هذه غابة من الاشجار المتعانقة الاغصان وفي هذه اللوحة باقة زهور في اناء من البللور. وهنا مجموعة من الورود. وتلك تصور منظرا طبيعيا في مقدمته أرض صخرية لكن الصخور من الحرير الطبيعي!! ألوان متجاورة ومتداخلة في ايقاع زخرفي. وكأنها تصور مهرجانا أو "كرنفالا" أو صواريخ الاعياد. أن الاضافة التي تقدمها الفنانة ليلي الحكيم تتركز في نجاح تجربتها الشكلية في اخضاع هذه الخامة ذات الصفات "الديكورية" أو "الزخرفية" للاعتبارات التشكيلية. عن طريق التوصل إلي حلول جمالية أدت إلي تخفيف الصفات الزخرفية وتحويلها الي وسائل تعبير تعمق الامتاع السطحي الذي تحققه الزخرفة وتحوله إلي امتاع جمالي يغوص في وجدان المتلقي. فلا يقتصر علي دغدغة الحواس السطحية عند المشاهدين.. يمر بعض الفنانين بمرحلة في انتاجهم يمكن ان نطلق عليها "الحوار مع الروائع الفنية السابقة".. وقد بلغت الفنانة ليلي الحكيم هذه المرحلة عندما أحست بخصوصية أسلوبها وتفردها في هذا الميدان. فاحتارت بعض الروائع القديمة والمعاصرة لتعيد صياغتها بادواتها المبتكرة. فنجد بين لوحاتها بعض رسوم وزخارف الموزاييك علي جدران قبة الصخرة في القدس. وهي من روائع الفن العربي القديم في صدر الاسلام.. كما خاضت بأسلوبها حوار مع لوحات الفنان ما تيس عندما أعادت صياغة عدد من لوحاته بأسلوبها وشخصيتها. هذا الحوار مع الروائع السابقة نجد مثيلا له في تماثيل الفنان الرائد محمود مختار عندما قام بصياغة تمثال "شيخ البلد" ردا علي التمثال الفرعوني الشهير المعروف بهذا الاسم. والذي يرجع إلي خمسة الاف عام مضت.. ومعروف ان الفنان بيكاسو أجري حوار مع رسوم سلفه الفرنسي "آنجر" عندما انغمس في المرحلة المعروفة باسم المرحلة الرومانية أو الوردية ليعيد صياغة الاشكال ذات المظهر الروماني والذي كان يضعه الفنان آنجر امام تلاميذه كقمة في التشكيل ليحتذوها. ورغم انتماء فن ليلي الحكيم إلي التطريز والحياكة الذي اختصت به ربة الاسرة أزمنة طويلة. ألا انه يمثل اليوم خطوة في اتجاه التمرد علي "اللوحة الزيتية" أو اللوحة التي ترسم علي "حامل الرسم" لتحل مكانها اعمال فنية لها نفس قيمتها وقادرة علي أداء نفس دورها في المجتمع ومرتكزة علي تقاليد وخامات الفن الشعبي. انها مساهمة ايجابية في اعادة الاحترام للفن التطبيقي والذي يمثل فن "النسيج المضاف" أحد فروعه التي أهملها الفنانون المحاصرون.