مهزلة تنظيمية وحالة من الهرج والمرج شهدتها أولي جلسات محاكمة حبيب العادلي وزير الداخلية الاسبق ومساعديه الستة المتهمين بقتل المتظاهرين وترويع المواطنين والتسبب في حالة الانفلات الامني.. حيث احتشد عشرات من المحامين واهالي الضحايا خارج المحكمة أمس ودارت بينهم وبين رجال الأمن مشادات عنيفة اعتراضاً علي عدم دخول الكثير منهم لقاعة المحاكمة. كما شهدت مشادات اخري بين الصحفيين ورجال الأمن بعد فاصل من العذاب البدني الذي لاقاه رجال الإعلام والمدعون بالحقوق المدنية بتخطيهم أكثر من 4 حواجز أمنية.. حتي اضطر حرس المحكمة بعد طول عذاب لادخال الصحفيين ورجال الإعلام إلي قاعة المحكمة عبر قفص الاتهام وهو أمر يحدث لأول مرة. ادعي المستشار ابراهيم البسيوني مدنياً ضد المتهمين السبعة متضامنين بمبلغ مليار جنيه تخصيص نصفها لاهالي الشهداء والنصف الآخر لتدعيم القوات المسلحة لوقوفها ضد بطش الطغاة. بينما طالب مدعون آخرون بإدخال الرئيس السابق "مبارك" ونجله جمال ورجل الأعمال أحمد عز كمتهمين في القضية بعد ورود اسمائهم في تقرير لجنة تقصي الحقائق كمسئولين رئيسيين في قتل واصابة المتظاهرين. بينما ادعي محامو هيئة قضايا الدولة مدنيا ضد المتهمين متضامنين بمبلغ 100 مليون جنيه تعويضاً مؤقتاً لاضرارهم بأموال ومصالح الجهة التي يعملون بها وهي وزارة الداخلية والاضرار بمنشآت الدولة وبمركز الدولة الاقتصادي وفقدانها أحد مصادر الدخل القومي ومنها السياحة والبورصة والبنوك. المدعون بالحق المدني حدث بينهما خلاف عندما أعلن خالد أبوكريشة عضو مجلس نقابة المحامين عن نفسه وعن محمد الدماطي وكيل النقابة انه لن يعلن طلباته إلا إذا تمت الاستجابة لطلبهم بالمحاكمة العلنية للمتهمين في مكان أرحب حتي يتم استيعاب اهالي الشهداء والمدعين بالحقوق المدنية هنا أكد بعض المدعين أن "أبوكريشة" يتحدث عن نفسه فقط!! طالب المدعون بتقديم طلب لوزير العدل لتدبير مكان اخر لعقد المحاكمة مثل قاعة المؤتمرات الكبري بمدينة نصر لاستيعاب الجميع من مدعين واهالي ضحايا. عقب انتهاء الجلسة سب عدد من أهالي الضحايا المتهمين بألفاظ نابية ووصفوهم بالقتلة وسفاكي الدماء.. وطالبوا بالقصاص منهم واعدامهم. المتهمون حضروا وسط اجراءات أمنية غير عادية شملت 25 سيارة أمن مركزي و 3 سيارات مصفحة في الساعة الثامنة صباحاً وأودعوا في مكان أمين ولم يظهروا إلا داخل قفص الاتهام لحظة صعود المحكمة منصة العدالة. اصبحت صلعة "العادلي" أكثر وضوحاً وكان شاحب الوجه وظل متواريا خلف أحد ضباط الشرطة.. بينما ملامح الانكسار بدت علي اسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة الأسبق وخف وزنه كثيراً وحضر المتهمون بالزي الرسمي للسجن فيما عدا اللواءين أسامة المراسي مدير أمن الجيزة السابق وعمر الفرماوي مدير أمن كتوبر السابق حيث ارتدي كل منهما بدلة سوداء. قام عشرات المتجمعين خارج القائمة بحمل لافتات احداهم شكر وتقدير للمشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة وعصام شرف رئيس الوزراء والمستشار الدكتور عبدالمجيد محمود النائب العام والمستشار المحمدي قنصوة رئيس محكمة جنايات الجيزة ممثلاً عن القضاء لصدقهم فيما وعدوا الشعب بمحاكمة الفاسدين ولافتات أخري تطالب باعدام المتهمين في ميدان عام!! حضر عن العادلي محام من مكتب فريد الديب وحضر عن أحمد رمزي مساعد الوزير لقطاع الامن المركزي السابق المستشاران د. إبراهيم صالح وجميل سعيد ود. نبيل مدحت سالم وعن عدلي فايد 4 محامين هم نشأت عيد ووليد محمد وعادل محمد أحمد ومجدي حافظ بينما حضر عن اللواء حسن عبدالرحمن مساعد الوزير لمباحث أمن الدولة السابق د. محمد عبدالفتاح الجندي وحضر عاطف المناوي ونجله انيس عن اللواء اسماعيل الشاعر بينما حضر عن اللواءين اسامة المراسي وعمر الفرماوي مصطفي حفظي ود. ايهاب رمزي ومحمد حافظ وعصام القطاوي وماهر محمد فهمي ود. سامي علي. اكتفي دفاع المتهمين بطلب تأجيل الجلسة للاطلاع وفض الاحراز بينما طلب د. ايهاب رمزي نسخ صورة من القضية واحالتها لمحكمة الجنح بخصوص واقعة الاهمال المنسوبة للمتهمين السادس "المراسي" والسابع "الفرماوي" بما يتعين احالتهما لمحكمة الجنح لان كل ما اسند إليهما جنحة الاهمال الوظيفي. رفع أحد أهالي الشهداء ملابس