في آخر اجتماع لمجلس الوزراء استعرض الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء موازنة العام المالي 2011-2012 ومن أهم بنودها وضع حد أدني وأقصي للأجور.. ليفتح بذلك الباب من جديد لمناقشة هذه القضية الهامة التي تشغل الغالبية العظمي.. خاصة أن جهاز التنظيم والإدارة كان قد اقترح تحديد الحد الأدني للأجور بمبلغ 850 جنيها ليطبق علي العاملين بالجهاز الإداري للدولة والملتحقين بسوق العمل لأول مرة. "المساء" ناقشت خبراء الاقتصاد والمواطنين لمعرفة الآراء والاقتراحات حيث تباينت الآراء بين من يرحب ب850 جنيها كحد أدني ومن يطالب برفعها إلي 1200 جنيه علي أن يتم تحريك مرتبات القدامي أيضا وإلزام القطاع الخاص بحد أدني يتناسب مع ظروفه.. وذلك تحقيقا للعدالة الاجتماعية.. واقترحوا وسائل عديدة لتدبير موارد تغطي هذه الزيادات دون تحميل ميزانية الدولة أعباء إضافية. يري د.حمدي عبدالعظيم أستاذ الاقتصاد ورئيس أكاديمية السادات سابقا أن هناك عاملين أساسيين يجب وضعهما في الاعتبار عند تحديد الحد الأدني لأجر الموظف وهما تكلفة المعيشة التي تحفظ له حياة آدمية شريفة بالإضافة إلي مستوي إنتاجيته في العمل.. وبالتالي فأجر العامل وفقا للدراسات المحلية والعالمية يجب ألا يقل عن 3 دولارات يوميا أي 18 جنيها فيكون أقل دخل شهري هو 540 جنيها وذلك للعامل أو الموظف الذي يعمل لأول مرة وبدون خبرة وليس لديه أي مؤهل علمي. لتحقيق العدالة الاجتماعية في الأجور فإن حملة المؤهلات المتوسطة يجب أن يكون الحد الأدني لهم 850 جنيها ويكون لذوي المؤهلات العليا عند التعيين في أول السلم الوظيفي بالدرجة الدنيا أي الدرجة الخامسة 1200 جنيه.. وفي المقابل يجب مضاعفة أجور قدامي العاملين حتي تكون هناك عدالة في الدخول لأن الموظف القديم الذي تصل مدة خدمته لأكثر من عشر سنوات لايزيد مرتبه حاليا عن 1000 جنيه!!. يقترح لتحقيق ذلك دون عبء إضافي علي خزانة الدولة أن تكون هناك موارد جديدة لتغطية الزيادة عن طريق الصناديق الخاصة للمحافظات والجهات الحكومية والتي يقدر رصيدها ب1.3 تريليون جنيه أي 1300 مليار جنيه.. والتي لا تدخل خزينة الدولة وتستخدمها كل جهة حسب ما تقرره مجالس إداراتها. يضيف إن هذا الحد الأدني لن يكون ملزما لأصحاب الشركات والمصانع الخاصة لكن يمكن أن تكون هناك زيادة في الحد الأدني لديهم ليصل إلي 500 جنيه وذلك للحفاظ علي العاملين بهذا القطاع وعدم الاستغناء عنهم في حالة عدم قدرة صاحب العمل علي زيادة مرتبهم. مراجعة الضرائب يقول د.سعيد عبدالمنعم أستاذ الضرائب ووكيل كلية التجارة جامعة عين شمس للدراسات العليا ان تحديد حد أدني للمرتبات يتطلب توافر بيانات دقيقة عن حجم الاقتصاد المصري واستثماراته والعائد منه وكذلك أسباب ارتفاع أسعار السلع. يؤكد أن 850 جنيها كحد أدني للأجور يعتبر قليلاً للغاية ولا يتناسب مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات التي تقدم للمواطنين.. ويجب أن يرتفع لمبلغ 1200 جنيه كما اقترحت الدراسات السابقة لإصلاح هيكل الأجور ليكون 40 جنيها مصروفا يوميا للأسرة أو الفرد لتوفير حياة آدمية في حدها الأدني. يوضح أن أي زيادة في أجور الموظفين سوف تمثل عبئا علي ميزانية الدولة في الوقت الحالي وحتي لا يحدث هذا يمكن إلغاء الضريبة التي تخصم من مرتبات الموظفين وتصل قيمتها ل20% من الدخل مما سيزيد هذه المرتبات بنفس القيمة دون أي أعباء موضحا أنه قام بكتابة مذكرة بصفته أستاذا للضرائب وأرسلها إلي وزير المالية تتضمن عدة اقتراحات لتحسين الأجور وإصلاح الهيكل الوظيفي كان ضمنها اقتراح إلغاء الضريبة وزيادة حد الإعفاء من الضرائب. يؤكد أن إلغاء الضريبة التي تخصم من المرتب ليس بدعة لأن هناك كثيرا من الدول أخذت هذا القرار مثل السعودية خاصة أن هذه الضريبة نسبتها ضئيلة في موارد الدولة. يؤكد د.