* لا أعرف من أين أبدا رسالتي ولكنني أفضل لو بدأتها منذ كان عمري أربع سنوات.. لا تعجبي. فخلف هذه السن تكمن المشكلة. كان عمري أربع سنوات حين توفي والدي وكان عمر أمي وقتها 19 عاما.. لم تتزوج وقامت بتربيتي أنا وإخوتي علي أكمل وجه وبعد أن كبرت وحان وقت زواجي.. عرضت علي أمي عروسا من بلدتنا.. وتمت الخطبة وبعدها الزفاف الذي لم يستمر سوي ستة أشهر!! والسبب شيء بسيط جدا وعادي مما يحدث بين أناس تعيش في بيت واحد.. ولأن والدتي تقيم معي أو بالأحري أنا الذي أقيم معها ولها غرفتها الخاصة إلا أن زوجتي وقفت تخيرني بينها وبين والدتي وتطلب مني أن تظل في الشقة بمفردها.. وأمام إصرارها وعنادها لم يكن أمامي إلا اختيار أمي وتم الطلاق.. وأخذت كل حقوقها بالكامل بل وزيادة إن جاز التعبير. عمري وقتها لم يصل إلي 35 عاما وبعد فترة تعرفت علي إنسان محترم وشكوت له مصابي فقال لي لابد أن تتزوج.. وقام بعرض ابنة أخته عليّ وقال إنها حاصلة علي معهد خمس سنوات وتعمل في شركة محترمة.. ولكنه طلب مني ألا أخبرها بأنني حاصل علي الإعدادية وقال أنه سيخبرها بأنني حاصل علي دبلوم وأعمل في شركة بترول! طلبت منه ألا نبدأ الزواج بكذبة وغش وقلت له كل شيء نصيب.. ولكنه عاد واتصل بي وقال إنه أبلغهم بالحقيقة وأخبر والدها وأنهم في انتظاري.. وذهبت أنا وأمي وتعرفنا عليهم.. ثم قلت لوالدها بعد التعارف الحقيقة كاملة عن مؤهلي وعملي كعامل في شركة وأنني أقوم بالتجارة بعد العمل.. فوجدت علامات التعجب والمفاجأة علي وجهه وعرفت أن خالها لم يخبره بالحقيقة وطلب مني مهلة ليرد علي. وبعد أسبوعين أتصل بي وقال تعال لزيارتنا.. ذهبت إليه فطلب مني أن تظل مسألة مؤهلي سرًا بيني وبينه وألا أخبر العروس إلا بعد الزواج.. وقال إنه والدها ويعرف مصلحتها أكثر منها ولأنه رجل فاضل وافقت علي مضض وتمت الخطبة وبعد شهر وكنت أحادثها بالتليفون وجدتني أقول لها الحقيقة.. وقلت لها إنني حكيت لوالدها وخالها قبل الحضور إليهم.. ولأنني أرغب في البدء علي نور وأن يظل كل شيء في وضوح الشمس فقالت لي: أغلق الخط الآن وكلمني بعد يومين وعندما كلمتها قالت: كان من المفروض أن تصارحني بكل شيء قبل الخطبة ثم قالت بأنها ستسافر العمرة وعندما تعود من مكة سترد علي. بعد أن عادت حاولت الاتصال بها ولكن في كل مرة كانوا يقدمون عذرا.. فمرة هي نائمة ومرة خرجت وثالثة عند أختها وبعد يومين اتصل بي خالها يدعوني للغداء معه فشرحت له الأمر فقام بالاتصال بهم وسألهم لماذا أغضبوني.. فقامت العروس واتصلت بي أمامه وقالت لي: تعال لتأخذ شبكتك وكل شيء قسمة ونصيب. فهل أخطأت حين لم أسمع كلام والدها وخالها؟ وهل أنا من أضاعها من بين يديه؟.. لقد خسرت إنسانة محترمة ومتدينة وعلي خلق.. وقد ارتبطت بها جدا ولا أعرف كيف أنساها.. فماذا أفعل؟ الصديق ب .