هل تعني زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لروسيا الاستغناء نهائيا عن العلاقات مع أمريكا أو علي الأقل تحجيم علاقاتنا معها بحيث تصبح في المرتبة الثانية بعد موسكو؟! لقد كان أول رد فعل أمريكي تعليقا علي هذه الزيارة جاء علي لسان ماري هارفي نائبة المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية بأن مصر حرة في إقامة علاقات مع أية جهة تريدها.. وقالت إن الولاياتالمتحدة لديها علاقات استراتيجية قوية مع مصر. في نفس الوقت قال الرئيس عبدالفتاح السيسي إن زيارته لروسيا هي لتوسيع العلاقات المصرية الخارجية واقامة علاقات مع كل الدول لخدمة المصالح المصرية علي أساس احترام الدول بعضها لبعض وعدم التدخل في شئونها الداخلية. هذا يعني أن زيارة الرئيس لروسيا لم تأت علي حساب الولاياتالمتحدةالأمريكية خاصة أن هناك كما قالت ماري هارفي علاقة استراتيجية قوية مع القاهرة وأن مصر حرة في إقامة علاقات مع أي جهة تريدها. زيارة الرئيس لروسيا كانت ناجحة بمعني الكلمة وقد اتفق مع الرئيس فلاديمير بوتين في كل القضايا التي تم طرحها اقليميا ودوليا.. وقال الرئيس إن هذا التقارب بين الدولتين كان محل رضا كبير منه. لقد شملت الزيارة مجالات متعددة وخاصة في المجالين العسكري والاقتصادي ولا شك أنه تم الاتفاق علي بعض الأمور في النواحي العسكرية.. أما المجال الاقتصادي فسوف تشارك روسيا في مشروع تنمية قناة السويس وربما في إقامة محطة الضبعة النووية واقامة منطقة حرة روسية في مصر ومركز لوجستي مصري علي البحر الأسود وزيادة السائحين الروس إلي مصر وغير ذلك من مكافحة الإرهاب ومختلف القضايا التي تناولها البحث. أعود وأقول إن نجاح هذه الزيارة بشكل منقطع النظير لا يعني بأي حال استبدالها بالعلاقات مع أمريكا.. فأمريكا لها مصالح في مصر وفي المنطقة ومصر لها أيضا مصالح في أمريكا ومعها دول الغرب.. لكن هذه الزيارة ربما تجعل الولاياتالمتحدة تكون أكثر جدية في التعامل مع مصر. وسوف اكتفي هنا بطائرات "الأباتشي" التي تعاقدت مصر عليها لشرائها من الولاياتالمتحدة وعندما قامت ثورة 30 يونيو أوقفت واشنطن كل علاقاتها مع مصر من أجل الإخوان وامتنعت عن توريد الأسلحة لمصر ومن بينها هذه الطائرات ثم عادت وقررت تسليمها لمصر لمكافحة الإرهاب.. ثم تراجعت عنها للمرة الثانية. وفوجئنا بأن نائبة المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية تتهم مصر بأنها استخدمت هذه الطائرات في ضرب المتظاهرين السلميين.. وهو ادعاء أمريكي كاذب بمعني الكلمة.. فهذه الطائرات لم تستخدم إلا في مكافحة الإرهاب بسيناء وهو ما نادت به أمريكا.. لكنها عندما تريد أن تغالط فلا أحد يستطيع تكذيبها!! من هنا نقول إنه في مثل هذه الأمور فإن روسيا تماثل أمريكا في إنتاج الأسلحة المتطورة ويمكن في هذه الحالة الاستغناء عن طائرات الأباتشي الأمريكية التي ارادت أن تذلنا بالامتناع عن توريدها لمصر. إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي جاءت في موعدها تماما ليعدل العلاقات مع الدول الخارجية بما يعود بالنفع علي مصر.. وهذه هي قمة الوفاء للوطن.