كشفت الإحصاءات الجديدة للمركز القومي للبحوث عن زيادة أعداد الفتيات "العوانس" إلي حوالي 11 مليون فتاة مقابل 9 ملايين في عام 2010 وقبل ثورة يناير.. إلا أن عدد العوانس زاد مليونين دفعة واحدة خلال عامين ونصف العام من الثورات!! وأصبحت نسبة العنوسة في مصر من أعلي النسب علي مستوي العالم كله؟! حيث وصلت إلي 40 في المائة!! ولكن ما هي أسباب ارتفاع نسبة العنوسة خلال الفترة الماضية؟ وكيف السبيل إلي مواجهتها وتجنب أخطارها الكبيرة؟ توجهنا بهذه الأسئلة إلي عدد من الخبراء والسيدات. في البداية يقول الدكتور هشام مخلوف رئيس جمعية الدبمجرافيين المصرية: أن سبب زيادة نسبة العنوسة يرجع إلي عاملين أساسيين أولهما الاقتصاد ثم الأمن مشيرا إلي أن الانفلات الأمني خلال الفترة الماضية أثر بشكل كبير علي الأوضاع الاقتصادية مما تسبب بالتالي في زيادة أعداد "العوانس" بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة. أضاف أن هناك تعريفا للعنوسة وهو بلوغ الفتاة إلي سن 35 عاما بدون زواج والشاب إلي 40 عاما مشيرا إلي أن ارتفاع معدلات البطالة نتيجة توقف العديد من المشروعات والمصانع خلال الفترة الماضية وكذلك تأثر السياحة بشكل كبير ساهم في زيادة العنوسة..أكد أن الحل يتمثل في إنشاء صندوق الزواج وهو مطبق في عدد من دول الخليج وكذلك ألمانيا ويهدف إلي ضخ الأموال لمساعدة الشباب علي توفير نفقات الزواج بالإضافة إلي سعي الحكومة لحل مشاكل البطالة والإسكان أمام الشباب. أوضح أن مشروع الشقق التي تبلغ مساحتها 42 مترا يعد خطوة جيدة علي أزمة الزواج. يقول الدكتور محمد نجيب عميد معهد الإحصاء السابق بجامعة القاهرة: إن الفتاة الآن أصبحت لا تكتفي بالمؤهل فقط ولكنها تسعي إلي الحصول علي درجات الماجستير والدكتوراه مما يؤدي إلي أن يفوتها قطار الزواج. أشار إلي أن هناك فتيات كثيرات يحلمن بالزواج من شاب وسيم وثري ويرفض العديد من المتقدمين بدعوي أنه لن يحقق لهن الحياة السعيدة وتمر السنوات ثم تجد نفسها وقد تحولت إلي "عانس" ولذلك زاد عدد العوانس ليصل إلي أكثر من 11 مليون فتاة. أشار إلي أن من أهم الأسباب هو المغالاة في المهور والشبكة والشقة والأثاث موضحا أن أسعار الشقق وصلت إلي أرقام فلكية لا يستطيع أن يوفرها الشاب حتي لو ظل يعمل لمدة 100 عام!! البطالة السبب تري الدكتورة بثينة الديب- رئيس قطاع الإحصاء بالجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء وعضو المركز الديمجرافي ومستشار الأممالمتحدة للتنمية البشرية: إن زيادة معدل البطالة خلال العامين الماضيين ليصل إلي 13.9% يعد السبب الأول وراء زيادة نسبة العنوسة. أضافت أن الانفلات الأمني الذي حدث خلال الفترة الماضية وانتشار المظاهرات وقطع الطرق والاعتداء علي المنشآت ساهم بشدة في زيادة نسبة البطالة وبالتالي زيادة نسبة العنوسة من الجنسين! أشارت إلي أنها شعرت بارتياح كبير باتجاه الحكومة إلي إقامة مساكن للشباب بمقدم لايزيد علي 5 آلاف جنيه وبإيجار 125 جنيها شهريا مما يساهم في حل مشكلة الشقق للشباب. تقول الدكتورة هالة رمضان أستاذ علم الاجتماع ورئيس قسم التعليم بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أنه لم يتم عمل إحصائية بعد عام 2006 حيث كان من المفروض إجراء إحصائية في العام الماضي 2012 لكن نتيجة