عمرو غنايم أستاذ إدارة الأعمال ورئيس أكاديمية السادات الأسبق أن مصر تمر حاليا بمرحلة عدم التوازن نتيجة الخسارة الضخمة التي لحقت بالاقتصاد بسبب عهد الفساد والرشوة والنهب لأموال وأراضي وشركات الدولة وكان نتيجة ذلك تدني حالة الفرد وانخفاض الأجور لجميع موظفي الدولة بشكل غير مسبوق. يضيف أن تحسين الهيكل الوظيفي وزيادة المرتبات يحتاج لدراسات متأنية وافية وشاملة تتضمن مستويات الأسعار واحتياجات الفرد من مأكل ومشرب وملبس وتعليم وعلاج وكذلك دراسة ما إذا كانت هذه الزيادة في الأجر تتم علي أساس الإنتاج الحقيقي للفرد أو علي أساس قدرة الحكومة المالية أو صاحب العمل.. وأن يقوم بهذه الدراسات خبراء الاقتصاد في الجامعات بشرط الأخذ بالتوصيات التي يتوصلون إليها وعدم وضع هذه الاقتراحات في الأدراج!! يري د.محمد عبدالحليم أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر أن الحد الأدني للأجور يجب أن يكون 1200 جنيه لأن معظم الدراسات أكدت أن هذا المبلغ يكفي لأسرة صغيرة من زوج وزوجة وطفلين أو الوالدين لأن أي شاب قد يكون مسئولا في بداية حياته عن والديه بالإضافة للاستعداد للارتباط أو تكوين أسرة.. مع ملاحظة أن زيادة المرتبات سوف تزيد الإنتاج لتقليل العجز في ميزانية الدولة الذي تناقص بفضل الله من 210 مليارات جنيه العام الماضي إلي 145 مليار جنيه هذا العام. يضيف إن رفع الحد الأدني يتطلب تحقيق العدالة الاجتماعية لتضييق الفجوة بين مرتبات العاملين الجدد بالدرجات الدنيا في السلم الوظيفي ومن قدامي الموظفين.. كذلك بين ذوي المؤهلات العليا والمتوسطة ومن لا يحمل أي مؤهل وذلك عن طريق إضافة العلاوات السنوية للمرتب الأساسي. إمام جلال "موظف" أعرب عن تفاؤله لاهتمام المسئولين بالدولة وبزيادة الأجور في بداية التعيين لأن ذلك يشجع الفرد علي العمل والإنتاج لكن الأهم هو توفير فرص العمل للشباب الذي يعد ثروة وطاقة بشرية قادرة علي العطاء وتحسين الاقتصاد في كافة المجالات وأن يراعي الحد الأدني وتقليل الفجوة بين المرتبات الضعيفة في كثير من الوظائف المرتفعة جدا لموظفي بعض الجهات كالبنوك وغيرها مما يثير الحقد والحسد بين الأفراد. أحمد سيد "موظف": المعادلة الصعبة في رفع الأجور هي قلة موارد الدولة في الظروف الحالية وبالتالي فالحد الأدني ب850 جنيها كبداية يرضينا جميعا بشرط رفع أجور القدامي من الموظفين حسب الخبرة ومدة الخدمة. * خليفة حسين "موظف": أتمني أن تهتم الحكومة برفع الحد الأدني لمرتبات العاملين بالقطاع الخاص أيضا عن طريق دعم هذا القطاع الذي يستوعب عددا هائلا من الموظفين والعمال مع توفير وسائل للرقابة علي هذا القطاع لضمان تنفيذ سياسة تحسين الأجور. محمد عبدالفتاح "موظف": يجب أن يتم رفع مرتبات الموظفين وتحسين دخلهم بشرط توفير العدالة حتي لا يتساوي مرتب حديثي التعيين مع قدامي الموظفين وذلك بتحريك المرتبات للجميع فأنا أعمل منذ 21 عاما بالسكة الحديد ومرتبي بعد كل هذه المدة 700 جنيه لا توفر لي ولأسرتي أدني مستوي للمعيشة فثورة يناير يجب أن تضيء الحياة أمام الموظفين. توفيق الحناوي "موظف بالمعاش": تحقيقا للعدالة ننتظر زيادة المعاشات أيضا فبعد خدمة استمرت 40 سنة وصل مرتبي خلالها إلي 1800 جنيه وعندما وصلت لسن المعاش حصلت علي 400 جنيه فقط وهو مبلغ لا يساعد علي المعيشة والعلاج لي أو لزوجتي!! محمد هاشم "موظف": أرحب بزيادة الأجور ليصل الحد الأدني ل850 جنيها بدلا من مبلغ 218 جنيها التي يعين عليها موظفو وزارة الصحة وهذه الزيادة خطوة علي طريق إصلاح هيكل الأجور سواء لحديثي التعيين أو للقدامي.. فأنا أتقاضي 760 جنيها بعد 30 سنة خدمة بوزارة الصحة.. وهي لا تكفي الدروس الخصوصية لابني الطالب بالصف الثاني الثانوي وربنا وحده يعلم كيف يمر الشهر علي كل أسرة تسعي للاكتفاء بدخل رب الأسرة الذي يعمل موظفا بالحكومة!! أحمد محمدي "موظف": أرفض هذه الزيادة الضئيلة التي يقترحها المسئولون بالدولة لأن أي شاب يريد أن يتزوج ويفتح بيتا ويكون لديه ظفل أو اثنان يحتاج لمرتب لا يقل عن ألفي جنيه في ظل ارتفاع الأسعار والخدمات التي تقدم للمواطن.. ومصاريف المدارس والعلاج وغيرها. وفي وزارة المالية أكد مصدر مسئول أن هناك بالفعل دراسات موسعة تتم داخل الوزارة لإصلاح هيكل الأجور لموظفي الدولة بالكامل وليس فقط زيادة الحد الأدني للأجور.. وذلك في ضوء الإمكانيات المالية لموارد وميزانية الدولة المتاحة. يضيف أن أي قرار تتوصل إليه هذه الدراسات للإصلاحات سوف يتم طرحه لإجراء حوار مجتمعي عليه قبل إقراره نهائيا من قبل المجلس الأعلي للقوات المسلحة ومجلس الوزراء.