الشماتة في الموت.. حتي ولو كان الميت عدوك.. من أسوأ الأخلاقيات التي توصم صاحبها بالتخلف ومدي ما تنطوي عليه نفسه من حقد. وما تخفيه من أدران امتلأ بها قلبه. وتفيض بها روحه المريضة. فإذا كان الميت فناناً في قيمة فاتن حمامة التي لم تنفصل يوماً بفنها عن المجتمع ومشكلاته. وعالجتها بشفافية وصدق نفس. وبأسلوب راق. وكانت في حد ذاتها مثالاً للفنان الملتزم. فإن الشامتين في موتها. إنما يبرهنون علي مدي البغض الدفين الذي امتلأت به قلوبهم للدرجة التي لا يستطيعون فيها التمييز بأن مآلهم إلي الموت عاجلاً أم آجلاً!! صحيفة "الوطن" ذكرت علي موقعها الإلكتروني ردود أفعال ساخرة من شباب الإخوان عقب نشر خبر وفاة الفنانة القديرة فاتن حمامة.. وجاءت ردود أفعالهم علي مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" واتجهت جميع آرائهم بدلاً من الدعاء لها بالمغفرة والرحمة. كما يفعل كل الناس عند الموت. إلي الدعاء عليها والشماتة في موتها.. بل زادوا من حقدهم بتوجيه نداءات بعدم الدعاء لها بالرحمة. يما يخالف العادات والتقاليد وسماحة الأديان. جاءت عبارات شباب الإخوان علي النحو التالي: "عقبال باقي الممثلات"!!.. وآخر يقول: "يا عيني اتخطفت"!!.. وثالث يقول: "خسارة ملحقتش كرسي في مجلس الشعب"!! لقد وقف رسول الله محمد "صلي الله عليه وسلم" لجنازة رجل يهودي مرت من أمامه.. فسأله الحاضرون: إنه يهودي يا رسول الله.. فأجابهم: أليست نفساً؟!! هكذا علمنا رسول الله "صلي الله عليه وسلم" السماحة والحب والتغاضي. حتي لمن أساء إليه. فجاء الوصف الكريم من الله سبحانه وتعالي لرسوله: "وإنك لعلي خُلق عظيم".. وقال: "فبما رحمة من الله لنت لهم. ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك. فاعف عنهم واستغفر لهم". وقد تعود الناس عندما يموت إنسان ألا يذكروا سوءاته. لو كان مسيئاً.. وشاعت علي ألسنتهم: اذكروا محاسن موتاكم. قال الفنانون عنها: فاتن حمامة مثل أعلي في الوسط الفني "حسن يوسف".. وفاة فاتن حمامة طامة كبري "مجدي الجلاد".. ربنا يرحمك ويدخلك فسيح جناته "آمال ماهر".. عزائي أن فاتن حمامة في مكان أجمل إن شاء الله "أحمد بدير".. رحمة الله علي سيدة الشاشة العربية "وائل جسار".. احنا طلعنا لقينا الأهرامات والنيل وفاتن حمامة "هبة قطب".. إحدي ركائز القوة الناعمة في المجتمع "أحمد المسلماني". التعليقات لا حصر لها لفاتن حمامة. وكلها تدعو لها بالرحمة والمغفرة. لأنها كما يقول عزت العلايلي: "مصر فقدت قمة فنية وأدبية كبيرة جداً".. وكما قالت مديحة يسري: "فقدنا قيمة كبيرة في الفن والأخلاق". ولو سألت رجل الشارع البسيط عن وفاة فاتن حمامة؟!.. لن تسمع منه إلا كلمة خير ومحبة لهذه الفنانة. مع الدعاء لها بالرحمة. هذه أخلاقنا نحن المصريين.. فلا شفاعة في الموت. ولا حيلة في الرزق.. ومن كان في سن الشباب فسوف يدركه الموت يوماً من الأيام.. "أينما كُنتم يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة". فلا تفرح ولا تشمت أيها الشامتون في الموت.. فلا أحد يعلم منزلته عند الله.. وربما من تظن به السوء يكون أكرم وأفضل منك عند الله. "إنك لا تهدي من أحببت. ولكن الله يهدي من يشاء" "صدق الله العظيم".