الوزيرة بعض القصص التي تعكس عدم إيمان مسئولين كبار في المحافظات بحق الفقراء وسكان العشوائيات في تملك الأراضي والمساكن خاصة إذا كانت في مناطق متوسطة المستوي. ومن بينهم محافظ احدي محافظات الصعيد الذي ذهبت لتبحث معه تخصيص أراض لبناء مساكن عليها لسكان بعض عشوائيات محافظته. فرد عليها المحافظ بدهشة بالغة "انتي عارفة الأرض دي تسوي كام؟". المكان.. كلية الاقتصاد والعلوم السياسية والمناسبة انعقاد المؤتمر السنوي للكلية والجلسة كانت حول العدالة الاجتماعية من وجهة نظر قطاعية وكانت الوزيرة تتحدث عن العشوائيات ومدي وصول العدالة الاجتماعية إليهم. "بيستخسروا الاراضي في الفقراء رغم انهم مصريون لهم نصيب في هذه الأراضي". قالت الوزيرة التي تؤمن حتي النخاع بحق سكان العشوائيات في الاندماج في المجتمع وليس اقصاءهم في مناطق بعيدة لا تناسب مهنهم وتؤمن بحقهم في التمتع بكافة الخدمات بالجودة المقبولة. وأوضحت ان المجتمع ضد دمج الفقراء وسكان العشوائيات بدليل انتشار فلسفة "الكمبوند" التي تقوم علي بناء مساكن للطبقات الغنية مفصولة بأسوار عن باقي فئات المجتمع. ولم تعد هذه الظاهرة مقصورة علي الأحياء الفاخرة أو المنتجعات السياحية ولكنها أصبحت منتشرة في المدن الجديدة وربما القديمة وهو ما يعمق مبدأ الاقصاء وللحق لم أر هذه الظاهرة في اعتي بلدان الرأسمالية. وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية فالانماط السكنية السائدة إما عمارات سكنية ضخمة بالايجار وإما بيوت ذات ملكية خاصة ولكن دون أسوار. ولعل قصة مثلث ماسبيرو وسكان العشوائيات هناك تثبت نظرية استخسار الأراضي في الفقراء خاصة إذا كانت في المناطق الراقية. فحكومات قبل الثورة قررت نقل سكان مثلث ماسبيرو بالقوة إلي أماكن أخري بعد ان باعت المكان لشركات استثمارية عربية ومحلية. وبعد الثورة رفض السكان المغادرة. وتقرر ترك حرية اتخاذ القرار لهم إما بالانتقال والحصول علي تعويض أو بالبقاء. وتابعت الوزيرة الملف وانتهت بالاتفاق مع المستثمرين علي توفيق أوضاع الملكيات وإجراء تطوير حضاري لمساكن الأهالي بالتعاون مع مجموعة من شباب المعماريين لتتلاءم مع المشروعات الاستثمارية. سكان العشوائيات ليسوا بلطجية ولا تجار مخدرات أو إرهابيين. ممكن يكون بعضهم. لكن فيهم الدكتور والمهندس والجامعي والحرفي. وإذا كان بعضهم اغتصب أرضاً وبني عليها مسكناً له بعد الثورة. فهناك اثرياء كبار اغتصبوا اراضي قبل الثورة برضا الدولة وموافقتها وتاجروا بها. "اكملت الدكتورة ليلي حديثها الذي وجدت تجاوباً كبيراً من المشاركين في الجلسة. حتي عندما أكدت ان مشروع "المنوريل" تحتاجه منطقة منشية ناصر ذات الشوارع والحواري الضيقة أكثر من مدينة الشيخ زايد. حل مشكلة العشوائيات - كما تراه وزيرة العشوائيات - يبدأ من توفير فرص العمل بالمحافظات خاصة الطاردة لسكانها مثل الصعيد. ولذلك لابد من إعادة ترسيم الاستثمارات في مصر بعدالة ويجب القضاء علي كافة المشاكل التي تواجه المستثمرين في الصعيد والمناطق النائية. مؤتمر كلية "الاقتصاد" عكس بوضوح الحاجة الشديدة إلي إعلان سياسات واضحة للعدالة الاجتماعية في كافة المجالات خاصة الخدمات وفي مقدمتها التعليم والصحة. كما نبه المؤتمر إلي ان العدالة ليست في توزيع الدخول ولكن في توزيع ثروة المجتمع علي جميع ابنائه. حتي يكون للفقراء نصيب علي الأرض وليس في الجنة فقط.