سيدتي : هل يوجد شيء في هذا الزمان اسمه الحب أو الرومانسية؟ هل رغبتي في أن أكون محباً ومحبوباً طلب غير عادل أو مستحيل؟ وأين توجد السعادة.. وهل حقاً هناك معني لهذ المسمي؟! اعذريني أن كنت أطيل عليك وأبدأ رسالتي بأسئلة تبدو ساذجة.. لكنها حقيقة تؤلمني بعد أن احترت في حلها. أنا شاب أبلغ من العمر 30 عاما.. من أسرة ريفية متوسطة الحال.. اكتفيت بالمؤهل المتوسط.. لأساعد أسرتي في مواجهة متطلبات الحياة.. لأني أكبر اخوتي أحبهم جداً ولا أتخيل احتياجهم لشئ وأنا موجود. لي طبيعة خاصة تعشق المسئولية.. وتكوين ديني معتدل.. جعلني محباً للخير علي إطلاقه.. أديت واجباتي تجاه الأسرة.. وزوجت شقيقتي الوحيدة ولم أقصر في شيء وفي سبيل ذلك لاقيت عدة متاعب لدرجة أنني كثيراً ما اضطررت لمد يدي للاستدانة حتي أفي باحتياجاتهم اليومية من مأكل وملبس ودروس خصوصية.. ونسيت في وسط هذه الأحداث أنني إنسان.. له قلب يدق مع العلم بأنني رومانسي جداً.. أحب الحب لذاته بكل معانيه.. أجمل لحظاتي هي إحساسي بأن هناك حباً.. فهو عالمي السحري الذي اختبأ فيه من مأساة هذا الزمان.. ولطبيعتي هذه والتي أشعر أن فيها بعض المغالاة لأنني رجل ويجب أن أكون عقلانياً فكرت في الذهاب لطبيب لأنني واثق إنني من الممكن أن أضحي بحياتي نفسها من أجل محبوبتي.. وخوفي هذا ليس من فراغ لقد فشلت في الحب مرتين وطبعاً لم يكن الطرفان المحبان السبب بل الظروف المادية التي تواجهنا ولأنني من الريف فكان من الصعب أن تنتظرني محبوبتي حتي أستطيع تكوين نفسي.. فشل يجر فشلاً حتي يئست مثل كثير من الشباب.. أوصلني اليأس إلي شئ أخجل أن أقوله ولكنه حدث فعلاً قمت بمحاولة الانتحار.. لكن مازال في عمري بقية.. أنقذني الله وشفيت تماماً من جراء هذه المحاولة.. بعدها أصرت أسرتي" بشدة أن تخطب لي وفعلاً أشرت عليهم بفتاة كنت قد عرفتها منذ فترة وجيزة.. ربطني بها اعجاب فقط تمت الخطبة ووثقت علي يد مأذون أصبحت في حكم زوجتي.. وذلك منذ عامين. لم نتزوج للآن.. زادت أعبائي المادية.. احتياجات أسرتي ومتطلبات الإعداد لمنزل الزوجية.. بالإضافة لذلك أصارحك بأنه كلما مر الوقت اكتشف أنه لا يوجد تفاهم بيني وبين خطيبتي لا أستطيع "تطبيعها بطبعي".. كتمت شعوري هذا بداخلي.. فأسرتي لديها من الهم ما يكفيها عن إضافة هم فوق عاتقهم.. مرت الأيام بطيئة ثقيلة إلي أن قابلتها إنسانة تماثلني في الطباع والميول والتفكير.. شدت انتباهي إليها.. هنا بدأت مأساتي الحقيقية.. أحببتها بشدة ولا أتصور حياتي بدونها.. والمشكلة.. أن أترك خطيبتي.. أحطم قلبها الذي أحبني جداً؟ أم أصارحها ونحن في بداية الطريق؟ هل أنسي نفسي واستمر في سلسلة التضحيات التي بدأتها؟ أنني خائف من حيرتي ومن فقد حبيبتي التي عرفتها أنا في حاجة حقيقية لمن يمد لي يده وينقذني بأسرع وقت قبل أن أتخذ قراراً أندم عليه بقية عمري.. فهل تفعلين؟ عزيزي : نعم هناك حب ولولا وجوده لضعنا تحت وطأة الكروب.. فهو كالزورق في النهر يرفعنا فوق الأمواج وينساب بنا حتي نصل للبر.. السعادة يا صديقي تخضع أيضاً للنسبية فما احتاجه منها غير ما تحتاجه أنت. قد تكون السعادة فيما فعلته مع أخوتك وأسرتك.. في العطاء الذي تبذله راضياً سعيداً.. أو قد تكون في حب الخير الذي ملأ نفسك فطهرها وجعلها تسمو فوق نصال الأنانية. أنت يا عزيزي.. إنسان من حقك أن تحب ولكن هناك خطأ صغير لا نلومك عليه.. وهو اعتقادك انك بحاجة لطبيب يعالجك من حالات حبك وضعفك كما تعتقد. العقل من صفات الرجال.. وأنت كذلك ووقوفك بجانب أسرتك عنوان هذا العقل والحب من صفات الرجال وأنت تحب كرجل ولكن بدون تجارب حياتك جادة ومسئولياتك دفهتك للاغراق في هذا الشعور فكنت تندفع من حبيب إلي حبيب ترنو حناناً.. وكأنك تبحث عن حياة مغايرة تختبيء فيها من وحدتك.. برغم وجود الناس حولك.. وبعد أزمة انتحارك.. تنبه أهلك لأنك بحاجة لأن تعيش لنفسك أيضاً ليس للآخرين فقط.. عقد قرانك وأنت الذي اخترت.. لم يجبرك عليها أحد ولكن يبدو أن مشاكل الإعداد لعش الزوجية.. أبعدت مشاعر الرومانسية التي تبحث عنها في حياتك.. نفرت منها ومبرراتك أنها عكس طبيعتك وهل كل زوجين لابد أن يكونا طبيعة واحدة؟ الإجابة.. لا أنهما مكملان لبعضهما كقطب سالب وقطب موجب.. يجوز إنكما لو تشابهتما تنافرتما.. أنت لا تهرب من زوجتك وهذا هو اسم العلاقة بينكما وليس كما تقول في حكم زوجتي إن الزواج عقد قران.. وشهود.. وإشهار وقد تم هذا.. وفي ريفنا قراءة الفاتحة عقد.. أنت تهرب ولكن ليس منها.. فقد جمعكما الاعجاب وبعد عقد القران أحبتك هي.. وهربت أنت من المسئولية فبحثت عن حب آخر وأردت أن تعيش وخذ الحب وقلقه من جديد فكنت كشاعرنا الذي يقول : ولقاء لم يكن لي في حساب يا صديقي.. أنت لا تحب فتاتك التي تشبهك.. أنت فقط تبحث عن وميض السحر الذي يعشه الحب ولحظات التوتر التي قد لا تشع بها مع خطيبتك أو زوجتك لانها أصبحت ملكا لك.. وعبئاً جديداً يضاف عليك.. ففررت بعيداً. أرجوا أن تعود لتراجع نفسك بحقيقة وحيدة جلية وهي أن الفتاة التي قبلت ظروفك وتحملتك سنين في حكم زوجتك وتحبك كل هذا الحب.. هي من تضحي وليس أنت وما عليك إلا أن تفصلها عن أعبائك وستحبها ولا يليق أن تغدر بها بعد هذا.. لأنه من يدرك أن ينجح حبك الجديد.. والذي لا اسم له عندي إلا الهروب من مسئوليتك تجاه زوجتك. تخل عن هذا الوهم وأسرع في إتمام زواجك لكون أسرة بها زوجة تحبك وأبناء تحبهم رغم كل المسئولية التي ستحملها ووقتها قد يخف وميض الرومانسية التي تنشدها حالياً.. لا تبحث عن حبيبتك بعيداً فهي زوجتك التي معك.