تسابق وزارة المالية الزمن لتطبيق ضريبة القيمة المضافة مع العام المالي الجديد الذي يبدأ في يوليو المقبل وأكدت الوزارة أكثر من مرة انها طرحت الضريبة للحوار المجتمعي ولعلها تقصد بهذا الحوار مجتمعات رجال الأعمال ومؤسسات القطاع الخاص كاتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية المكلفة بتحصيل الضريبة من مختلف فئات الشعب المستهدفة بدفع هذه الضريبة علي كل استهلاكها من السلع والخدمات ورغم ان وزارة المالية ذكرت علي موقعها الالكتروني ان مشروع قانون الضريبة يشمل كل السلع والخدمات ويتضمن اعفاءات لبعض السلع الضرورية لمحدودي الدخل إلا انها لم تحدد السلع أو الخدمات التي ستخضع للضريبة الجديدة ولم تكن تخضع لضريبة المبيعات من قبل كما انها لم تذكر أمثلة للسلع المعفاة ولم تؤكد الوزارة أو تنفي شمول الضريبة لخدمات التعليم والصحة علي أهميتهما الشديدة لمحدودي الدخل والطبقة المتوسطة. بالتأكيد ووفقاً للخبراء فإن ضريبة القيمة المضافة سوف تضيف أعباء معيشية كبيرة علي الفقراء والطبقة المتوسطة رغم نفي وزير المالية وبعض زملائه في الوزارة ذلك علي أساس اعفاء سلع الفقراء التي لا نعرف ما هي علي وجه التحديد ويتجاهل الوزير حقيقة ان الأسعار في مصر تشبه نظرية الأواني المستطرقة فما ان ترتفع أسعار سلعة معينة حتي تتأثر كافة السلع بها خاصة في ظل عشوائية الأسواق وغياب الرقابة ولنا عبرة ومثل في تخفيض الدعم علي البنزين والسولار. الغريب ان الإعلان عن ضريبة القيمة المضافة يأتي في أعقاب إعلان قرار الحكومة تخفيض الحد الأقصي لضريبة الدخل إلي 22.5% وتثبيتها لمدة عشر سنوات بدعوي جذب الاستثمارات الخارجية وجاء القرار في خضم حزمة الحوافز ومنظومة القوانين التي أصدرتها الدولة في اطار التمهيد لمؤتمر شرم الشيخ ويتعارض قرار خفض ضريبة الدخل مع ما كانت الحكومات السابقة تؤكده من ان المستثمر لا يهمه سعر الضريبة بقدر ما يهمه توافر مناخ الاستثمار الملائم وتيسير الإجراءات ولأن منظومة الضرائب تعكس عادة انحيازات الدولة الطبقية نستطيع أن نكتشف ببساطة ان انحيازات الحكومة المصرية للأغنياء فالمستفيد الوحيد من خفض الضرائب علي الدخل إلي 22.5% هم رجال الأعمال والشركات والمستثمرون في الوقت الذي يظل فيه العبء الضريبي علي الموظفين ثابتا دون تغيير فلم يرتفع مثلا حد الإعفاء الضريبي الذي يستفيد منه صغار العاملين ولم نشهد أي توجه نحو زيادة تصاعدية الضريبة من خلال اضافة شرائح تصاعدية جديدة تخفف العبء علي الشرائح الدنيا بل وجدنا علي سبيل المثال الموظف الذي يبلغ دخله السنوي نحو 40 ألف جنيه يقوم بدفع ضريبة دخل نسبتها 20% في حين يدفع رجل الأعمال الذي يقدر دخله بعشرات أو مئات الملايين 22.5% بزيادة 2.5% فقط. وقد حرصت خلال لقاء عدد من الصحفيين المصريين بمسئول صندوق النقد الدولي علي هامش اجتماعات الربيع علي التعرف علي رأي الصندوق بخصوص قرار خفض ضريبة الدخل في مصر وعلي غير المتوقع أبدي المسئول تحفظه علي خفض ضريبة الدخل في الوقت الذي تعاني فيه موازنة الدولة من عجز كبير. مشيرا إلي أن زيادة سعر الضريبة يمكن الأغنياء من المساهمة في زيادة الموارد وقال ان حصيلة الضرائب تسهم في الناتج المحلي الاجمالي المصري بنسبة ضئيلة لا تتجاوز 13% وأكد ضرورة رفع ضريبة الدخل باعتبارها أداة منصفة وفعالة لزيادة الموارد تستخدمها معظم الاقتصادات الصناعية فاجأني رد مسئول الصندوق فقد كنت أعتقد ان هناك توافق بين الحكومة والصندوق في غالبية السياسات الاقتصادية خاصة بعد ترحيب الصندوق في إطار مشاورات الباب الرابع الأخيرة في مصر بإجراءات الحكومة لترشيد الدعم وتخفيض قيمة الجنيه. لكن يبدو ان الحكومة تستمع لنصائح الصندوق فيما يتعلق بخفض الدعم والذي يمس حياة الفقراء بشكل مباشر في الوقت الذي تتجاهل فيه أي نصائح خاصة بتعظيم مساهمة الأغنياء في زيادة موارد الدولة.