رفض علماء الأزهر تصريحات الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة للتليفزيون والتي أعلن فيها موافقته علي تجسيد الانبياء والرسل في الاعمال الدرامية وأن عرض فيلم "نوح" لا يتنافي مع الاسلام كما رفضوا اتهامه لبعض رجال الازهر من المحافظين بأنهم يعارضون كل ما هو جديد. أكد العلماء أن هذه التصريحات تهدد بكارثة اندلاع أزمة جديدة بين وزير الثقافة والازهر حيث سبق للدكتور عصفور وصف الازهر بمحاكم تفتيش وديكتاتورية وفاشية دينية.. إلخ. الدكتور عبدالفتاح إدريس أستاذ الشريعة الاسلامية يقول: لقد اتفق علماء الاسلام سلفا وخلفا وانتهت كل المجامع الفقهية إلي حرمة تجسيد الانبياء والرسل في الاعمال الفنية أيا كانت هذه الاعمال حتي ولو كان هذا من قبل الاعلام الديني أو الدعوة إلي الله سبحانه وتعالي من خلالها. ومما لاشك فيه أن علماء السلف بحثوا هذه المسألة بحثا مستفيضا وعلماء الخلف كتبوا بحوثا عديدة في مثل هذا الامر أيضا وهم أهل الاختصاص والذكر فيما يتعلق بالحرام والحلال وقد قال الله سبحانه "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" وهؤلاء العلماء حسموا هذه القضية وأكدوا أن تجسيد الانبياء والرسل حرام ومن ثم فإن الافتئات عليهم في هذا الامر هو افتئات بما لاعلم له بحكم الشرع وقد نهي الله سبحانه وتعالي عن ذلك فقال : "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا" ولهذا فإن الجرأة بالموافقة علي تجسيد الانبياء قد تصل إلي حد إحداث فتنة في المجتمع قد لاتنتهي بخير لا في الامد العاجل أو الآجل وذلك لأن تجسيد الانبياء والرسل يتضمن الاساءة اليهم والازدراء منهم وافتعال بعض الوقائع بما تقتضيه الحبكة الدرامية والتي لايصح انتسابها إليهم وهذا في حد ذاته أمر غير لائق في حق البشر العاديين فما بالنا بمن عصمهم الله سبحانه وتعالي واصطفاهم بين سائر خلقه. ولهذا كما يري د. إدريس أنه ينبغي علي وزير الثقافة أن يراجع نفسه فالمسلمون ليسوا في حاجة إلي اشغال أنفسهم بهذا الامر خاصة وهو أمر مجمع علي حرمته واقتحام الامر المجمع علي حرمته هو نوع من المكابرة وعدم المبالاة بأحكام الشرع الحنيف. محرمة بالإجماع الدكتور حامد أبو طالب العميد الاسبق لكلية الشريعة والقانون جامعة الازهر يؤكد أن مجمع البحوث الاسلامية وهيئة كبار العلماء ودار الافتاء وكل المجامع الفقهية حرمت تجسيد الصحابة والانبياء والرسل في الاعمال الدرامية لان هذه الفئات تتميز عن غيرها شرعا فقد اصطفاهم الله سبحانه وتعالي لتبليغ رسالته إلي البشرية بنصوص القرآن ومن ثم فهم ليسوا كالبشر ومهما بالغ الممثل في تمثيله فلن يستطيع أن يخرج هذه الشخصية علي وجهها الاكمل كما أن الممثل عادة ما يقوم بأدوار مختلفة منها الشرير والمدمن وغير ذلك فظهوره بمظهر نبي يسقط كرامة الانبياء والمرسلين ويجعل المشاهد يتصور أن هذا النبي يسري عليه ما يسري علي هذا الممثل وهذا ظلم بين لهذه الشخصيات. أما ما يقوله د. جابر عصفور أو غيره من أن الازهر يفرض وصاية علي الناس فهذا كلام غير حقيقي فالازهر يكتفي ببيان الحكم الشرعي ولا يلزم الناس باتباعه فليس له سلطة إلزام ولكن يتمثل بقول الله تعالي "إن عليك إلا البلاغ" لذلك فهو يبلغ الحكم الشرعي ثم بعد ذلك "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" كما قال تعالي. اتهامات مرفوضة د. أحمد كريمة أستاذ الشريعة الاسلامية بجامعة الازهر يؤكد أن الدكتور جابر عصفور منذ توليه مهام وزارة الثقافة وهو يفتح نيرانه علي الازهر الشريف فتارة يتهمه بأنه محاكم تفتيش وأخري يصفه بالديكتاتورية وثالثة بالفاشية الدينية وهذه تعتبر إساءة للأزهر وعلمائه. وفيما يتعلق بالتصريحات المنسوبة للوزير بتأييده تجسيد الانبياء والرسل عليهم السلام في الاعمال السينمائية وغيرها يقول د. كريمة إن الوزير بذلك تدخل فيما لايعنيه ولا تخصص له فيه والدستور المصري ينص علي عدم تداخل السلطات وأن الازهر يختص دون غيره بإبداء الرأي الشرعي في الاحكام الدينية لذلك كان أولي بالوزير احترام هذا المبدأ الدستوري. أما كونه يريد تفعيل أجهزة وزارة الثقافة في تصحيح المفاهيم الدينية المغلوطة وتصويب الافكار الخاطئة بوسائل ثقافية متنوعة فهذا ليس من اختصاص وزارته التي تنحصر انشطتها في الرسم والنحت والنقش والعزف والرقص وكلها لاتعبر عن ثقافات الشعوب ولا صلة لها بأي أعمال دينية. أضاف أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : "من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لايتمثل في صورتي "وبدليل الاجماع الشرعي من باحثين متخصصين أجمعوا علي تحريم وتجريم تجسيد شخصيات الانبياء والرسل عليهم السلام وكبار سادتنا آل البيت والصحابة رضي الله عنهم أجمعين. يطالب د. كريمة بتدخل كبار الدولة لحسم هذه القضية وعدم السماح لاحد أيا كان بالتحدث فيها مرة أخري خاصة من الناحية الشرعية لانها قتلت بحثا. إخلال بالقدسية أكد د. حمدي طه الاستاذ بجامعة الازهر أن تجسيد الانبياء في الاعمال الدرامية يخل بقدسيتهم ويقلل من مكانتهم في أعين الناس.. فإذا كان لابد من تناول سيرة الانبياء فليكن العمل الدرامي قائما علي توضيح أهداف رسالتهم وليس تجسيد شخصياتهم لانه ليس هناك إنسان يشبه نبيا فقد اصطفاه الله سبحانه وتعالي من بين سائر البشر وفضله عليهم أجمعين وعصمه من الاخطاء. أشار إلي أن الازهر الشريف هو المرجعية الاسلامية للعالم أجمع وأجدر بأهله أن يلتزموا بتوصياته فالكلمة الاولي والاخيرة لبيان الحكم الشرعي في مسألة ما لاتصدر إلا عن العلماء المتخصصين في هذه الامور.