رغم تعاقب المحافظين وتغيير السياسات في محافظات إلا أن المشكلة المزمنة للسكان لم يتم حلها قط.. بل لا تعبر عن واقع الحال الذي يعيشه أهالي أسيوط وكأن العلاقة عكسية بين ارتفاع ثمن وإيجارات الوحدات السكنية والعقارات بينما تزداد الحالة المعيشية والوضع الاقتصادي تدهوراً.. حيث لخَّص تقرير التنمية البشرية الوضع مشيراً إلي أن محافظة أسيوط تعد من أفقر محافظات الجمهورية وأقلها دخلاً للفرد بينما ارتفعت أسعار متر الأرض الفضاء والمعدة لبناء ووصل إلي 50 ألف جنيه وهو سعر مبالغ فيه جداً قياساً بأسعار الأرض. حتي في القاهرة نفسها وهو ما أثر بالطبع علي الحياة الاجتماعية ذاتها. كثير من الشباب آثر عدم الزواج وذلك بسبب عدم العثور علي وحدة سكنية تناسب ظروفه المادية والاجتماعية. علي النقيض تماماً هناك الآلاف من الوحدات السكنية الخالية بدون استغلال وذلك بهدف التسقيع أو استغلالها كإيجار مؤقت لطلبة الجامعات. المساء الأسبوعية اخترقت جدار الصمت لدي أهالي أسيوط لتتعرف علي هوية المشكلة ومدي تأثيرها علي حياة المواطنين. يقول المحاسب ماهر كامل موظف بجامعة أسيوط المشكلة السكانية في أسيوط لا تعني مواطناً واحداً أو أسرة واحدة بل أصبحت مشكلة مجتمع واقع بين مطرقة الحاجة وسندان الاستغلال بعدما عرفت الأبراج طريقها إلي كل مدن أسيوط بل إلي الحارات الضيقة والتي نري فيها المساكن وصت إلي 1012 دوراً بشكل مستفز وأسعار لا يصدقها عقل.. فهل حان الوقت لمعرفة سر هذه الزيادة الرهيبة؟ أضاف عبدالرازق حسان موظف مشكلة الإسكان في أسيوط تجاوزت كل الحدود فأصبحنا نسمع عن ثمن الوحدة السكنية التي وصل سعرها لأكثر من مليون جنيه. في أماكن متعددة في أسيوط خاصة المناطق المتميزة علي النيل وشارع الجمهورية وغيرها التي انتشرت فيها الأبراج بشكل كبير مما ساهم في تفاقم الأزمة السكانية. انفلات يؤدي إلي كارثة بينما يقول المستشار أحمد قناوي: إن سعر متر الأرض المعد لبناء في بعض المناطق في أسيوط تجاوز الأربعين ألف جنيه بل وصل إلي خمسين ألفاً.. فهذا يعتبر ضرباً من الجنون. ويحتاج إلي وقفة حاسمة ومراجعة فورية. لأن هذا الإنفلات سوف يؤدي إلي كارثة في سوق العقارات ولاسيما أن الأوضاع الاقتصادية في البلد لا تحتمل هذه الزيادات الرهيبة والتي سوف تترتب عليها مشاكل اجتماعية نحن في غني عنها. أوضح الدكتور حجاب الصعيدي أن من أهم الأسباب التي أدت إلي ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بهذا الشكل الرهيب هي دخول الجمعيات التعاونية للإسكان والجمعيات الأهلية سوق العقارات بشكل صارخ حيث تحصنت هذه الجمعيات بقانون الجمعيات الذي يحميها وسيطرت علي كثير من الأراضي وجمعت مبالغ مالية وأنشأت اتحادات ملاك كل حسب نصيبه بقيمة الأسهم التي يشارك بها. وبالتالي يتم إنشاء الأبراج السكنية المتعددة الطوابق والتي يتخطي فيها ثمن الوحدة الكنية ربع المليون جنيه.. وهي أإقام لا يقدر عليها سوي رجال الأعمال أو أصحاب المهن ذات الدخول العالية. يقول الدكتور محمد العطيفي المدرس بكلية أصول الدين بأسيوط: إن أسعار الإسكان في أسيوط وصلت لحد "السعار" فلا أحد أصبح قادراً علي أن يوقفها أو يحيدها. حيث إن الكثافة التعليمية لجامعات في بأسيوط والمدارس الثانوية الخاصة جعلت سوق القارات سلعة رائجة خاصة "السكن