قانون الرقابة علي المصنفات الفنية رقم 138 لسنة 2015 الذي أصدره وزير الثقافة السابق الدكتور جابر عصفور في 19 فبراير 2015. هل تقوم الجهات المختصة بتطبيقه الآن فعلاً؟؟ يقول آخر هل يوجد ممثل للرقابة علي المصنفات الفنية في كل دار عرض حتي يضمن تطبيق القانون وفقاً للتصنيفات العمرية التي حددها وهي: أفلام للجمهور العام. وأفلام تحت فئة الإشراف العائلي. وفئة ثالثة لمن يقل عمرهم عن 16 عاماً. وفئة لمن يقل عمرهم عن 18 عاماً.. إن الرقابة حسب التصنيف العمري الذي أصدره الوزير المصري للثقافة مأخوذ بالكامل من التصنيف الذي وضعه رئيس الاتحاد الأمريكي للسينمائيين "MPAA) جاك فالانتي "1921/2007" وهو بمثابة إرشادات غير مُلزمة وليست لها صفة القانون. وإنما تنظيم وضعه اتحاد السينائيون الأمريكيون الذي يضم الشركات الكبري المعروفة في هوليوود. بعيداً عن الحكومة الفيدرالية وعن مكاتب الرقابة التي كانت منتشرة في الولاياتالأمريكية حتي الستينيات من القرن الماضي. وفي أمريكا ترك "الاتحاد" الموزعين السينمائيين الأمريكيين هم أنفسهم من يفرضون نظام "التصنيف". لأنهم أدري بأمورهم أما الحكومة فقد أصدرت قانوناً يمنع القرصنة ويحمي الصناعة والإنتاج السينمائي الأمريكي "Piracy Act) وهو نافذ فعلاً. أما القانون المصري المأخوذ عن نظام التصنيف الأمريكي فإنه يلزم: "القائمون بالرقابة علي المصنفات الفنية عند النظر في طلب الترخيص بأي مصنف كفله الدستور من حق في التعبير وحرية الإبداع الفني والأدبي ورعاية المبدعين. مع مراعاة ألا يهدف المُصنف في مجمله ما يمس قيم المجتمع الدينية والأخلاقية أو الآداب العامة أو النظام العام". والسؤال من الذي بمقدوره أن يجزم بأن العمل الفني لا يتطاول علي القيم الأخلاقية أو الآداب؟؟ هناك وجهات نظر متباينة في هذه الأمور الإشكالية وما جري من جدل بخصوص فيلم "حلاوة روح" مثلاً يشهد بأن الآداب العامة والأخلاق مجرد وجهات نظر. و"حرية التعبير" التي ينص عليها الدستور كلمة فضفاضة وكذلك كلمة "الإبداع".. فمن دافع عن الفيلم في ذلك الحين كانت حجته أن الدستور يكفل حرية التعبير والفيلم في النهاية تم عرضه بحكم قضائي. من يملك من موظفي الرقابة "البؤساء" القدرة علي منع مواطن يصحب أبناءه للفرجة علي فيلم إذا كان لا يتناسب مع عمر هؤلاء الأبناء. وهل سيطلب من المتفرجين إبراز البطاقة الشخصية؟؟ سوف نري في حالة الإصرار علي تطبيق "القانون" اشتباكات لفظية قد تصل إلي استخدام العنف العضلي إذا ما حاول القائمون علي الرقابة تطبيق مواد القانون عنوة.. في أمريكا الأمر متروك للموزع صاحب دور العرض. وفي أمريكا "الحكومة" لا تتدخل في شئون صناعة الفيلم.. ومع ذلك هناك إمكانية إنفاذ "القانون" حين اللزوم أما هنا "فالقانون" تائه في بحر الفوضي والضياع. في "التصنيفات" التي حددها القانون إلزام بألا يتضمن المصنف ما يحض علي العنف أو التعصب أو الجنس أو العري أو يتضمن تيمة إشكالية يتطلب معالجتها حذراً شديداً حتي تناسب الأطفال. وفي فئة "الإشراف العائلي" لمن يقل عمرهم عن ثماني سنوات يطالب القانون بأن يكون السماح بدخول الأفلام بإشراف ولي الأمر"!" وهنا يراعي صناع هذه الفئة من الأفلام أن يخلو الفيلم من التعصب والكلمات النابية والسلوك الذي يدعو إلي التعصب وكذلك يراعي ألا يحتوي الفيلم علي إشارة إلي المخدرات أو المُسكرات بشكل واضح.. إلخ.. إلخ.."!!" أيضاً لا يتضمن مشاهد رعب طويلة أو مثير لأعصاب الأطفال ولا يستخدم لغة حوار بذيئة ولا عُري ولا جنس.. ونفس الأمر من المحظورات تجدها في فئة الأفلام لمن يقل عمرهم عن 16 عاماً. وكذلك من يقل عمرهم عن 18 عاماً. رأيي الشخصي المتواضع أن فكرة استنساخ "قانون" رقابي مصري حكومي من نظام سينمائي أمريكي ألغي الرقابة التي وضعها قانون هايز Hays Code في العشرينيات وظل سارياً حتي الستينيات مع تعديلات طفيفة. بالنظام الذي وضعه الاتحاد الأمريكي للسينمائيين الأمريكيين والمعروف باسم Rating أو التصنيف العُمري أي حسب المرحلة العمرية للمشاهد. أقول إن استنساخ هذه الطريقة المنظمة للعروض السينمائية في الولاياتالمتحدة والتي تعمل بها بعض الدول في الاتحاد الأوروبي مسألة تعني في نهاية الأمر أننا إزاء كلام نظري لا يقدم ولا يؤخر لأنه غير قابل للتطبيق بالمرة في ظل أحوال الصناعة السينمائية التي تكابد ظروفاً اقتصادية صعبة. وأيضاً في ظل ميراث سينمائي ثقافي طويل وثقيل ومتجذر في أسلوب استخدامه وتوظيفه للجنس والعنف والمخدرات والعري والجور لفظياً وبصرياً علي اللغة والآداب العامة والقيم الأخلاقية عندنا. والقانون بهذه الصياغة العامة المُرسلة وغير الملزمة في الواقع والتي لا يمكن فرضها علي الجمهور دافع التذكرة. هذا مجرد "غزل" مستتر لمن يصرخون ويولولون علي حرية التعبير والإبداع.. وتخليص ذمة من وزير للثقافة المصرية. ربما يتغير المناخ والبيئة الثقافية والإعلامية وتنضبط سلوكيات الجمهور بعد أن تهدأ الأحوال السياسية والاجتماعية ويستعيد الشعب المصري احترامه للقيم الأخلاقية وينبذ قيم البلطجة والفهلوة والرشوة والانفتاح الأخلاقي العشوائي الذي يفتح الباب أمام ظهور المثليين والحشاشين ولصوص المال الحكومي ومدعي "الحرية" إلخ. ** فليس كل ما هو "أمريكي" صالحاً للتطبيق في مصر.. يمكن لطش الأفلام الأمريكية. لكن قواعد السينما الأمريكية يستحيل نسخها.