ص الإسكندرية ** يا صديقي أنت الآخر مكسب لأي امرأة محترمة لو عرفت موقفك نحو والدتك لأدركت علي الفور أنها أمام إنسان رضي الله عنه وسيرضيه فمن يختار أمه ويكرم إقامتها فقد اختار الدنيا والآخرة الدنيا التي سيهبه الله فيها عوضا عن زوجته أفضل منها بإذن الله وفي الآخرة دخول الجنة بفضل رضاء والدته. يا صديقي لا تحزن ولا تشعر أنك خسرت شيئآ فهي ليست نصيبك رغم أنك قمت بخطبتها بالفعل ولكنها ليست الزوجة الفضلي التي تنتظرك فزوجتك مازالت في علم الغيب.. لا يعرفها إلا من احتفظ لك بها.. فلا تحزن علي شيء لو قدره الله لك لأخذته. وكون شهادتك لا ترقي لمؤهلها إلا أن هناك أشياء كثيرة تعوضك عن ذلك منها أنك تمتهن التجارة ولك دخل محترم منها ولديك كل ما يؤهلك للزواج. يا صديقي لا تجعل الحزن يدمرك ويصور لك أشياء ليست موجودة منها علي سبيل المثال أنك تعلقت بها ولا تستطيع الاستغناء عنها فلم تعاشرها لتعرف هل هي تستحق ذلك أم لا.. بالإضافة إلي أنها لم تحترم صراحتك وعاقبتك علي خطأ والدها وخالها اللذين دفعا بك للكذب ولا أعلم لماذا ولا أدري كيف يفكر هؤلاء؟! علي كل حال دعني أذكر لك حكاية مع الفارق في التشبيه ولكن نأخذ بعمق الفكرة إن شاء الله. جلس إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم شاب اسمه جليبيب وهو من خيار شباب الصحابة لكنه كان فقيرا معدما وكان رضي الله عنه في وجهه دمامة فأثار النبي صلي الله عليه وسلم موضوع الزواج وكان جليبيب رضي الله عنه أعزب وعرض عليه الرسول صلي الله عليه وسلم أن يزوجه فقال: إذن تجدني كاسدا. فقال النبي: غير أنك عند الله لست بكاسد. فلم يزل النبي صلي الله عليه وسلم يتحين الفرص لتزويج جليبيب حتي جاء رجل من الأنصار يوما يعرض ابنته الثيب علي رسول الله ليتزوجها فقال صلي الله عليه وسلم "نعم يا فلان زوجني ابنتك" فقال الرجل: نعم ونعمين يا رسول الله. فقال النبي: إني لست أريدها لنفسي. فقال الرجل: لمن؟! قال: لجليبيب: فقال الرجل متفاجئا: جليبيب يا رسول الله.. اتركني حتي استأمرمعها.. فأتي الرجل زوجته فقال لها.. فتفاجأت المرأة ورفضت أن تزف ابنتها لرجل فقير ودميم وقالت: لا لعمر الله لا أزوج جليبيبا وقد منعناها عن فلان وفلان فاغتم أبوها لذلك وقام ليأتي رسول الله صلي الله عليه وسلم.. فصاحت الفتاة من خدرها بأبويها من خطبني إليكما؟ فقالا لها.. فقالت أتردان علي رسول الله صلي الله عليه وسلم أمره؟ ادفعاني إلي النبي فإنه لن يضيعني.. فكأنما جلت عنهما واطمأنا فذهب أبوها إلي النبي فقال له.. يا رسول الله شأنك بها فزوجها جليبيبا فزوجها النبي ودعا لهما وقال: "اللهم صب عليهما الخير صبا.. ولا تجعل عيشهما كدا كدا" فلم يمض علي زواجه أيام حتي خرج النبي في غزوة وخرج معه جليبيب فلما انتهي القتال تفقد القتلي وعلم بأنه قتل سبعة من المشركين وقتلوه فقال النبي هذا مني وأنا منه وحمله بيديه الشريفتين وقام بدفنه بنفسه وبعد ذلك تسابق الأنصار كلهم لخطبتها بعد جليبيب. وهكذا يكون شأن الله يا صديقي. لقد بدأت حياتك باختبار في حياتك واختيار ونجحت في الاثنين معا ولهذا أقول لك أن عروسك سوف تأتي وستكون أفضل العرائس وسيرزقك الله الذرية الصالحة منها وسيكرمونك كما أكرمت أهلك.