ترددت كثيرا قبل أن أكتب إليك.. ولكني لم أقدر وحدي علي تفهم ما أريد.. لذلك قررت اللجوء إليكم. عمري 26 عاما.. حاصلة علي مؤهل عال أعمل منذ ست سنوات.. تخرجت وعملت مديرة مكتب في شركة أنظمة الكترونية متواضعة وبفضل الله نجحت في عملي.. الأغرب أن كل الناس معي في العمل والبيت كانوا يصفونني بالعقل ودائما يستشيرونني في مشاكلهم.. ولكن الآن الجميع يقول عني أنني مشوشة العقل ولا أعرف كيف أكون صارمة في اتخاذ القرار الصحيح. عندما كنت في الجامعة وكان يأتي لي عريس كنت أتهرب وأقول بعد أن انتهي من الجامعة وبعد أن انهيت تعليمي أصبحت أمي تلح علي لآخذ قرارا بالزواج ممن يتقدمون لي خاصة أن منهم من كان مؤهله عاليا ومحترمًا ولديه شقة ودخل ممتاز ويبدو أنني من كثرة ضغط والدتي وبكائها المستمر وافقت وبعد أسبوعين أدركت أنه سيظلم معي وخاصة لاستعجاله الزواج فقد قرر أن يبيع الشقة ويحصل علي أخري قانون جديد وبفارق المبلغين يقوم بتجهيز الشقة بسرعة لنتزوج في خلال ثلاثة أشهر وهذه كانت مصيبة بالنسبة لي لأنني كنت اعتقد أن الزواج سيكون بعد عامين.. فقمت بفسخ الخطبة وللآن أطلب من الله أن يسامحني بذنب هذا العريس الذي أعطيته الأمل بالموافقة. لا أدري ما الذي يحدث أنني لم أفكر يوما في إعطاء أي أحد فرصة ليبدي إعجابه بي وكنت أرفض أي شخص يفكر في الارتباط بي بدعوي أنني مازلت صغيرة.. كنت دائما أفكر أن أمي وأخوتي يعاملنني بشكل محترم ولدي عملي الممتاز فكيف أضمن معاملة جيدة من زوج يحترمني. أنا إنسانة ملتزمة أحفظ القرآن وأدرس التجويد والفقه إلا أن موضوع الحب والزواج هذا كان دائما يؤرقني.. وقد كان معنا زميل في العمل ذهب لمكان أفضل ومنذ شهرين عاد لزيارتنا وشعرت أنه جاء ليعرف إن كنت قد خطبت أم لا وكان حدسي في محله لأنه بعدها بيومين تقدم لخالي الذي يعمل معي بنفس الشركة وطلبني منه. وجدت نفسي علي غير عادتها سعيدة رغم شروطي التي وضعتها.. أن يكون عريسي مؤهله عاليًا ولا يدخن السجائر إلا أنني وافقت علي هذا العريس ذي المؤهل المتوسط والذي يدخن وغير ملتزم.. ولكنه بعث السرور في نفسي وقتها وعندما عرفوا في البيت تعجبوا مني وكيف أخذ رأيهم بينما رفضت قبلها حالة مشابهة وقد فهموا أنني موافقة عليه مع أنني لم أوافق بل كنت أطلب منهم أن يفكروا معي.. ففي البداية كانت والدتي معترضة وقالت إنه ليس هناك تكافؤ بيني وبينه وأخواتي البنات قالوا شيء رائع أنه استطاع أن يفك الحجر الذي بداخل عقلك وابتسمت وأنت تخطرينا بأن هناك عريسا بعد أن كان شعوري أن أي عريس ما هو إلا وحش سيأخذني من حضن أهلي. كنت دائما خائفة وأبكي وأصلي استخارة وعلي الرغم من سعادتي بتقدم زميلي هذا كان ذلك في البداية ثم عندما دخل الموضوع في الجد ووافق الجميع لأنه إنسان محترم وقادر علي الزواج ماديا وبعد أن جاء والده واتفقوا علي الخطوبة وكل شيء.. عادت الوساوس مرة ثانية إلي أن وجدتني أفكر هل نحن غير متكافئين كما قالت أمي؟ وهل سيقلع عن تدخين السجائر كما قال لي؟ وهل سأقدر علي إقناعه بأن يكمل دراسته في التعليم المفتوح كما وعدني؟ كأنني أشعر بأنه سيقتل طموحي الكبير بالعمل الذي أتمناه لأنه لا يريدني أن أعمل ولأنني أعرف أن الشغل في القطاع الخاص صعب جدا.. ولكنني لا استطيع العيش بدون عمل ولو حتي بالمساعدة في أي عمل خيري أو مشروع صغير وأباشره من وقت لآخر. النساء عندما تجلس في البيت دون عمل يقل نشاطهن البدني والعقلي لدرجة الغباء أحيانا.. ومع ذلك حين أكلمه في التليفون أكون مطمئنة ومرتاحة مع أنه كلام عادي وليس غراما أو غيره وبمجرد غلق التليفون أشعر أنني غير قادرة علي اتخاذ القرار هل أريده أم لا؟ هل أنا خائفة من حياة جديدة؟ أم لا أريده؟ زادت المشكلة عندما قابلت صديقة لي منذ أيام الجامعة وكلمتها عن خطيبي ولم استطع القول لها بأنه يحمل مؤهل الدبلوم بل قلت لها إنه خريج جامعة أكتوبر.. لأن خطيبي كان قد دخل جامعة أكتوبر فعلا لمدة عامين لكن خجلي هذا وضعني أمام شيء هام اكتشفته هل سأقدر علي مواجهة الناس أم سأنكر وأكذب؟ وهل فعلا فارق التعليم يسبب كل هذه الحساسية أم أنني حساسة بطبعي أو لعلي أشعر بهذا لأن وضعي في عملي متميز. أنا حائرة أمي وأخي الكبير موافقان علي أن أجرب بدلا من هروبي ورفضي من غير سبب وأن أحاول معه وكل كلامهم معي يصب في عبارة القرار قرارك والخطبة ليست آخر الدنيا.. وأنا خائفة جدا علي مشاعره لأنه كان يفكر في الارتباط بي قبل أن يترك العمل معنا في الشركة ويذهب لعمله الآخر ولعله فعل هذا لتحسين وضعه المالي ليتقدم لي وأنا سعيدة بإصراره رغم أنه كان متوقعا مني الرفض إلا أنه فعل ما عليه.. فماذا أفعل أنا.. أرجوك ردي بسرعة. الصديقة ش.ي.ر ** ذكرتني قصتك بحكاية سمعناها عن العناد والتمسك بالرأي وإن كان خطأ تقول الحكاية: كان هناك واحد يسير مع صديقه العنيد المكابر في صحراء شاسعة فرأيا شيئا أسود رابضا فوق الرمال تخفيه الرياح تارة وتظهره أخري.. التفت الرجل إلي صديقه وسأله: تتوقع ما يكون هذا الأسود هناك؟ فقال له صاحبه: هذه عنزة سوداء. فقال له: بل غراب. فقال له صاحبه: بل عنزة يعني عنزة. فقال له: لنقترب لنراها ونتأكد. قال له صاحبه: هيا نتأكد. وظلا يقتربان أكثر وأكثر وكان واضحا أن الذي أمامهما غراب!! فقال الرجل: يا أخي والله غراب. هز صاحبه رأسه بكل حزم بل عنزة. اقتربا أكثر فشعر الغراب باقترابهما فطار فقال له الرجل.. الله أكبر.. غراب أرأيت إنه غراب. فقال له صاحبه: عنزة حتي وإن طار!! أتمني أن يصلك المعني من الرسالة يا صديقتي التي أردت أن أوردها لك في مضمونها.. إنك تعاندين فقط للعند وفي كل مرة لديك حجة واهية وشماعة تريدين بها القفز بعيدا عن اللوم والعتاب.. حتي أن أهلك يتحايلون عليك لتمارسي التجربة.. كل هذا سيتحول لندم كبير بعد أن يمر عمرك من بين أصابع التمرد والعناد فقد جاءوا من لا فارق بينك وبينهم في المؤهل وعندما جاء من يفوقك طموحا بدأت في وضع المحاذير.. ثم الحجج كصديقتك التي قابلتك وكذبت بشأن خطيبك معك.. نحن نعرف أن من يسأل عن عريس صديقته يسأل ماذا يعمل وليس من أين تخرج فهذه خصوصية للعروس وأهلها.. صديقتي ليس هناك من يرغمك علي الخطبة فقد تم ذلك في خطبتك الأولي ولا داعي للتكرار.. أري أنك بحاجة لمن يعاونك علي الخروج من حالتك النفسية التي تعانين منها رفض كل من يتقدم لك وكأنك طفلة سيأخذونها من حضن أمها وأسرتها وهذا هو تعبيرك هناك خلل ما في حياتك وليس الطموح في العمل هو السبب وإنما هو الشماعة التي تعلقين عليها همومك ومشاكلك ومخاوفك.. استعيني بمن يساعدك أو تعالي لزيارتي إن أردت وسوف نسعي لأن نخفف هذا عنك.. ولك تحياتي.