لا أدري بالضبط سر المعركة الكلامية الدائرة بين وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة ونادر بكار مساعد رئيس حزب النور لشئون الإعلام.. ولا أدري بالضبط متي بدأت وكيف بدأت.. لكنني فوجئت كما فوجيء كثيرون بهذه الملاسنة تزداد حدة يوماً بعد يوم.. وتجذب إليها أطرافاً من هنا وهناك.. والغريب أن كل طرف يتهم الآخر بالمزايدة السياسية وموالاة التكفيريين مما يؤكد أن المواجهة بلغت مرحلة تكسير العظام. في يوم الاثنين 17 نوفمبر الحالي طالعت خبراً غريباً في صحيفة "المصري اليوم: بعنوان "بكار يتهم: وزير الأوقاف يردد كلام التكفيريين ومشايخ وزارته ربعاوية".. وتحت هذا العنوان يقول الخبر إن نادر بكار واصل هجومه علي الدكتور مختار جمعه قائلاً: إن مجهودات الوزير في مواجهة الأفكار الإرهابية تقتصر علي الشو الإعلامي فقط.. ولم يستغل حتي الآن مساجد الأوقاف في مواجهة الأفكار التفكيرية. وأضاف بكار عبر الصفحة الرسمية لحزب النور أن مشايخ وزارة الأوقاف صفحاتهم علي فيس بوك تحمل إشارات رابعة وعبارة السيسي قاتل.. وهناك أئمة في الوزارة يدعون علي الجيش المصري من منابر ومساجد الأوقاف.. وتابع بكار موجهاً حديثه للوزير: "انت عندك أزمة فكرية في التعامل مع الأحداث.. وإن أنكرت ذلك فهناك مشكلة أكبر". واتهم بكار وزير الأوقاف أنه لم يعقد ندوات لمواجهة الفكر التكفيري كتلك التي عقدها حزب النور.. كما اتهمه بأن استدلالاته لا تنُم عن فكر أو عن علم.. وأنه يقول نفس كلام التكفيريين الذين ينفون الإسلام عن غيرهم. وبكل صراحة كان الهجوم.. مفاجئاً بالنسبة لي.. والمفاجأة الكبري كانت تلك الاتهامات المتلاحقة من بكار "الوديع" ضد مشايخ وزارة الأوقاف وضد الوزير شخصياً.. وهي اتهامات لو صحت تقود صاحبها إلي السجن مباشرة.. ولا أدري كيف سوَّغ لنفسه أن يطلقها هكذا هو جاء من غير دليل.. وما السر وراء ذلك.. أيكون هذا رد فعل علي قرار الوزير بمنع القيادات السلفية من صعود المنابر وممارسة الدعوة في المساجد؟! وزارة الأوقاف من جانبها ردت الصاع صاعين.. وشنت هجوماً مضاداً علي بكار وجماعته.. وأكد الشيخ محمد عبدالرازق عمر رئيس القطاع الديني بالوزارة أن ما نُشر منسوباً إلي نادر بكار بشأن إبلاغه الأوقاف عن إمام يتطاول علي القيادة السياسية لا أصل ولا صحة له.. وأضاف في بيان نشرته "الجمهورية" و"الأخبار" يوم الثلاثاء الماضي أن الوزارة لم تتلق من حزب النور أو غيره أي بيان في هذا الشأن والوزارة لديها جهاز متابعة متميز وتعقد غرفة عمليات أسبوعية تتخذ فيها الإجراءات اللازمة تجاه أي مخالفة.. وقد تم إنهاء عمل إمامين بالغربية بناء علي تقارير تفتيش الوزارة. وطالبت الأوقاف نادر بكار بعدم المزايدة علي دور الوزارة والعمل علي تطهير صفوف السلفية من المتشددين ودعاة التحريض.. كما نفت ما صرح به رئيس المكتب التنفيذي للدعوة السلفية أن مساجد الدعوة السلفية تحت سيطرتهم ويعلم وزير الأوقاف مؤكدة أن الوزارة لم ولن تعقد أي صفقات مع السلفيين أو غيرهم. إلي أي وجهة تتجه هذه المعركة الكلامية وكيف ستنتهي.. الله أعلي وأعلم.. لكن الأمر المؤكد أن الشرر المتطاير من الجانبين قد أساء لهما.. وكشف عن عدم قدرتهما علي الحوار وحل المشكلات بالعقل وباللغة الراقية التي تليق بالدين الذي يتحدثان باسمه.