زارت صديقتها لاحظت اهمالها لمظهرها وانشغالها المرهق بالبيت والاولاد .. كانت تكوي قميص ابنها الاكبر الذي اقترب موعد عودته من الكلية وتتابع ابنتها الصغري في عمل واجباتها المدرسية. وبين الحين والآخر تلقي نظرة علي قدور الطعام فوق البوتاجاز .. قالت لها في دهشة: * ألا ينتهي شغل بيتك أبدا .. كلما زرتك وجدتك علي هذه الحال .. حتي أناقتك أصبحت مشغولة عنها ابتسمت وهزت رأسها تحسرا - أناقتي ؟.. لن نأخذ زمننا وزمن غيرنا امتعضت من ردها المستسلم .. رمقت مرآة علي الحائط فنهضت لتطالع صورتها وتعد عبارة ثقة لتقولها في إطار من المزاح لكنها بهتت .. كأنها تري صورتها لأول مرة .. ما هذه الغضون علي جانبي عينيها. وما هذا اللون الغامق تحتهما .. لأول مرة تري الخطين الرأسيين حول فمها بهذا العمق .. أيكون الزمن قد أفلح في وضع إمضائه علي وجهها الجميل .. اعتراها وجوم وظلت تحادث صديقتها بذهن غائب بعد أن تشعب الكلام .. في طريق عودتها حاولت التشاغل بمتابعة الوجوه والفاترينات والسيارات لكنها لم تفلح في الانفلات من ربقة حزن عميق .. حاولت تناسي ما قالته صديقتها عن زمنها وزمن غيرها فراحت تقنع نفسها بخطأ كلامها لكنها لم تفلح .. وحين ضمتها جدران بيتها بدأ صوت حجتها يعلو رويدا .. صديقتها تريد أن تدمغ كل النساء بما هي فيه من شقاء , وتلصق تهمة ذبولها بالزمن البريء ثم إنها أكبر منها بعامين كاملين وأنجبت أربع مرات تباعا فكان طبيعيا أن يتوه جمالها وسط زحام الحمل والولادات والانشغال .. تصاعد داخلها صوت يحثها علي النظر في المرآة .. حاولت المراوغة مترددة .. قامت تخطو نحو المرآة .. تمنت ألا تكون ظالمة كمرآة صديقتها .. أخيرا طالعت وجهها .. وجدته كأبهي ما يكون .. نعم هكذا عهدته دوما .. دققت النظر حول عينيها وتحتهما .. رضيت عن نضارتها تماما .. أفلتت من وجومها في الحال .. أشرق وجهها بابتسامة واسعة وهي تقول لنفسها. - حيت تزورني هنا سأعرف كيف أرد عليها..