ليلي إسكندر: أرفع القبعة لأهالي مثلث ماسبيرو لحسن تعاونهم في التفاوض والنقاش حول التطوير إبراهيم محلب: نشجع الاستثمار ولكن ليس على حساب مصلحة مثلث ماسبيرو محافظ القاهرة: لن ينجح تطوير عشوائية تهمل مصلحة السكان.. والسيسي قال لي "خلوا بالكم من الناس" ممثل المستثمرين: أزمة المثلث منذ السبعينيات.. وكل اجتماعات المسئولين كانت مضيعة للوقت. الأهالي: نشعر بنجاح الثورتين الآن.. لأول مرة ينزل رئيس وزراء ويستمع لنا "مثلث ماسبيرو" هو مثلث من ثلاثة أضلاع، مشكلته قديمة مرت عليها عقود بلا حل باعتباره منطقة استراتيجية في وسط العاصمة على كورنيش النيل بجوار أبرز وزارات سيادية بالدولة كالتليفزيون ووزارة الخارجية، وكان دائمًا يطلق عليه مثلث برمودا، حيث تتوه فيه الخطط والاستراتيجيات واللجان التي تعقد لحل الأزمة ما بين الأهالي والحكومة والمستثمرين، ولكن يبدو أن الأزمة في طريقها للحل بعد عقد المؤتمر الجماهيري مع أهالي المنطقة مساء أمس الجمعة ليلتقي فيه لأول مرة في تاريخ الحكومات المصرية رئيس الوزراء بأهالي منطقة عشوائية خاضعة للتطوير ليستمع إلى مطالبهم ويؤكد لهم حقوقهم.. تابعت "البديل" كواليس المؤتمر، ورصدت ردود فعل الأهالي به.. قالت الدكتورة ليلي إسكندر – وزيرة الدولة للتطوير الحضري والعشوائيات إن تجربة تطوير مثلث ماسبيرو من خلال تحقيق المشاركة المجتمعية لأهالي المنطقة تعد الأولى من نوعها، معربة عن أن نجاح هذه التجربة سوف يصبح نموذجًا لكل مشروعات وخطط تطوير المناطق العشوائية على مستوى جمهورية مصر العربية. وأضافت إسكندر أنها تريد أن ترفع القبعة لأهالي ماسبيرو لما ظهر من ممثليهم – من حسن تعامل وإنصات والقدرة علي النقاش والبحث عن حلول خارج الصندوق – الذين شاركوا في عملية التفاوض والنقاش التي تمت على مدار الأشهر الماضية مع المستثمرين وممثلي الحكومة، مؤكدة أن التخطيط العمراني بالمشاركة أصبح إحدى الوسائل التي تستخدمها كل دول العالم، بأن يكون الأهالي جزءًا من عملية التنمية والتطوير من منطلق أن ذلك حقهم وليس عطفًا من الحكومة عليهم. وأشارت الدكتورة ليلي إسكندر في تصريحات خاصة ل "البديل" إلى أن انعقاد المؤتمر الجماهيري أمس بحضور رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب للتأكيد لأهالي المنطقة على حقوقهم المشروعة في المثلث، وطمأنتهم بأنه لن يمس أحد منهم أو يتم تهجيره بشكل قسري أو تعسفي، معربة عن أن عمليات الحصر النهائي للأهالي سوف تخرج خلال الأسابيع القادمة بعد التدقيق الكامل لها، بالإضافة إلى أنه في خلال ثلاثة أشهر سوف يتم عبر عقد الاجتماعات الأسبوعية بالخروج بوثيقة سوف يتم الإعلان عنها بكل شفافية عن خطة تطوير منطقة مثلث ماسبيرو بعد الوصول للاتفاق الكامل عليها بين الأهالي والمستثمرين والحكومة.. ومن جانبه قال الدكتور جلال السعيد – محافظ القاهرة في تصريحات خاصة ل "البديل" إن تطوير مثلث ماسبيرو هو مثابة مشروع لإعادة تخطيط المنطقة من أجل توطين سكانها بها، من خلال بناء مساكن تحتوي كل سكانها الراغبين في البقاء بالمثلث، وذلك من خلال إعداد خطة تطوير يشترك