يدور في الفضائيات والصحافة لغط كبير حول قانون التظاهر الذي اعدته الحكومة وأصدره الرئيس المستشار عدلي منصور.. هاجت النخب وماجت وعلا صوتها كالنفير احتجاجا علي صدور هذا القانون زاعمين أنه يكبت الحريات ويعود بمصر إلي مربع الصفر. ركب الجميع الموجة ولم نعد نفرق بين الثوريين وغير الثوريين وبين الإخوان والفلول.. الكل ضد القانون.. والكل يهاجم حكومة الدكتور حازم الببلاوي بشراسة.. والكل يؤكد أن هذا القانون لا يجب أن يصدر أصلاً لأن قانون العقوبات فيه من النصوص العقابية ما يكفل ردع المتظاهرين الخارجين علي القانون والذين يحملون السلاح ويهاجمون الأفراد والمنشآت ويقطعون الطرق. ونحن نقول لهؤلاء وهؤلاء إذا كان الأمر كما تقولون فلماذا إذن الثورة علي قانون التظاهر الذي يطالب بالحصول علي إذن الداخلية قبل القيام بأية مظاهرة سلمية شأننا في ذلك شأن كل الدول المتقدمة في العالم التي تطبق هذا النظام. رأيي أن الذين يهاجمون القانون الجديد ويعترضون عليه يريدون استمرار الفوضي والانفلات في مصر حتي يتبين للعالم مدي فشل ثورة 30 يونيو ويؤكد للمناهضين لهذه الثورة انها كانت انقلابا وليست ثورة. استمرار المظاهرات يعني استمرار الفوضي والانفلات الأمني.. ويعني تعطيل الدولة عن الانتاج.. ويعني توقف حركة المجتمع.. ويعني استمرار اهدار الدماء.. ويعني تراجع السياحة.. وبالتالي تراجع الاقتصاد وتجميد الاستثمارات.. وزيادة البطالة.. واستمرار العجز الخطير في موازنة الدولة.. والخوف من افلاس مصر!! استمرار المظاهرات بهذه الطريقة العشوائية.. بسبب.. وبغير سبب فيه اهدار لكيان الدولة.. وتراجع مكانتها في المجتمع الدولي والاقليمي.. وزيادة المشاكل التي تعصف بكل مظاهر الحياة فيها. استمرار المظاهرات يعني استمرار أزمة البوتاجاز.. ويعني استمرار أزمة المواصلات وتوقف القطارات.. ويعني تفكك مفاصل الدولة. وعدم السيطرة علي مقاليدها. استمرار المظاهرات يعني خراب مصر تحت اسم الحرية.. والحرية بريئة تماما من هذه المظاهرات المخربة والمدمرة. الغريب أن يتساوي الإخوان مع الثوار ويقفان في خندق واحد.. ولست أدري إذا كان الثوار مدركين لهذا الفخ الذي وقعوا فيه ام أنهم سذج إلي هذه الدرجة بحيث لا يدرون أن ثورتهم التي فجروها في 25 يناير ثم في 30 يونيو 2013 مهددة بالوأد والاندثار. أنا مع قانون التظاهر بكل صراحة ووضوح لأنني ضد الفوضي وضد الانفلات وضد ضياع مصر شعبا ودولة. كل من يعترض علي قانون التظاهر في رأيي متآمر علي مصلحة مصر.. وعلي مستقبل مصر.. وعلي ثورة مصر. الدكتور الببلاوي أعلن أكثر من مرة أنه لا تقدم اقتصاديا ولا استقرار سياسيا الا باستتباب الأمن.. والتظاهر بالطريقة الفوضوية التي نشاهدها كل يوم ضد الأمن بكل المقاييس. فليتعقل أصحاب الأصوات العالية المتباكون علي الحرية.. فنحن في مرحلة انتقالية نريد أن نخرج منها في أسرع وقت طبقا لخارطة المستقبل لنعيد بناء مصر من جديد ديمقراطيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا وعسكريا. مصر في حاجة إلي كل صوت عاقل.. وليست في حاجة إلي الحناجر الزاعقة في الفضائيات. مصر في حاجة إلي أن تكون كتلة واحدة في ظهر جيشها الذي يخوض حرب حياة أو موت ضد الارهاب في سيناء وفي بعض المدن التي انتقل إليها. مصر في حاجة إلي التماسك ضد الطابور الخامس داخليا وضد التدابير التآمرية الخارجية التي تريد تقسيمها واقتطاع أجزاء منها. نحن في لحظات فارقة إما ان نثبت اننا شعب أهل للحياة أو أننا شراذم يمكن أن تتخطفها الطيور الجارجة.