المفروش" للطلبة وحتي أعضاء هيئة التدريس القادمين من خارج أسيوط. ويؤكد هذا المعني الطالب لطيف بخيت يقول: مشكلة السكن في أسيوط أصبحت موسمية بمعني أن علي الطلاب أن تحفي أقدامهم في البحث عن سكن وفي حالة العثور عليه. فهو مجبر علي أن يقبل بشروط صاحب العقار والتي تؤكد علي دفع مقدم وسعر الإيجار والحفاظ علي محتويات السكن مثل السرير والثلاجة والمائدة والكرسي. وهي غالباً تكون متهالكة ولابد أن نقبل بالأمر الواقع حتي نستطيع الحصول علي سكن في مدينة أسيوط. يقول محمد أحمد أمين طالب بكلية التربية الرياضية بأسيوط: إن مشكلة السكن في أسيوط أصبح هي الهم الأول والأخير للطالب وأسرته التي تعجز دائماً عن الوفاء بمتطلبات الإيجار بخلاف المصروفات والإقامة والمواصلات وهو ما يضع الطالب تحت عبء نفسي رهيب بالإضافة إلي ضغوط الدراسة وهو ما يجعلنا نسارع الخطي للهروب من أسيوط عقب لامتحانات مباشرة حتي تلتقط الأسرة أنفاسها. مساحة محدودة يضيف الحاج زكريا عبداللاه رجل أعمال: مشكلة الإسكان في أسيوط مزمنة من قديم الأزل منذ وجدت مدينة أسيوط ومساحتها ضيقة مقارنة بنسبة السكان فيها والخدمات حيث إنها تعتبر قبلة أهالي الصعيد جميعاً الذين يفضلون شراء احتياجاتهم منها أو العلاج فيها بالإضافة إلي الجامعات ومحدودية المساحة يرجع إلي موقعها الجغرافي المحصور بين نهر النيل والجبل الغربي وهو ما أعطي بعداً لأزمة السكن. تقول السيدة شادية المحزم: قمت بشراء وحدة سكنية أسيوط في منطقة وسط البلد وتجهيزها لظروف الأسرة التي تضطره للإقامة في أسيوط. ولقد صعقت من الأسعار الخيالية سواء لثمن الوحدة السكنية أو تكاليف تجهيزها. وهو ملمح من ملامح زيادة أسعار الإيجارات في أسيوط وهو ما يجعل صاحب الوحدة يوازن بين أسعار التكلفة والإيجار خاصة الذين يستثمرون أموالهم في أسواق العقارات. وعلي العكس من الآراء السابقة يقول الحاج عوني المليجي إنني أمتلك عمارة في أحد الأماكن الراقية بمدينة أسيوط وأسعار الوحدات بها زهيدة جداً لأنها مؤجرة بنظام قديم ولا تفي بتكاليف الترميم والصيانة والعوائد. وكلها مبالغ مالية واجب علي مالك العقار أن يتصرف فيها وبشكل فوري. ولذلك نطالب بعملية التوازن بين الأسعار القديمة والأسعار الجديدة حتي نرفع الحرج عن كاهل الجميع. وفي مركز أبوتيج لا يختلف الأمر كثيراً خاصة في المدينة "أبوتيج" عن سابقتها في مدينة أسيوط حيث إن أسعار الوحدات السكنية أو متر أرض البناء تخطي كل الحواجز والأعراف. يقول الحاج عبدو عبدالعال رئيس المجلس الشعبي المحلي بمركز ومدينة أبوتيج: إن مشكلة الإسكان تعتبر أم المشاكل لأهالي أبوتيج الذين يعانون أشد المعاناة للحصول علي وحدة سكنية أو قطعة أرض للبناء عليها. وذلك بسبب محدودية المساحة والتي لم يحلها الحيز العمراني الجديد الذي لم يراع احتياجات المواطنين الفعلية. لا يختلف الأمر كثيراً في مدينة القوصية ومنفلوط وديروط والفتح وساحل سليم وأبنوب وصدفا. والتي تم تخطيطها منذ عدة عقود حيث لم يراع فيها الشكل الأمثل لحل مشكلة الإسكان علي المدي الطويل حسب قول الدكتور محمود جابر عميد كلية الهندسة الأسبق الذي أشار إلي أن التغييرات الطبوغرافية والسكانية اختلفت اختلافاً جذرياً في السنوات الأخيرة خاصة أن هذه المدن لم تكن مؤهلة لاستيعاب هذه الزيادة السكانية الرهيبة.