اتفق العرب علي أن ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" صناعة أمريكية.. لكنهم اختلفوا حول الهدف الذي من أجله صنعت أمريكا هذا الداعش. هناك من قال إن أمريكا زرعت هذا التنظيم الإرهابي لإعادة تقسيم العالم العربي وتفتيت دوله علي أسس مذهبية وطائفية. وهناك من قال إنها استهدفت اسقاط المنطقة كلها في حروب داخلية لإنهاك الجيوش العربية واستنزافها.. لكي لا يبقي جيش عربي قوي يستطيع مواجهة إسرائيل. طرف ثالث قال إن أمريكا تستخدم "داعش" في ابتزاز دول الخليج مادياً.. وقد جعلت منه فزاعة كما كانت تستخدم صدام حسين من قبل.. وقال ضاحي خلفان القائد السابق لشرطة دبي إن بوش طلب تحالفاً لإخراج صدام حسين من الكويت والآن أوباما يطلب تحالفاً ليخرج داعش.. وكله بثمنه. آخرون قالوا إن حكاية داعش وما يثار حولها مجرد تمثيلية مكشوفة ومعدة مسبقاً لتبرير التدخل الأجنبي واستبقائه في المنطقة.. وإلا فما الذي يمنع الجيوش العربية المدججة بالسلاح الحديث أن تتولي هي مهمة تصفية داعش؟! والخلاصة.. أننا اتفقنا علي أن داعش صناعة أمريكية.. لكننا اختلفنا حول هدف هذه الصناعة.. بل ودخلنا في دائرة الشك حتي أوصلنا الشك إلي استنتاجات متناقضة.. وربما تقودنا الاستنتاجات المتناقضة إلي تبادل الاتهامات. الشيعة في إيران ومن يتحالفون معهم يتهمون السنة بأنهم أنشأوا ومولوا داعش بزعم الدفاع عن السنة في العراق وسوريا في مواجهة السلطة الشرعية التي يسيطر عليها الشيعة في البلدين.. والسنة يتهمون الشيعة بأنهم هم الذين مولوا إنشاء التنظيم الإرهابي لتشويه سمعة أهل السنة.. والتحالف مع أمريكا لدحره.. فيصبح داعش هو الجسر الذي تلتقي عنده إيران وسوريا الأسد من جانب وأمريكا من جانب آخر.. والدليل علي ذلك أن داعش لم يهدد إيران ولا الشيعة وإنما يهدد الدول السنية. ووسط هذه الاتهامات تقف إسرائيل قوية متماسكة لتقول إن السنة والشيعة معا يهددون العالم.. ويقول يوفال شتانيس وزير شئون المخابرات الإسرائيلية إن هناك محورين يهددان العالم أحدهما شيعي بقيادة إيران التي تسعي لحيازة أسلحة نووية.. والآخر سني جهادي. وهناك متطرفون في العالم يقولون أكثر من ذلك خصوصاً فيما يتعلق بتأسيس وتمويل ورعاية داعش.. ويزجون بأسماء دول سنية محافظة لكي يربطون بينها وبين الإرهاب.. لتكون المحصلة أن العرب والمسلمين كلهم داعش.. يذبحون الصحفيين ويطردون المسيحيين من ديارهم.. ويبيحون لأنفسهم كل المحرمات. والحقيقة أن العرب والمسلمين مجرد ضحايا سذج في لعبة الأمم التي لم يعرفوا قواعدها حتي الآن.. ربما استخدموا كأدوات لكنهم في النهاية ضحايا.. ليست لهم كلمة.. ولا يملكون من أمرهم شيئاً.