فيها الأهالي بشكل أساسي بالإضافة إلى وزارة التطوير الحضري والعشوائيات وهيئة التخطيط العمراني ومحافظة القاهرة والمستثمرين، ولن يتم اتخاذ أي إجراء يضر بمصلحة الأهالي، بل سيكون التطوير محافظًا على مصالح السكان في المقام الأول. وبسؤاله عما تردد عن تقسيم أراضي المثلث لإعطاء المستثمرين الأراضي التي تطل على الواجهات الرئيسية بالمنطقة كالكورنيش والهيلتون وشارع الجلاء وإعطاء الأهالي الأراضي الداخلية، نفى السعيد ل "البديل" هذه المعلومات، مؤكدًا أنه يتم التعامل مع مثلث ماسبيرو كمنطقة سكانية عشوائية تقع بوسط العاصمة تحتاج إلى تطوير عمراني وإعادة تخطيط، ولكن بما لا يضر بمصلحة الأهالي، بل يخدم الوجه الحضاري للعاصمة بشكل عام، مشددًا على أنه لن ينجح تخطيط أو تطوير يهمل مصلحة السكان. وأكد محافظ القاهرة أن رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي اختص بالسؤال عن منطقة مثلث ماسبيرو بشكل محدد، وأكد له في حديثه قائلاً "خلي بالكم من الناس"، معربًا عن أن الرئيس يهتم بتطوير المناطق العشوائية شخصيًّا ويضع في أولوية اهتمامه الأهالي. وأشار السعيد إلى أنه بعد عقد اجتماعات مع رئيس الوزراء والدكتورة ليلي إسكندر وهيئة التخطيط العمراني لبحث كيفية الوصول لتخطيط أمثل لمثلث ماسبيرو، تم الاتفاق على اعتبار منطقة المثلث تسمى "منطقة إعادة تخطيط"، وسوف يدرس عبر لجنة عليا خلال الأيام المقبلة يرأسها الدكتور إبراهيم محلب لوضع تخطيط شوارع ومداخل المنطقة بشكل عام بما يتناسب مع تطوير القاهرة الجديدة وليس القديمة، بالإضافة إلى تشكيل لجنة برئاسة اللواء محمد أيمن عبد التواب نائب المحافظ للمنطقة الغربية بحصر أهالي المثلث بشكل دقيق في كشوف معتمدة. وعلى الجانب الآخر يقول المهندس رفيق ديوب – أحد المساهمين في الشركات الاستثمارية المالكة بمنطقة مثلث ماسبيرو- إن فكرة تطوير المثلث بدأت منذ السبعينيات واستمر هذا المشروع يدخل ويخرج أدارج الحكومة على مدار أربعين سنة ماضية، بل إنه حضر العديد من الاجتماعات مع المسئولين لتطوير هذه المنطقة الحيوية الاستراتيجية، ولكنها كانت جميعها "مضيعة للوقت" أكثر من أن تحقق إنجازًا فعليًّا. وأضاف أنه شعر بجدية الحكومة الحالية من خلال لقاءاته عبر الأشهر الماضية في الاجتماعات التي عقدتها وزيرة التطوير الحضري الدكتورة ليلي إسكندر، مشيرًا إلى أنها اختلفت عما سبقوها من مسئولين؛ لأنها تمتلك فكرًا جديدًا ورغبة في الإنجاز وإدخال بنود لم يتم التطرق لها من قبل على عملية التطوير من حيث البعد الاجتماعي عن طريق أخذ رأي أهالي المنطقة في خطة التطوير وإدخالهم كأطراف رئيسيين في المشروع. وأوضح ديوب أنه يأمل في الانتهاء من خطة تطوير لمنطقة مثلث ماسبيرو عبر الأسابيع القادمة تساهم في تغيير الوجه الحضاري لمدينة القاهرة، بشكل يتلاءم مع حلم مصر الجديدة 2050، وبعد الانتهاء من خارطة الطريق لعملية التطوير، طالب بطرح المشروع عبر مناقصة عالمية يتم فيها دعوة شركات متخصصة لتقديم عروضها مع الالتزام بما تنتهي إليه اللجنة النهائية المكونة من وزارة العشوائيات والتخطط العمراني