أردت أن أبارك شذرات أصابعهن. وأرتقي بنزيف قرائحهن. وهن يساهمن في مشروع تجميل الحياة. إذ لا نقاش في أن الإبداع. بكل فنونه هو مصدر الجمال والمتعة في الحياة. وأنه يضفي علي الكون الواسع أيضاً نغماً مميزاً.. بالإضافة إلي الأمان والسعادة. ورقي إنساننا. رسالة كل مبدع. وهو يستحق التقديس والاحترام. حين يصبح لأصابعه الودود.. وقريحته شأن في جمال الحياة. وترتيب دفقات الضوء والدفء في حدائقها المبددة. والمبدعات السكندريات يأتين كسرب أطيار. بأجنحة الخيال. إلي فضاء الحرية الأجمل الكتابة. أقصي درجات الحرية والانعتاق.. إلي الإبداع لحظة التحرر والخلود.. ويعقدن قرانهن واثقات. في كرنفال روحي صاخب. علي الكلمات شهوتهن النبيلة ضد البلادة. وضد الإلغاء والمحو. الكلمات قبلتهن التي لا يمكن تغييرها. محرابهن الآمن للصلاة بخشوع. يمشين هادئات. بخطي حالمة. لا تشبه إلا قطرات مطر ربيعي. إلي أعباء وهموم الكتابة. وقلق الإيحاء. والسهر المضني لأجل الفوز بانتزاع الفكرة الجديدة.. المثيرة التي تأخذ شكل الثمرة الطازجة لحظة القطاف. ولها طعمها الخالد كالأبد.. الشهي كرضاب شفاه أنثي عاشقة!! النسوة المبدعات السكندريات. عرائس بحر مزهو شامخ بزرقة أمواجه. وعطر نسماته. يفضلن كتابة همومهن. وأحلامهن. ورسائل عشقهن المراقب سرداً جاداً.. مميزاً "قصص قصيرة. وقصص قصيرة جداً. ومتواليات. وروايات".. ولكي يؤكدن أن الكتابة مغامرة. وأنفسهن ظامئة. مع سبق الإصرار. إلي مشاق وعذابات هذه المغامرة الشاقة العذبة. يسعين إلي نشر أعمالهن الإبداعية علي حسابهن الخاص. ومن قوت أسرهن. وهي لا تعني إلا أنها محاولة لإثبات وجود. وإدانة أيضاً. تأخذ شكل التعليق الحميمي الجريء. لتنبيه المؤسسات الثقافية ودور النشر التي تتجاهل أحلامهن الفتية. ولا تعبأ بتظاهرات حالات إبداعهن المثير. وخرابهن الضروري. ينثرن أريج ورودهن قصصهن ورواياتهن علي كل فرد مفتون بالقراءة و"فأر كتب" ومريض بلا شفاء برائحة الورق وفسفور الحروف. وكل ظاميء إلي تأمل العبارات والجمل الأدبية التي تبدو في منتهي الرشاقة. وهي تعلن عن أنوثة همها. وحلمها. وعشقها. وهن يذكرن كل من يقرأ. وزاده الا متع سحر الكلمات. بصرخة الفيلسوف ابن عربي: "المكان الذي يؤنث لا يعول عليه"..!! في كل مرة تحرضني هواجس القصيدة علي رصد خطواتهن. وهن يأتين. في سعادة غامرة وحماس طفولي. وأحتفظ بأسمائهن في دفتر ذاكرتي التي تشبه النسيان علي حد تعبير بورخيس. وهن متسلحات بأخيلتهن الطازجة. إلي الندوات والملتقيات الثقافية. الإبداعية والنقدية. في المدينة التي هويتها البحر. وخطاها شمس جسور. خجلهن الياقوتي يقرأ عناوين جديدة لقصص وروايات جديدة. وبهجة لمن يستعذب ملامحهن.. يقرأن قصصهن وهن يتزين بفسفور الحروف. وعطرهن حبر الجمل الشعرية الأنيقة. ويتحدثن بكل ما في نسمات البحر من عطر ولذة. ككاتبات مبدعات لفن القصة والرواية تارة.. وكمداخلات برؤي نقدية مهمة. حين يحضرن الندوة الأسبوعية لمختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية. أو ندوة الاثنين. أو لقاء صالون العشماوي بقصر التذوق. أو ندوات مركز الإبداع السكندري بدأ خجولات قليلات بعدد أصابع اليد الواحدة. وكم يفخر فن السرد المصري والعربي حين يصعب الآن علي الدارسين عد وإحصاء كاتباته السكندريات. وأقل واحدة منهم أصدرت عملاً. وعملين. وثلاثة. وبعضهن تجاوز هذا بكثير أذكر منهن: "آمال الشاذلي. سهير شكري. د. دينا عبدالسلام. مني عارف. هناء عبدالهادي. إيمان السباعي. مني سالم. علياء البنهاوي. والسكندرية الهوي بشري أبوشرار". وأخريات غيرهن تميزن بالمثابرة والحماس أيضاً.. تصدي لأعمالهن القصصية والروائية بالنقد الوضوعي نخبة من النقاد الكبار. أكاديميين. وكتاب. ومبدعين. وقد أصغين بحماس المبدع القلق. واستفدن من كل الملاحظات المهمة التي جادت بها قرائح هؤلاء النقاد. وعلي رأسها شروط الكتابة الإبداعية. المتمثلة في أن يمتلك المبدع والمبدعة أدواته الفنية. مصدر الإقناع والجذب للقاريء. بالإضافة إلي النصح بالقراءة العظيمة التي شرطها الإصغاء لفعل الكلمة. وهي خطر ينبغي أن يعيشه كل مبدع جاد وصاحب مشروع.. والمبدعات السكندريات يدركن هذا. بيقين ثابت. وكل يوم يزددن خبرة. وصنعة. ووعياً. فالمبدع صائغ كلمات أساساً. وبيننا وبينهن ثقة باتساع المدي. وعهد بقوة طرقات القصيدة علي أبواب قلوبنا الذهبية. أن نري فيهن صخب مبدعات. شغللنا في صوغ همومهن أعمالاً خالدة: غادة السمان. نوال السعداوي. أحلام مستغانمي. ليلي العثمان. حنان الشيخ. آسيا جبار" وأخريات قلقهن عنوان مواطن.. وهوية وطن!!