عندما تجتمع الموهبة والاتقان والترفيه القائم علي أسس علمية بغرض جذب الجمهور للفنون الجادة تصبح هناك سهرة ممتعة وهذا ما نجحت فيه د.رانيا يحيي من خلال حفلها الذي قدمته علي المسرح الصغير بدار الأوبرا وشاركها فيه النجم عمرو سليم والطفل الصغير الموهوب يحيي الهرميل وتميز بحضور جماهيري كبير. د.رانيا يحيي عازفة فلوت بأوركسترا أوبرا القاهرة وعضو هيئة تدريس في المعهد العالي للنقد الفني بأكاديمية الفنون ولها إسهامات نقدية وبحثية في عدد من الصحف والمجلات وبدأت منذ عدة سنوات في تقديم حفلات منفردة من الواضح أنها وفق خطة علمية تسعي من خلالها لتشجيع الجمهور علي التعرف علي آلة الفلوت الغربية والتدرج للاستمتاع بالموسيقي العالمية والتدريب علي تذوقها. بدأت رانيا نشاطها وتكوين جمهورها عن طريق الأغاني العربية الشهيرة ويتخلل البرنامج مقطوعة موسيقية كلاسيكية ولكن هذه المرة وبعد أن اطمأنت إلي الجمهور الذي نجحت في اجتذابه قدمت فاصلاً كاملاً للموسيقي العالمية بمصاحبة عازفة البيانو الخبيرة الجورجية بلينا دزامشفيلي والتي تعد حالياً من أهم العازفين المصاحبين علي الساحة. والتي تقوم بالتدريس في كونسرفتوار القاهرة منذ عام 1991 وأصبح كثير من طلابها أعضاء هيئة تدريس بالمعاهد الموسيقية المختلفة. الفاصل الأول الخاص بالموسيقي الغربية قدمت فيه د.رانيا 7 مقطوعات بدأتها بلحن الحب من فيلم "تيتانيك" والذي تعد موسيقاه محببة لدي الجماهير كما قدمت أيضا موسيقي فيلم "الأب الروحي" ومن موسيقي التانجو قدمت المقطوعة الشهيرة "كومبارسيتا" والتي تم تقديمها بمساندة إيقاعية ولاقت هذه الموسيقي تجاوباً جماهيرياً ثم أخذت تقدم الموسيقي الكلاسيكية والتي وفقت في اختيار مقطوعاتها التي جاءت مستساغة لتضمنها جملاً لحنية جميلة وبسيطة حيث عزفت من مؤلفات يوهانز برامز "1833 1897" مقطوعة "الرقصة المجرية الخامسة" والتي تعد من أعماله الأكثر شهرة وشعبية حيث تم استخدامها في أفلام شارلي شابلن الصامتة وأفلام الكارتون للأطفال وهي واحدة ضمن 21 مقطوعة صغيرة لا تزيد مدتها علي 4 دقائق كتبها موتسارت عام 1869 أطلق عليها هذا العنوان لأنها مستلهمة من موسيقي رقصات شعبية مجرية وقد عزفتها رانيا برشاقة ورقة تناسبت مع طبيعتها الراقصة ومن الأعمال الكلاسيكية أيضا قدمت رانيا من مؤلفات موتسارت "الروندو التركي" وهي واحدة من قطع الموسيقي الشهيرة لموزارت. يعود تاريخها لعام 1778. مستوحاة من الموسيقي التركية "الإنكشارية" التي كانت تلاقي رواجا في تلك الفترة وقد عزف معها الموهوب الصغير يحيي علي الماريمبا والتي توسطت المسرح طوال الحفل وكان يحيي الذي سبق أن تعرفنا عليه كعازف لآلة البيكولو وفوجئنا به في هذا الحفل عازفاً جميلاً علي هذه الآلة الإيقاعية وختمت رانيا هذا الفاصل بمقطوعة عصفور الأوبرا التي أري أنها من أكثر المقطوعات التي أظهرت قدراتها في العزف حيث بها قدر من الاستعراض وأيضا التعبيرية. أغان عربية الفاصل الثاني من الحفل تضمن العديد من المفاجآت بدأتها رانيا بمقطوعة لونجا رياض السنباطي ثم عزفت علي الفلوت العديد من الأغاني الشهيرة وكانت الموسيقي المصاحبة بطلها آلة البيانو التي يتقن عمرو سليم أن يجعلها تتراقص عبر أنامله وتغني بالعربي وقد استطاع مع الفرقة الموسيقية المكونة من عازفة القانون د.نهي السقا وعازف الكمان د.وليد علام ود.تامر بدران علي الجيتار وعازف الإيقاع هاني زين والطفل يحيي علي البيكولو والماريمبا كل هذه التوليفة الجديدة من الموسيقيين صهرهم بموهبته عمرو سليم وامتزج البيانو مع هذه الآلات لتظهر نجمة الحفل رانيا لتؤدي علي آلة الفلوت كلمات الأغاني التي يحفظها الجمهور الذي أخذ يصفق علي نغماتها مثل "وحياة قلبي وأفراحه" التي أهدتها لشقيقتها عازفة الفيولا رشا يحيي التي حصلت علي درجة الدكتوراة في اليوم السابق للحفل كما قدمت أغاني "آخر أيامي الصيفية" و"سهر الليالي" و"حنا السكران" و"علي قد الشوق" و"طب وأنا مالي" و"ليلة حب" و"احلف بسماها" و"أغلي اسم في الوجود" والأغاني الوطنية التي ختمت بها انفعلت معها الجماهير وأخذ يصفق معها. عيد الطفولة من ايجابيات الحفل تذكر الفنانة لمناسبة عيد الطفولة وقدمت عدة أغاني للأطفال شارك فيها بعض أطفال المدارس مثل أغنية بارني الشهيرة أنا بحبك وأغاني دبدوبة وتوت توت وحلوة يا زوبة وكان بعض منها مع ضيف الحفل المطرب بلال الشيخ الذي قدم أغنية داري العيون للكبار وشارك الأطفال في بعض الأغاني ولكن في كل هذا البرنامج لم تترك رانيا آلة الفلوت بل جعلتها أيضا تتراقص نغماتها مع ألحان موسيقانا العربية الأصيلة وليقف الجميع ليصفق لهم الجمهور بحفاوة ومن وراء البيانو يظهر الفنان عمرو سليم ليواجه بعاصفة من التصفيق والتهليل تؤكد أن رانيا أحسنت اختيار المقطوعات والنجوم المشاركين معها في هذه السهرة الجميلة.