بحت أصواتنا من المطالبة بضرورة إنجاز دستور توافقي وعدم خلق فرصة للانشقاقات أو الرفض الواسع لأي مادة من المواد.. وقلنا إن الانشقاق يصب في مصلحة الإخوان. والواضح.. أن لجنة الخمسين في أكثر من 95% من أعمالها تكون أغلبيتها الكاسحة معبرة عن إرادة الشعب وهو أمر ممتاز فعلاً.. لكن في بعض الأحيان لا نجدها كذلك وهو ما ينذر بكارثة في التصويت الشعبي علي الدستور.. وأخشي ما أخشاه أن تكون نسبة الموافقة علي الدستور نتيجة الانشقاق أو الرفض الواسع لبعض المواد 70% فأقل.. لأننا وقتها سنكون في وضع حرج جداً داخلياً وخارجياً. لعل المادة 219 خير نموذج لتطابق رأي أعضاء لجنة الخمسين مع الإرادة الشعبية.. الكل يرفضها فيما عدا حزب النور لأن من مصلحته هو فقط الإبقاء عليها ولذلك فإنه يحارب حتي النفس الأخير لحشرها في ديباجة الدستور بعد فشله في الإبقاء عليها كمادة مفسرة للمادة الثانية.. ويقيني أنه سيفشل في ذلك أيضاً وساعتها ستعرفونه علي حقيقته.. ونفس التطابق وجدناه في رفض وجود مجلس الشوري. وخير مثال لعدم تعبير اللجنة عن إرادة وقناعات الشعب المادة 174 الخاصة بالقضاء العسكري فيما تضمنته من محاكمات عسكرية للمدنيين. اللجنة وافقت علي المادة في تصويتها المبدئي بأغلبية 30 صوتاً ورفض 7 وامتناع 2 وغياب 11 رغم أهمية المواد التي تناقش ورغم وجودهم في المبني.. ويأتي هذا في الوقت الذي يرفض فيه أغلب الشعب وكل القوي والحركات السياسية محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.. والأخطر أن الكثيرين يهددون بالتصويت "لا" علي الدستور بسبب ذلك..!! وللإنصاف.. فإن الرافضين ليسوا ضد الجيش أبداً.. علي العكس.. فهم وطنيون ومخلصون لبلدهم ولقواتهم المسلحة.. لكنها مسألة مبدأ ليس إلا. لا دخل لنا بأمريكا التي أقر الكونجرس فيها مؤخراً قانوناً يسمح باعتقال المدنيين المتهمين بالإرهاب بدون إذن قضائي وتسليمهم للجيش وإيداعهم معتقل جوانتانامو دون تحقيق ومحاكمة.. ولا دخل لنا بالسودان الذي أقر برلمانه "الإخواني" في مايو الماضي تعديلاً يسمح بمحاكمة المدنيين عسكرياً في الجرائم الموجهة للجيش.. فلكل مجتمع ظروفه وأدواته. ما يهمني هو مصر وشعبها واستقرارها.. ولذا فإنني أفضل عدم إدراج الجرائم التي يجوز محاكمة المدنيين بسببها أمام القضاء العسكري في الدستور ووضعها في قانون الإرهاب الذي يعد حالياً وأطالب بسرعة إصداره.. ولا أعتقد أن أحداً سيعترض علي ذلك لأن كل الجرائم التي تتضمنها المادة 174 من اعتداءات علي منشآت القوات المسلحة ومعسكراتها ومناطقها العسكرية والحدودية ومعداتها ومركباتها وأسلحتها وذخائرها ووثائقها وأسرارها وأموالها ومصانعها الحربية وكذلك ضباطها وأفرادها.. إذا لم تكن هذه الجرائم إرهاباً فما هو الإرهاب إذن..؟؟ وأطالب بأن يتم النص في قانون الإرهاب علي تشكيل دوائر مدنية خاصة لمحاكمة المتهمين بالإرهاب لسرعة البت في القضايا حتي نجد أحكاماً نهائية وباتة في أقصر وقت. أرجو من اللجنة إعادة النظر في هذه المادة بالتشاور مع القوات المسلحة للوصول إلي حل يرضي الجميع.