حول خطة التطوير، بحيث تلتزم هذه الشركات بالشروط والمواصفات والمتطلبات التي يتفق عليها الجميع سواء الأهالي أو الملاك أو المستثمرون أو الحكومة. "العدالة الاجتماعية هي أن يحصل كل مواطن على أربعة جدران آمنة يعيش فيها مع أولاده، وأن يحصل كل مواطن على الحق في العلاج، وأن ينال كل طفل تعليمًا وتثقيفًا حقيقيين، كل هذا يكون حائط دفاع لكل طيور الظلام والمتطرفين".. هكذا بدأ المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء كلمته في المؤتمر الجماهيري الذي عقد مع أهالي منطقة مثلث ماسبيرو في عقر دارهم مساء أمس الجمعة لبحث مستجدات مشروع تطوير المنطقة. وأضاف محلب أنه سعيد بمشروع تطوير منطقة مثلث ماسبيرو؛ لأنه يمثل ترجمة حقيقية لمعنى التكاتف بين الشعب والحكومة وعمل الاثنين على نفس الخط نحو التنمية والتطوير، وهذا يعود لرصيد الثقة الذي تتمتع به الحكومة الحالية بقيادة الرئيس السيسي، معربًا عن أن الاعتراض في الماضي على أي خطة لتطوير العشوائيات كان يتم عن طريق قطع الطرق وتهديد الأمن ولكن الآن وبعد ثورتين الشعب يدرك مسئوليته في هذه المرحلة ويجلس يتفاوض على حقوقه. وأكد محلب "أننا نرحب بالمستثمر الذي يريد أن يستثمر في بلادنا، ولكن شعبنا له حق في التنمية، فلا نريد التنمية الماضية التي كانت تخدم الأغنياء فقط، ولكن نريدها تهبط للفقراء بالأسفل"، معربًا عن أن أهالي ماسبيرو جدعان وساهموا في نجاح ثورة يناير ويونيو ولهم لحق في تطوير منطقتهم. وأشار محلب إلى أن الحكومة طالبت بالوصول لحل عادل ينعكس على الجميع ويحافظ على مصلحة اهالي المثلث ولا يجور على حقوقهم، بل يتم مشاركتهم في بحث هذه الحلول. وأوضح محلب أنه طالب وزارة التطوير الحضري والعشوائيات عبر ثلاثة الشهور القادمة أن يكون قد تم الانتهاء من حصر دقيق لأهالي المنطقة، مناشدًا الأهالي أن يكونوا خط دفاع أول لمنطقتهم من خلال عدم السماح بالدخلاء والغرباء الذين يستغلون الموقف والحصر ليسجلوا لأنفسهم وحدات سكنية ليست من حقهم، وأن يعطي الأهالي مثالاً واضحًا للجدية في التعاون مع الحكومة. وأضاف أنه بعد الانتهاء من الحصر سوف يتم وضع خطة للتطوير للأهالي من أصحاب الحرف والصناعات عبر التدريب المستمر، مشيرًا إلى أنه يثق أنه سوف تعود من منطقة المثلث أخلاق مصر الأصيلة، وسوف يتم الوصول خلال 3 أشهر إلى وثيقة بين الأهالي والمستثمرين والحكومة بمنتهى الشفافية يحصل فيها كل مواطن على ما يريده، سواء تعويض للنقل من المنطقة أو وحدة سكنية لإعادة التوطين. وإذا قال المسئولون كلمتهم فتبقى بكل تأكيد كلمة الأهالي بشكل أساسي؛ لأنهم أصحاب المصلحة الأولى في هذا المشروع.. لذا التقت "البديل" بعدد من أهالي المثلث بعد انتهاء المؤتمر لترصد ردود أفعالهم على التصريحات التي انطلقت بها المنصة ومدى مصداقيتها لهم. قال المعلم سعيد إبراهيم – جزار بالمثلث- إنه من مواليد 1976 ويعيش في المنطقة أبًا عن جد الذين عاشوا فيها منذ أكثر من 120 عامًا، لذا فالمثلث بالنسبة للأهالي ليس مجرد جدران أو بيوت، بل تاريخ وذكريات وأحداث كثيرة مرت بهم، معربصا عن أنه لأول مرة