لو كلفني رئيس الجمهورية بتشكيل حكومته الجديدة لكان همي الأول هو البحث عن وزير الثقافة قبل أي وزير آخر .. قلت هذا منذ فترة طويلة .. وأكرره .. وزير الثقافة - ياسيادة الرئيس .. ويسأل من يسأل لماذا ؟ : فأجيبه أن مأساة بلدنا مصر الآن - ياسادة - وماتتعرض له من موامرات وويلات ومكائد تعتمد علي الجهل واستغلال الجهلاء هي معضلة المعضلات .. والمعاناة التي يعانيها هذا الشعب العظيم الصابر تحتاج في المقام الأول إلي استراتيجية ثقافية دقيقة تعتمد مشروعا ثقافيا يقوم علي وضعه فريق أمين علي المستقبل ليمهد الطريق أمام الأجيال القادمة وخاصة الشباب .. وبالتالي فإن أولي خطوات هذه الإستراتيجية هي اختيار هذا الوزير بعناية فائقة مثل الراحل الكبير دكتور ثروت عكاشة .. وزير الثقافة في مثل هذه الظروف التي نكابدها - ياسيادة الرئيس - أهم وأخطر الوزراء .. فعلي كاهله يحمل مهمة تعديل الأدمغة التي تشربت ثقافة الجماعات الإرهابية التي سيطرت عليها بمفاهيم خاطئة تماما أضرت بالإسلام والمسلمين .. وتسير ضد سنن الحياة التي أودعها الله في كونه وخلقه من تقدم علمي في كل شؤون الحياة. ياسيادة الرئيس : قلت ومازلت وسأظل أقول أن القضاء علي الأمية لن يتم أيضا إلا باستراتيجية طويلة المدي .. بمعني أن نهتم بالقضاء علي الأمية من المنبع .. ومن يريد أن يواصل تعلميه والقضاء علي أميته فسوف يجد الكثيرين الذين يأخذون بيده وهو الذي سيبحث عن ذلك الطريق .. من ثم أري أن هيئة محو الأمية علي سبيل المثال هي عبث وحرث في البحر وهدر للوقت والجهد والمال. وقد كتبت مقالا في أكتوبر 1978 منشورا علي ثلاث صفحات حول هذا الموضوع في مجلة "الجديد" التي كان يرأسها الكاتب الكبير الدكتور رشاد رشدي بعنوان" الأمية ومحنة الثقافة" وحتي الآن لم نقض علي هذا الداء لم تنجح الحكومات المتعاقبة منذ ثورة 23 يوليو في تحقيق نتائج فعلية ذات قيمة في هذا المجال .. من ثم أري إلغاء هذه الهيئة وضم هدفها وميزانيتها إلي الهيئة العامة لقصور الثقافة .. علي أن تضطلع الهيئة بتبني هذا الدور للجادين من خلال بيوت وقصور الثقافة المنتشرة في مصر. قد يكون هذا مدخلا هاما للإستراتيجية الثقافية المطلوبة لإعادة تعديل أدمغة من تم التأثير عليهم بواسطة الجماعات التي قامت بالسيطرة علي هذه الأدمغة المغيبة. من ثم - سيادة الرئيس - تأتي أهمية إختيار وزير الثقافة الذي لايقل دوره ووظيفته في هذه المرحلة عن دورو أهمية وظيفة وزير الدفاع .. فإذا كانت وزارة الدفاع منوطا بها حماية الحدود .. فوزارة الثقافة منوط بها حماية العقول .. وأعتقد أنه أمر بالغ الأهمية والخطورة..رحمك الله يابن رشد .. يامن علمت الغرب قيمة العقل فوثبوا إلي الأمام فوق أجساد الجاهلين.