استنكر علماء الدين بشدة التصريحات التي أدلي بها بعض قادة الجبهة السلفية والتي يطالبون فيها بما يسمي الثورة الإسلامية أو انتفاضة الشباب المسلم يوم 28 نوفمبر الجاري برفع المصاحف وصور المعتقلين الإسلاميين علي حد زعمهم والتجول بها في شوارع وميادين مصر.. مما جعل وزير الأوقاف د. محمد مختار جمعة يصف هذه الدعوة بالهوجاء وبأنها مخطط عمالة وخيانة للشعب وتتنافي مع احترام وقدسية كتاب الله الذي لا يجب إقحامه في التظاهرات لتحقيق مطالب سياسية. الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر يقول إن كتاب الله سبحانه وتعالي له من القدسية ما يقتضي وجوب احترامه وعدم استعماله في غير ما خصص له وقال سبحانه "كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب وقال جل شأنه وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون".. فوظيفة القرآن ليست استخدامه في التظاهرات بل لتدبر آيات الله لما فيها من مواعظ وحلول لمشاكل المسلمين.. أما استعمال المصحف في المظاهرات سواء برفعه أو نحو ذلك إهانة لكتاب الله تعالي واستعماله في غير ما أمر الله به. قال إنه لم يحدث في زمن رسول الله- صلي الله عليه وسلم- ولا في زمان أصحابه حمل المصاحف علي هذا النحو من هذه التظاهرات مشيرا إلي أن ما حدث في زمان علي من حمل المناوئين له المصاحف علي أسنة الرماح فذلك لعدم وجود نوع من التواصل بين الفريقين فضلا عن أن حمل المصاحف علي هذا النحو نوع من التعبير عن رغبتهم في التحكيم فقد تبين فيما بعد أنه إظهار لأمر ظاهره الحق ولكنه أسفر عن باطل. يري د. إدريس أن تحديد يوم 28 لرفع المصاحف فيه محاذير متعددة ولذلك ينبغي تجنيب المجتمع مثل هذه الفتنة التي لا يوجد في مجتمعنا ولا وقتنا متسع لإحداثها. اعتبر الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية تلك الدعوة بأنها مشبوهة وخلط صريح بين الدين وأغراض سياسيةپهوجاء مشددا أن من يفعل ذلك فإنه يسعي إلي نزع قدسية القرآن الكريم الذي أنزله الله لهداية البشرية جمعاء والزج به في صراعات سياسية لا تخدم الدين أو الوطن. قال د. نجم إن مثل هذه الأفعال تزيد من حالة الشقاق المجتمعي ولن يجني فاعلوها من ورائها سوي كره ومقت المجتمع لهم ولأفعالهم مشددا أن واجب الوقت الآن هو التكاتف والتعاون في قضايا البناء والتنمية.. مؤكدا أن هذه الدعوات لن تنطلي علي الشعب المصري الواعي الذي يستجمع قواه ليستعيد ريادته المستحقة في المجالات كافة. حذر مستشار المفتي من اللجوء إلي الشعارات الدينية من أجل مكاسب سياسية رخيصة مشددا في الوقت ذاته أن الدستور والقانون يكفلان حرية الرأي الملتزمة والمنضبطة والبعيدة عن استدعاء تعاليم الدين السامية في الحراك السياسي والحزبي. من جانبه أصدر مجلس نقابة الأئمة بيانا أيدوا فيه وزير الأوقاف وشبهوا الداعين للتظاهرات بالخوارج الذين بدأوا برفع المصاحف ثم قاموا برفع السيوف وقال الشيخ عبد الناصر بليح المتحدث باسم النقابة إن رفع المصاحف خدعة في الدين تؤدي إلي فتنة والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها وقد حذرنا الإسلام من الفتن ما ظهر منها وما بطن فقال تعالي : "وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ". استنكر الشيخ شعبان جلال رئيس المجلس التنفيذي للنقابة والشيخ زكريا السوهاجي وكيل النقابة الدعوة وقال كل منهما بدلاً من أن نرفع المصحف علي رؤسنا دون العمل به نحفظه في صدورنا ونطبق حلاله وحرامه وشرعه ونعمل به.. مؤكدين بأن الأئمة سوف يتحدثون من خلال خطب الجمعة والدروس اليومية في الأيام القادمة عن هذه الفتنة داعين الناس للوحدة والاعتصام بحبل الله جميعاً.