أثلج صدري عدم اعتراف نقابة المحامين بالتعليم المفتوح.. وعدم موافقتها علي ضم من يحملون ليسانس الحقوق "تعليم مفتوح" في عضويتها! وقد شعرت ان هذه النقابة والقائمين عليها يحترمون مهنتهم ويحترمون النقابة ومكانتها. حتي لا يلتحق بها ويكتسب عضويتها "كل من هب ودب". كما يقولون. ومبرر النقابة في رفض ضم الحاصلين علي ليسانس الحقوق من خلال التعليم المفتوح أن غالبيتهم غير حاصلين علي الثانوية العامة.. وهو مبرر في محله.. إذ كيف لمن لم يتمكن من الالتحاق بالتعليم الثانوي العام أن يكون لديه من الفكر والثقافة والدراية المعقولة باللغة العربية والأجنبية ما يمكنه من ممارسة مهنة المحاماة التي تحتاج إلي دقة في الصياغات القانونية وغيرها. وأنا لست ضد من يريد أن يتعلم أو يتقدم في تعليمه.. أو أن يطور من نفسه.. لكن التعليم شيء وممارسة المهنة شيء آخر.. فلا مانع من أن يسعي أي شخص للحصول علي مؤهل أعلي من خلال التعليم المفتوح. بشرط ألا يكون هذا المؤهل مسوغاً لممارسة مهنة معينة. في المقابل.. وما أدراك ما المقابل!!.. نجد نقابة الصحفيين الذين يعدون قادة الرأي العام.. وكذلك المذيعين ومعدي البرامج في الإذاعة والتليفزيون. لا توجد شروط لممارستهم المهنة.. وأصبح الإعلام والصحافة أقرب لأن يكونا مهنة من لا مهنة له.. فنجد بين الصحفيين والإذاعيين والعاملين في الحقل الإعلامي بعض خريجي معهد الكفاية الإنتاجية أو خريجي معهد التعاون وغيرهما وهي دراسات تخص المجالات المتعلقة بها. لكنها أبعد ما تكون عن الإعلام.. !! وفي النقابات المهنية. بصفة عامة. لا نجد واحدة منها تقبل في عضويتها أحداً من غير خريجي الكليات المتخصصة في دراسة المهنة المرتبطة بالنقابة ذاتها.. فمثلاً نقابة المهندسين لا تقبل في عضويتها غير المهندس. ونقابة الأطباء لا تقبل غير خريج الطب.. ونقابة التجاريين لا تقبل غير خريجي التجارة.. الخ.. أما نقابتنا أقصد نقابة الصحفيين فهي ملاذ للجميع. ومأوي لكل من يحمل شهادة جامعية. حتي لو كانت "تعليم مفتوح" أو بتقدير مقبول أو حتي لو كانت شهادته "مضروبة" وحتي لو كان لا يستطيع أن يكتب جملة مفيدة.. وليس مهماً الكلية التي تخرج فيها حتي لو كانت كلية البطاطا والبطاطس!! علينا أن نعترف.. بأن سوء الأداء الصحفي وانحدار مستوي الصحافة خصوصاً في الصحف القومية لم ينشأ من فراغ.. وإنما جاء نتيجة للتجاوزات في تعيين من لا علاقة لهم بالصحافة ولا بالإعلام كصحفيين. لا لشيء إلا لأنه جاء بوساطة من "فلان بك" أو من "علان باشا".. أو لأن والده أو والدته أو أحد أقاربه يعمل في المؤسسة.. وليس لأنه قد درس وتخصص في العمل الإعلامي أو الصحفي.. وفي الوقت نفسه نجد خريجي الإعلام الذين درسوا وتخصصوا في هذا العمل وكانوا من المتفوقين في الثانوية العامة لا يجدون عملاً.. ولو حتي في مطعم فول وطعمية! وبغض النظر عن كل ما سبق.. جاء كثير ممن تم تعيينهم في المؤسسات الصحفية القومية دون حاجة العمل إليهم وإنما تنفيذ لتوصية من هنا أو من هناك.. أو مجاملة لزيد أو عبيد!! وإذا كانت مهنة الصحافة في حد ذاتها تهدف إلي كشف ما في المجتمع من عوار ونقائص وتسليط الضوء علي أوجه القصور والانحراف فقد كان الأولي بالنقابة أن تعمل علي إصلاح البيت الصحفي من الداخل.. وأن تكون الأحرص علي الارتقاء بالمهنة وبمستوي من يمارسونها وذلك بعدم قبول أحد في عضويتها إلا إذا كان حاصلاً علي مؤهل علمي متصل بالإعلام.. وبعد إجراء اختبارات دقيقة عليه! في ظني.. ان معظم المشكلات التي تعاني منها المؤسسات الصحفية القومية. سببها سوء اختيار كوادر بعض العاملين فيها.. وهبوط المستوي الثقافي واللغوي والمهني لدي فئة غير قليلة ممن يحملون كارنيه النقابة!! وأقول للأساتذة الزملاء بالنقابة: ليتكم تأخذون العبرة من نقابة المحامين وتقومون بعملية "فرز" لمن يتقدم للحصول علي عضوية النقابة. حتي تحافظوا علي مستوي المهنة وقيمتها.. وليس عيباً أن نتعلم من غيرنا! ** أفكار مغلوطة: ما لم تعرف حقوقك.. فلن تنال أياً منها.. !!