في الصف الأول وعلي أول مقعد من اليمين جلست. كان هو المقعد المخصص للكاتب مفيد فوزي وكنت أنا مكانه حين تخلف عن الحضور. وبجواري جلس علية القوم في المشهد الثقافي في بلدنا. القاعة مظلمة إلا من ضوء خافت حول ملابسي البيضاء إلي بقعة نورانية مشعة بلون السماء. تأملت نفسي في صورتي الملائكية وتمنيت لو بقيت هكذا طوال الحياة. تشبعت بسعادة غير مسبوقة وانفتحت داخلي نافذة لاستقبال العرض المسرحي بكل ارتياح وشغف وشوق. إنه العرض المسرحي "بعد الليل" للمخرج المبدع خالد جلال. عرض تخرج الدفعة الأولي باستوديو المواهب قسم التمثيل بمركز الابداع الفني بالأوبرا. دعتني لرؤيته الصديقة الروائية صباح عبدالنبي. وهي التجربة الرائدة التي ينفذها صندوق التنمية الثقافية إنتاجاً بتمويل من وزارة الثقافة. واشتملت هذه الدفعة التي استمر تدريبها 6 شهور بالتمام والكمال علي أكثر من 30 موهبة شابة وقفت علي خشبة المسرح لتمثل للمرة الأولي. بدأ العرض بكلمة للمخرج أوضح فيها ما يتعلق بتلك التجربة واختتم العرض بتقديم المخرج لكل أبطال العرض بالاسم واحداً واحداً وهم يصطفون محدثاً حالة من الابهار والادهاش للضيوف والحضور من قدرته علي تذكر أسماء الجميع ثنائية. وكان بين البداية والختام عرض رائع فكرة ومعالجة وتنفيذاً وهو رؤية يقدمها خالد جلال لواقعنا المأساوي المتعثر المكبل بالمشاكل والمعاناة. بحثاً عن إجابة لسؤال جوهري دار حوله العرض من بدايته لنهايته هو: "إحنا إيه اللي خلانا كده؟. إيه اللي وصلنا لكده في مشاكلنا المتعددة مثل البطالة والجشع والعنوسة والتشدد والتعصب والتطرف والأنانية والسرقة والنصب والنهب والكذب وغير ذلك من المعاني المجردة التي حولت حياتنا إلي كلكيعة تستعصي علي الحل مؤكداً أنه لا ليل إلا وبعده نهار. قدم خالد جلال وتلامذته الموهوبون عملاً مسرحياً رائعاً ومتكاملاً رؤية وتنفيذاً وإخراجاً ليبشروا بعصر قادم مليء بالرموز الفنية تمارس فيه مصر ريادتها الفنية كماً وكيفاً كما كانت مع جيل الستينات والسبعينات والثمانينات خاصة إنني من المؤمنين بأن مصر خلت بعد جيل الثمانينات من الفن المحترم. لمع إلي جوار خالد جلال بشكل لافت محمد عز ونور قدري وإسلام عبدالله وميرنا جميل ومحمود الليثي وسارة إبراهيم وتوني ماهر وجيهان الرازي وباسنت هشام وأحمد سالم وإسراء الصابوني وأحمد هاشم ووفاء الشرقاوي ومحمد مجدي وسعاد الهواري ومو مجدي وباهر الشافعي ونهلة كمال وماجد الشريف ودينا هريدي وعصام ونهي طاهر وإيليا نادر ورانا هريدي وجاسر مصطفي ونوري الحافظ ومحمود خالد وأسماء عبدالله وأحمد ممتاز وبيشوي عادل وفرح محمد وعصام متولي بالإضافة إلي مصممة الأزياء تغريد عز والديكور ندي عبدالمجيد وعمر رأفت والإضاءة والصوت أحمد عبدالتواب ومحمد حسن وختاماً بالمخرج المنفذ علا فهمي.