زاملني في "المساء" عقب خروجه من المعتقل السياسي في أواسط الستينيات. اختار النقد الفني التشكيلي بعد أن مارس فن النحت منذ تخرجه في كلية الفنون الجميلة. أفدت من تجربته. وتجارب الصديقين رفعت السعيد ومحمد صدقي في الحياة داخل الأسوار في أولي رواياتي "ألسوار". استغرقتنا شأن المهمومين بالشأن الثقافي قضايا كثيرة. اتفقنا واختلفنا. وتعددت رحلاتنا إلي عمق الحياة المصرية. وكان محور أحاديثنا كما هي العادة بين الأجيال الطالعة من المبدعين افتقاد فرص النشر. مقابلاً لاقتصارها علي الأسماء الكبيرة. في إجازة صيف. خطرت لي فكرة تكوين سلسلة أدبية. نميزها بأن ننشر لأنفسنا إلي جوار أسماء أساتذتنا من المبدعين. اخترنا الاسم "كتابات معاصرة". واتخذت السلسلة شعاراً رسمه الفنان التشكيلي الصديق عادل ثابت. ولأن التكاليف كانت تعوزنا "حوالي 150 جنيهاً" دعك من المقارنة بين أسعار الستينيات والأرقام الفلكية التي بلغتها الآن فقد أزمعنا أن تكون البداية مجموعة قصص قصيرة. نضع أسماءنا علي أغلفتها إلي جوار أسماء كبار الأدباء محمود تيمور ونجيب محفوظ وعبدالحليم عبدالله ويحيي حقي ويوسف إدريس ومحمود البدوي وأمين يوسف غراب وغيرهم. حصلنا من كل مبدع علي قصة قصيرة وخمسة جنيهات إسهاماً في المجموعة القصصية. وذيلنا الجزء الأول من المجموعة بدراسة للناقد الراحل د.غالي شكري. وكتب الناقد الراحل جلال العشري دراسة للجزء الثاني. الطريف أن الصحف والدوريات العربية ساوت بين الرءوس. وضعت الكبار والصغار في سلة واحدة. ونسبتهم إلي كبار المبدعين المصريين. الأشد طرافة ما تضمنته دراسة غالي شكري من انتصار للشباب نحن آنذاك! علي أساتذة الإبداع. وأننا التمثيل الصحيح للقصة القصيرة الحديثة. أغضبت الدراسة كبار مبدعينا. وكتب يحيي حقي في "المساء" يأسي للكبار أنهم شُتموا بفلوسهم! لم يقدر لكتابات معاصرة لجملة أسباب أن تواصل الصدور. لكنها في تقديري ستظل مثلاً للمشروعات الجماعية. حين نخلص من تقديمها بروح الفريق. بإدراك أن الفردية لا تحقق مكسباً لصاحبها. لكنها تفضي إلي خسارة الجميع! أتذكر تجربة كتابات معاصرة. ثمرة لصداقتنا الشاروني وأنا وأتذكر الثقافة والوعي والإحساس بالمسئولية. وحين توليت الإشراف علي مسابقة كتاب الجمهورية. لم أتردد في اختيار الشاروني محكماً للوحات الفنية. فهو الأقدر علي قراءة إبداعات التشكيليين. رحمه الله!