طالعتنا الصحف ووكالات الانباء الاجنبية والاسرائيلية بأخبار عن اقتراب الاتفاق بين مصر واسرائيل لاستيراد الغاز الاسرائيلي عن طريق الشركة الاجنبية "بي جي" النفطية البريطانية لضخ الغاز كمنشأة الغاز المسال في ادكو وشركتي نوبل وانرجي الامريكية ويونيون فينوسا الاسبانية لمشروعها في دمياط لاسالة وتصدير الغاز ولكن السلطات المصرية لاتؤكد ولاتنفي وتلتزم الصمت.. فتحت المساء هذا الملف لمناقشة القضية مع خبراء البترول وطرح عدة تساؤلات عن جدوي الاستيراد من اسرائيل وهي نفس الدولة التي كانت مصر تصدر لها الغاز بأسعار زهيدة في عهد الرئيس المخلوع مبارك. تباينت الآراء بين مؤيد ومعارض فهناك رأي يقول لامانع من الاستيراد من اسرائيل لحل الازمة التي تمر بها مصر علي ان تكون هناك مفاوضات جيدة تضمن الحصول عليه بأسعار معقولة وبعد ان تسترد مصر عافيتها تبحث عن حلول بديلة ونحل القضايا المرفوعة علي من الشركات الاجنبية لاسالة الغاز التي توقفت عن العمل لعدم التزام مصر بإسالة الغاز في المشروعات المقامة بإدكو ودمياط. الرأي الاخر يرفض تماما الاتجاه للاستيراد من اسرائيل ويري الحل في توقف مصر عن تصدير الغاز تماما حتي لا نحتاج لاي دولة اخري وايضا في ضرورة رفع الدعم عن المصانع كثيفة الاستخدام للطاقة والتي تحصل عليه بأسعار منخفضة في حين انها تبيع السلعة للمستهلك بهامش ربح خيالي. في البداية يقول حمدي البنبي وزير البترول الاسبق انه حتي الآن لايوجد قرار رسمي باستيراد الغاز من اسرائيل واسرائيل نفسها لم تنتج الغاز رسميا ولكنها في طريقها لذلك عن طريق حقل تمارا واذا حدث ذلك لابد من موافقة وزير البترول وعرض الامر علي مجلس النواب لان الوضع الحالي يستدعي البحث عن حلول سريعة لتوفير الغاز لاتكلف مصر مبالغ باهظة. اضاف ان مصر لديها ثروة بترولية لكن المشاكل التي حدثت في السنوات الماضية اثرت علي الاكتشافات البترولية بجانب عجز الموازنة والوضع الاقتصادي السيئ ومن المعروف ان هذه الاكتشافات تحتاج لمبالغ كبيرة وكانت هناك شركات عالمية تستكشف الغاز في البحر المتوسط ومصنع في رشيد لتنقية هذا الغاز لكن الاضرابات والاعتصامات التي واكبت الثورة اثرت علي سير العمل حيث كان يتم ضخ ما يقرب من مليار قدم مكعب من الغاز يوميا نحصل عليه من المياه العميقة وسد هذا العجز قضية مهمة تتطلب حلولا عاجلة. وعلي مسئولية الدكتور ابراهيم زهران خبير البترول الدولي يقول: بالفعل يتم مد خط انابيب من حقل تمار في اسرائيل الي محطة الاسالة في رشيد وجار العمل فيه لكن الحكومة المصرية تنفي ذلك وتقول انها مجرد شائعات وعلي الجانب الاخر فإسرائيل والصحف الاسرائيلية ووكالات الانباء تؤكد بدء تنفيذ المشروع ومصر حاليا تستورد الغاز من الدول الاخري بسعر 18 دولاراً للمليون وحدة حرارية بريطانية وكنا نبيعه ب75 سنتاً لنفس الوحدة في عهد مبارك!! يشير الي ان حقل تيمار يمر في المياه اللبنانية اما حقلا شمشون وليفياتون من الحقول الاسرائيلية التي تمر في المياه المصرية اي أن هناك سرقة واضحة لمصر لذلك لابد ان تبحث مصر عن حقها في هذه المياه او تطالب بتعديل اتفاقية تقسيم المياه وللعلم الاكتشافات وخط انابيب الغاز يأتي من الخط شرق المتوسط ومايقال ان الغاز سوف يأتي من الخطوط الموجودة في سيناء غير صحيح لان اسرائيل اصبحت لا تستخدمه الان بعد التفجيرات المتوالية له منذ احداث الثورة وهي تعتمد علي خطوط الانابيب في شرق المتوسط. يطالب الدكتور ابراهيم زهران الحكومة بوقف تصدير الغاز نهائيا لاي دولة لان مصر تقوم بتصدير الغاز حتي الآن ثم تفكر في استيراد باقي احتياجاتها من اسرائيل وهذا كلام غير منطقي!! كما ان المصانع تحصل علي الغاز المدعم في حين انها تبيع السلعة للمستهلك بهامش ربح خيالي فلماذا لايتم الغاء هذا الدعم خاصة عن مصانع الاسمنت والتي تبلغ تكلفة الطن 200 جنيه ويباع ب500 جنيه وكذلك مصانع السيراميك حيث تكلفة المتر 230 قرشا ويباع ب70 جنيها!! يري المهندس خالد وجيه خبير الطاقة ان استيراد الغاز من اسرائيل قضية اقتصادية بحتة لايجب ان تدخل السياسة فيها.. ومنطق المصلحة يقول ان مصر من حقها ان تستورد احتياجاتها بأقل تكلفة وبالتالي يتجه التفكير للاستيراد من الدول القريبة او ذات الحدود المشتركة.. وبالتالي اذا اقتضت المصلحة والحسابات الاقتصادية الاستيراد من اسرائيل فما المانع؟ يضيف ان نفس منطق المصلحة هو الذي دفع مصر في السابق لتصدير الغاز واستخدام الاموال المتحصلة من ذلك في اقامة مشروعات اقتصادية.. مؤكدا ان الاتجاه لاسرائيل في الحصول علي الغاز لايعني ان مصر نتجاهل الصراع العربي الاسرائيل الذي لم ينته بعد. طريقة التفاوض يتفق معه مدحت يوسف خبير بترول ونائب رئيس هيئة البترول السابق ورئيس معمل ميدور سابقا موضحا ان الوضع الاقتصادي والظروف التي تمر بها البلاد لاتتحمل اي تأخير في توفير الغاز والاهم من ذلك طريقة التفاوض مع اسرائيل للحصول علي سعر مناسب فمصلحة مصر اهم من كل ما يثار حول هذه القضية. يضيف انه في ظل ضعف الامكانيات التفاوضية مع الدول العربية المنتجة للغاز الطبيعي مثل قطر وازمة العلاقات معها.. والجزائر اشترطت تكرير خاماتها في معمل "ميدور" رغم ان الخامات الجزائرية خفيفة لاتناسب المعمل المصمم للخامات الثقيلة بالاضافة لارتفاع السعر الذي عرضته الجزائر لتصدير الغاز لمصر. أوضح ان مصر لديها احتياطي عالمي من الغاز لكنه مركز في المياه العميقة ويتطلب التنقيب عنه اقتصاديات ضخمة وتكنولوجيا عالية وللأسف بعد ثورة يناير توقفت كل هذه المشروعات لعدم وجود استثمارات اجنبية بجانب الوقفات الاحتجاجية من أهالي ادكو ضد أكبر مشروع لانتاج الغاز الطبيعي في مصر وهو لشركة بي بي الانجليزية. محطة في إدكو * المهندس أحمد فريد نائب رئيس هيئة البترول للانتاج سابقا وعضو مجلس ادارة احدي الشركات الأجنبية للبترول والمدير الاقليمي لفرعها بمصر قال: هناك محطة اسالة في ادكو تابعة لشركة أجنبية بينها وبين مصر عقود طويلة منذ عهد مبارك وكانت هذه الشركات تصدر جزءا من الغاز لإسبانيا وجزءا آخر للشبكة القومية ونتيجة للاعتصامات والاضرابات من العاملين بالشركة لوجود مطالب لهم توقف الانتاج مما أخل بشروط العقد بين مصر وهذه الشركة وقد يترتب عليه غرامة مالية بمليارات الجنيهات. يشير إلي أن هذه الشركة اتجهت الآن للحصول علي الغاز من حقل يسمي نوبل تابع لإسرائيل وتتم عملية الاسالة داخل مصر وتستطيع مصر من خلاله تشغيل الشبكة القومية. ويضيف ان مصلحة البلد هي الأهم.. فمثلا فلسطين ولبنان والأردن تستورد الغاز من إسرائيل وهي اكثر الدول المتضررة من إسرائيل ولكنه منطق المصلحة. نظام مبارك قام عندما قام بتصدير الغاز لإسرائيل كان لا يحسب خطواته حيث قدر المخزون والاحتياطي بطريقة مبالغ فيها وبعد الثورة وما تبعها من احداث وتوقف لعجلة الانتاج لم يكن ممكنا البحث عن حلول للمشاكل فتم تجاهلها حتي تراكمت.. أما الآن فالوضع اختلف وهناك من يتحمل مسئولية القرار ويفكر لصالح مصر. * أمجد غنيم مسئول التخطيط بوزارة البترول سابقا قال للأسف الانتاج ضعيف جدا من الغاز وكان هناك اتفاق بين الدولة في النظام الاسبق والشركة الأجنبية بريتش بيتروليم لانتاج مليار متر مكعب في اليوم بمنطقة ادكو حتي لا يقل الانتاج وتتأثر محطات انتاج الكهرباء.. موضحا ان هذه الاتفاقية تمت عن طريق دراسة جدوي اقتصادية تسمح بضخ الغاز في الشبكة القومية للغازات بأسعار معقولة في الوقت الحالي بالاضافة إلي وجود خط الأنابيب الذي يربط بين مصر وإسرائيل مما يجعل التكلفة أقل بكثير وهناك تسهيلات لتحويل السائل إلي الغاز ثم ضخه في الأنابيب وسوف يتم عرض هذا الأمر علي مجلس الشعب بعد تشكيله ولكن يجب ان نعلم ان عامل الوقت مهم جدا ومصلحة مصر في المقدمة وبعد ان تسترد مصر عافيتها من الممكن ان تكون هناك حلول بديلة.