نجله الملطخة بالدماء وظل يبكي بهستيريا داخل القاعة موجهاً اقسي السباب للمتهمين مطالباً بإعدامهم. عندما واجهت المحكمة المتهمين بالتهم المنسوبة إليهم رد العادلي بقوله "لم يحدث" بينما رد باقي المتهمين بكلمتين فقط "لا يا فندم محصلش". طالبت المحكمة الإعلاميين بالالتزام بقرار المجلس الأعلي للقضاء بمنع التصوير والتسجيل داخل الجلسة بعد ان تحفظ أحد ضباط الشرطة علي موبايل احدي الصحفيات اثناء محاولتها التصوير.. كانت المحكمة قد عقدت جلستها برئاسة المستشار عادل عبدالسلام جمعة وعضوية المستشارين محمد حماد ود. اسامة جامع بحضور المستشار مصطفي خاطر المحامي العام لنيابات استئناف القاهرة بأمانة سر سعيد عبدالستار ومحمد فريد في الساعة الحادية عشرة ولمدة ساعة كاملة. بدأت الجلسة بإثبات حضور المتهمين بدأها بالعادلي الذي رفع يده دون ان ينطق بكلمة بينما رد باقي المتهمين "ايوه يا فندم"! ثم قام المستشار مصطفي خاطر المحامي العام الأول لنيابة استئناف القاهرة بتلاوة أمر الاحالة الذي تضمن قيام المتهمين حبيب العادلي وحسن عبدالرحمن وأحمد رمزي وعدلي فايد واسماعيل الشاعر بالاشتراك مع بعض ضباط وأفراد الشرطة في قتل المتظاهرين المظاهرات السلمية التي بدأت اعتباراً من 25 يناير الماضي احتجاجاً علي سوء وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية بالبلاد وتعبيراً عن المطالبة بتغيير نظام الحكم واتخذوا فيما بينهم قراراً في لقاء جمعهم قبل الأحداث بتحريض بعض ضباط وأفراد الشرطة الذين تقرر اشتراكهم في تأمين تلك المظاهرات في الميادين المختلفة بمحافظات القاهرة والسويس والإسكندرية والبحيرة والغربية والقليوبية والدقهلية والشرقية ودمياط وبني سوف علي التصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف بإطلاق أعيرة نارية وخرطوش عليهم أو استخدام أي وسائل اخري لقتل بعضهم ترويعاً للباقين وحملهم علي التفرق وساعدوهم علي تنفيذ ذلك بأن سلحوا ضباط وأفراد الأمن بأسلحة نارية وخرطوش بالمخالفة للقواعت والتعليمات المنظمة لتسليح القوات في مثل هذه الأحوال. أضاف ممثل النيابة أن المتهمين جميعاً ماعدا اللواء أحمد رمزي مساعد وزير الداخلية رئيس قوات الأمن المركزي السابق بصفتهم موظفين عمومين تسببوا بأخطائهم في إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الجهة التي يعملون بها وأموال ومصالح الغير المعهود بها إلي تلك الجهة بأن أهمل المتهم الرابع حسن عبدالرحمن مساعد أول وزير الداخلية رئيس جهاز مباحث أمن الدولة السابق في جمع المعلومات الصحيحة عن حجم المظاهرات المندلعة في العديد من محافظات الجمهوية بدءاً من 25 يناير وحقيقتها كثورة شعبية تعجز قدرات قوات الشرطة وحجمها عن التعامل معها أمنياً ولم يرصد تحركات بعض العناصر الاجنبية وخطتهم في اقتحام بعض السجون لتهريب بعض المساجين اثناء الأحداث وأهمل المتهمون في تقييم الموقف واتخذوا قراراً يتسم بالرعونة وسوء التقدير في هذه الظروف.. وأصدر حبيب العادلي أمراً بقطع خدمة اتصالات الهواتف المحمولة الخاصة بجميع الشركات المصرح لها بالعمل في مصر اعتباراً من يوم 28 يناير الماضي مما ساهم في انقطاع الاتصال بين القوات وقادتها لتعطل وعجز وسائل الاتصال الاخري وأدي إلي انهاكها وهبوط الروح المعنوية لديها وانسحابها من مواقعها وحدوث فراغ أمني أدي إلي اشاعة الفوضي وتكدير الأمن العام وإلقاء الرعب بين الناس وجعل حياتهم وصحتهم وأمنهم في خطر وإلحاق أضرار بالمرافق العامة والممتلكات الخاصة وترتب عليه حدوث أضرار بمركز البلاد الاقتصادي..في نهاية قرر الإحالة طالب المستشار خاطر بتوقيع أقصي عقوبة علي المتهمين. بعدها قامت هيئة المحكمة بعد حوالي ساعة كاملة برفع الجلسة لمدة 15 دقيقة.. ثم خرجت لتعلن تأجيل المحاكمة لجلسة 21 مايو القادم للاطلاع وفض الاحراز مع استمرار حبس المتهمين الخمسة الأول العادلي ورمزي وعبدالرحمن وفايد والشاعر.. بينما نبه علي اللواءين المراسي والفرماوي بالحضور يوم الجلسة ومخاطبة وزير العدل لتخصيص مكان أوسع لمحاكمة المتهمين. بعد انتهاء الجلسة تم ترحيل المتهمين وسط حراسة مشددة وبمجرد صعودهم للسيارات المصفحة خارج المحكمة انطلقت الهتافات المعادية لهم من جانب المحتجين وقام بعضهم برفع الأحذية في وجوههم.