في صباح يوم 12 فبراير سنة 1953 أي بعد أقل من سبعة أشهر من قيام ثورة 23 يوليو 1952 وقع الرئيس الراحل محمد نجيب بالنيابة عن مصر مع السفير البريطاني السير رالف ستيفنسن الاتفاق المعروف "باتفاق السودان بشأن الحكم الذاتي وتقرير المصير" وذلك بعد محادثات شارك فيها الدكتور محمود فوزي وزير الخارجية والصاغ "الرائد" صلاح سالم عضو مجلس قيادة الثورة وآخرون من مصر.. وشارك من بريطانيا مستر كرزويل الوزير المفوض بالسفارة والمستر بارور السكرتير الأول المختص بشئون السودان. وكان قد سبق ذلك محادثات عديدة منها عرض قضية مصر والسودان علي مجلس الأمن في أغسطس سنة 1947 وانتهت بعدم اتخاذ أي قرار فيها "نفَّض" مجلس الأمن يده منها. بالاضافة إلي ما قام به رجال الحكومات المصرية من اتصالات انتهت جميعها بالفشل. ولكن الاهتمام الجاد والحاسم كان بعد قيام ثورة 23 يوليو حيث قرر مجلس قيادة الثورة ترك الأمر كله بيد السودانيين وتقرير المصير واختيار الحكم الذاتي أو الانضمام مع مصر.. وفي جميع الأحوال اهتمت مصر بالاحتفاظ بوحدة السودان بوصفه اقليما واحدا. وانتهي الأمر كما هو معروف باختيار السودانيين الحكم الذاتي ورحبت مصر بما اختاره السودانيون.. رغم أن ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا قال "إذا فصل السودان عن مصر انقطع عنه الهواء فمات مختنقاً" وهذا التصريح يدل علي اقتناع بريطانيا التام بالتصاق السودان بمصر.. أما صلاح سالم عضو مجلس قيادة الثورة والذي شارك مشاركة فعليه في موضوع السودان فقد صرح "بأنه لم يقرأ في حياته قبل 23 يوليو عن السودان سوي النذر اليسير" وهذا التصريح يفسر لماذا فشل صلاح سالم فشلا ذريعاً عندما حاول "الرقص علي واحدة ونص في جنوب السودان" والغريب أن اسماعيل الأزهري الزعيم السوداني الكبير يعترف في تصريح له قائلا: "لحم اكتافي من مصر ولكن هل يرضيكم أن يحكمنا صلاح سالم.."؟!وخلال الاسابيع الماضية عندما تكررت نفس المواقف الجافة بين البلدين وحدثت محاولات للوقيعة بينهما.. ولكن كالعادة بسرعة تم وأدها وتبادل الرئيسان السيسي والبشير الزيارات لحل المشاكل العالقة.. ومن بينها مشكلة صنعتها بريطانيا والخاصة بمنطقة "حلايب".. والتي يجري بحثها حاليا ولكن أهم ما خرجت به زيارة البشير الأخيرة لمصر من نتائج وتتضمن تفعيل اتفاقية الحريات الأربع التي تتيح لكل من السودانيين والمصريين حرية التنقل والاقامة والعمل والتملك.