يزور رئيس وزراء مصر عبر السنين الطويلة الماضية أهالي منطقة عشوائية ويستمع لمطالبهم، بل ويعدهم بأن الدولة تقف في صفهم وجانبهم وليست تفضل مصالح المستثمرين كما كان يفعل مبارك. وأضاف إبراهيم أن مثلث ماسبيرو هو حياتنا ولن نفرط في طوبة منه، ونثق في حكومة محلب وقيادة الرئيس السيسي الذي هتف الأهالي باسمه اليوم في المؤتمر ليس ادعاءات أو كذبًا بل حبًّا حقيقيًّا له ولثقتهم في مساندته للغلابة والفقراء، مشيرًا إلى أنه لأول مرة يتم السماح للأهالي بحضور جلسات مع وزيرة العشوائيات في وجود المستثمرين الذين استمعوا إلى مطالبنا وأحلامنا في المنطقة، والنقاش بشكل سلمي عبر تفاوض حقيقي دون أن يفرض أحد سلطته على الطرف الآخر. وأشار إلى أن الأهالي يحتاجون فقط 10 فدادين من إجمالي مساحة أرض المثلث التي تبلغ 74 فدانًا، حيث يتم التفاوض على أن الدولة تحصل على 6 أفدنه للصرف الصحي والشوارع، وتتجمع الملكيات المفتتة للأهالي وعددهم 3600 أسرة على 10 أفدنة فقط. ومن جانبه قال محمود شعبان – عضو ائتلاف أهالي مثلث ماسبيرو- نحن سعداء بالمؤتمر الذي حضره رئيس الوزراء الذي عكس التوجه الجديد للمسئولين في مصر بعد ثورتين، وأن الحكومة أصبحت تسير في اتجاه المواطن ومصالحه، والذي تأكد عبر اللقاءات المتكررة التي سمحت بها وزيرة العشوائيات الدكتورة ليلي إسكندر لممثلي أهالي المثلث لحضورها مع هيئة التخطيط العمراني والمستثمرين ومحافظة القاهرة وكل الجهات. وأشار إلى أن الأهالي في انتظار الثلاثة أشهر المقبلة وصدور قرار رسمي بعد انتهاء التخطيط والوصول إلى خطة المشروع ودخول منطقة مثلث ماسبيرو لحيز التطوير، معربًا عن أن وزارة التطوير الحضري تتبنى خطة جديدة في تطوير البشر قبل الحجر، معربًا عن أنه تم السماح للأهالي للمشاركة في لجنة الحصر للوصول إلى كافة النتائج والأعداد بمنتهى الشفافية والدقة. من جانبه قال محمد سعد – ممثل الأهالي عن الحرفيين – إن المنطقة ليست بيوتًا تضم سكانًا، بل هي تمثل أماكن للعمل، فمن السكان من يعمل على المراكب النيلية، ومنهم ينتمي لأعمال الحدادة والخراطة، وكل هذه الأعمال ترتبط بقرب المكان بوسط القاهرة. وقالت إيمان الحسيني- ممثلة الأهالي عن المرأة – "إننا نأمل في تحقيق مطالب أهالي المثلث وتنفيذ برنامج العدالة الاجتماعية التي كفلها الدستور وألزم الدولة بها في تحقيق مسكن ملائم للمواطن، بالإضافة إلى حظر التهجير القسري للسكان تحت أي ظرفط، مؤكدة أن نساء المثلث كادحات وكما أظهرن شجاعة وقوة في المشاركة بالثورتين وإنجاح المرحلة الانتقالية في المشاركة في الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور، بل هن في الأصل مكافحات فمنهن المعلمات والعاملات والممرضات وبائعات وربة منزل. وأضافت أن كل امرأة في المثلث تحلم بتوفير مسكن يراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي، من خلال إيجار يراعي القيم الإيجارية للوحدات بعد التطوير لتتناسب مع دخل الأسرة وحالتها الاقتصادية، مشيرة إلى أن أهالي المنطقة يؤكدون أن مثلث ماسبيرو منطقة تتسع للجميع سواء مستثمرين أو حكومة أو أهالي.