للظروف التي تمر بها البلاد تم تأجيل إجراء مثل هذه الإحصائية. أضافت: من أهم الأسباب وراء زيادة نسبة العنوسة الأسرة نفسها حيث يطالب أولياء الأمور بمطالب مبالغ فيها مما يؤدي إلي هروب العرسان! أكدت أن حصول الفتيات علي الدرجات العامة وانغماسهم في العمل والأبحاث العلمية من أهم العوامل التي تعتبر سببا في زيادة العنوسة. طالبت بوعي التلاميذ بأهمية مؤسسة الزواج وتأثير الجانب الديني في تكوين أسرة إلي جانب الأهمية بالتعليم والاهتمام بالطموح العلمي في نفس الوقت. علي الجانب الآخر الدور الفعال للدولة لتذليل كل العقبات التي تواجه الشباب والفتيات سواء النواحي الاقتصادية أو الاجتماعية وعلي رأسها إيجاد فرص عمل حقيقية للشباب مع إقرار الحد الأدني للدخل فورا. يري الدكتور أحمد جمال ماضي أبوالعزايم أستاذ الطب النفسي ونائب رئيس الاتحاد العالمي للصحة النفسية: إن نسبة العنوسة علي مستوي العالم وصلت إلي 37% والسبب يرجع إلي ارتفاع نسبة التعليم بين الفتيات مشيرا إلي أن تأخر سن الزواج يرجع إلي الطموح العلمي للفتيات وأيضا للشباب. أضاف أن غياب التواصل الأسري والزيارات العائلية نتيجة الأحداث الأخيرة ساهم أيضا في زيادة نسبة العنوسة نتيجة عدم ارتباط الفتيات بالشباب داخل الأسر المصرية. أشار إلي أن عدم الزواج يؤثر علي الفتيات أكثر من الشباب حيث تصبح الفتاة انطوائية ولا تندمج بالمحيطين بها حتي بصديقاتها كما تصاب بالاكتئاب والقلق والتوتر وكل هذه العوامل تؤثر علي النواحي الفسيولوجية فتصاب بارتفاع السكر في الدم وارتفاع ضغط الدم في سن مبكرة أيضا. أضاف أن نظام وتشييد المدن الجديدة علي مساحات متباعدة أصبحت تؤثر بشكل كبير علي التعارف بين الأسر أو التواصل داخل هذه المجتمعات وبذلك يصعب التعارف ويصبح منعدما ويعتبر ذلك من الأسباب التي أدت إلي ازدياد نسبة العنوسة أيضا. التقينا عددا من الفتيات والسيدات تقول هبة عبدالعزيز -طالبة بكلية الاداب- الفرقة الثانية جامعة القاهرة: تخرجت في كلية العلوم وحصلت علي درجة البكالوريوس في عام 2000 وبعدها التحقت وعملت كمدرسة في إحدي المدارس الدولية وحصلت علي درجة الماجستير في تلك الفترة.. وتقدم لي العديد من الشباب للزواج رفضتهم رفضا نهائيا وأخيرا قررت عدم الارتباط بأي شاب إلا إذا كان علي درجة طموحاتي العلمية أو إلغاء فكرة الزواج نهائيا لأني مستقلة اقتصاديا واجتماعيا وليست في حاجة إلي زواج ضعيف علميا. تضيف نيرة حسيب -مديرة برامج بإحدي شركات المحمول: إنها حصلت علي بكالوريوس حاسبات ومعلومات والتحقت بالعمل بهذه الشركة بعد التخرج منذ عامين وأتقاضي مرتبا عالياوتقدم لي شباب كثيرون ولكنهم يعملون في مؤسسات متواضعة بمرتبات ضئيلة للغاية.. وهذه تمثل مشكلة بالنسبة لي. تؤكد سميرة محمد -موظفة بإحدي الشركات الأهلية: إن ابنة أختها لم تتزوج حتي وصلت إلي العقد الرابع من عمرها.. بالرغم من أنها حاصلة علي مؤهل عال "ليسانس آداب" وتعمل بالتدريس.. ولكن جاء ذلك نتيجة عدم تقدم أي شاب مناسب لها.. واستمرت في رفض كل من تقدم إليها طمعا في أن يتقدم لها الأفضل إلي أن وصلت إلي هذا السن وأصبحت الفرص أقل بكثير.. وتقدم لهامؤخرا رجل له طفلان وزوجته توفيت ولكنها رفضته أيضا وقررت الاستقرار والتركيز في عملها فقط وترك مسألة الزواج نهائيا وعدم التفكير به.