الله أكبر الله يحميك يا بلدنا يا مصر يا أم الدنيا بهذه الكلمات التي قالها من القلب بدأ الحاج محمد محمد عبدالسلام العباسي 67 عاماً من مدينة القرين بمحافظة الشرقية الشهير بالبطل محمد العباسي أول من رفع العلم المصري علي أرض سيناء الحبيبة بعد أن حقق خير أجناد الأرض النصر المبين علي الجيش الصهيوني. التقينا مع البطل العباسي داخل منزله بالقرين حيث سرد مشواره البطولي قائلاً إنه تم تجنيده في سلاح المشاة قبل النكسة بأربعة أيام. وكان يشعر بالحزن الشديد مثل باقي زملائه علي الذين استشهدوا والسلاح الذي دمر لافتاً الي أن النكسة سميت بذلك الاسم لعدم التقاء الجندي المصري بالجندي الإسرائيلي ليلقنه درساً في الجندية والشجاعة منوهاً الي أن النبي الكريم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم دعا لجنود مصر بأنهم خير أجناد الأرض. أضاف البطل العباسي قائلاً أصررنا بالجهد والعرق علي أن ترد الصاع صاعين للعدو. وكان شعارنا العرق في التدريب يوفر الدم في المعركة. وكنا نتدرب ليل نهار. وانتقلنا مع بداية عام 1968 الي جبهة القتال وكان الموقع نمرة "6 بالإسماعيلية" وفي هذه الآونة كان يتم بناء خط بارليف الإسرائيلي شرق القناة وسمي بذلك نسبة لمصممه "حايف بارليف" وكان الجيش الإسرائيلي يقوم بعمل الدشم الحصينة أمام أعيننا وكانت حوالي 33 دشمة حصينة خط أول وأطلق عليه خط بارليف الذي لا يقهر. أضاف: كانت الأوامر الصادرة لنا بعدم اطلاق رصاصة واحدة بدون أي تعليمات والصبر حتي أن العدو الصهيوني استخدم حرباً نفسية ضدنا حيث نزلوا الي شط القنال وكتبوا علي الساتر الترابي بالزلط الكبير "ستظل مصر جثة هامدة". وكان الساتر ارتفاعه 25 متراً والنزول بفتيات وتقبيلهن لاظهار أنهم في نعيم ونحن في جحيم. ولكن لم نلتفت لذلك وتماسكنا بالإيمان. وكان الدم يغلي في عروقنا ونريد أن نلقنهم الدرس. تابع قائلاً: أذكر أنه أثناء قيام لودر بعمل حفرة لنا للتجمع بداخلها. أطلقت دبابة إسرائيلية قذيفة علينا مما أدي لاستشهاد ضباط برتبة ملازم أول مما زاد الغليان في صدورنا وأسرع اثنان من القناصة باعتلاء مبني مستشفي هيئة قناة السويس بعد أن صدرت لهما تعليمات باصطياد صيد ثمين وانتظرنا حتي حضور قائد اسرائيلي وتأدية التحية له. فقاما بقتله ومنح القناصين مائة جنيه مكافأة. أشار البطل العباسي قائلاً: بقوة وعزيمة وإصرار ظل جنود مصر في حرب الاستنزاف يحققون البطولات والانتصارات. وكنا نقوم بوضع الألغام بالطرق التي تتجول بها دبابات العدو ذهاباً وإياباً. حيث كنا نزرع الألغام ليلاً. ومع عام 1970 تلقينا تعليمات من القيادة بخطف أسير وتدمير الدورية ما بين منطقتي الكاب والتينه. وتم اختيار 12 شخصاً منا تسابقوا لتنفيذ المهمة. وكان معنا قذائف آر.بي.جي وعشر بنادق آلية وبعد أن قرأنا الفاتحة عبرنا القناة الساعة 12 ليلاً واختبأنا وسط الحجارة علي الشط الشرقي وانتظرنا الدورية الإسرائيلية التي تأتي صباحاً لكنها لم تأت. فانتظرنا دورية الساعة 2 بعد الظهر القادمة من التينه والمتجهة إلي الكاب. وبحمد الله كان كل واحد منا يعرف مهمته. بوصول الدورية نجحنا في تدمير الدبابتين الأولي والأخيرة وناقلات جنود وأسر ثلاث جنود إسرائيليين. وعدنا بهم عائمين لمسافة ألف متر. أوضح قائلاً: تم نقلي إلي مستشفي الصالحية وبعد 15 يوماً من العلاج عدت إلي وحدتي لأخذ الثأر. وقبل يوم 5 اكتوبر حدث مشروع بالذخيرة الحية اشتركت فيها كل الأسلحة. وبعد نجاح المشروع شكرنا قائد الوحدة وقال المشروع الثاني سيكون علي اسرائيل وعبرنا ترعة الحلوة بالإسماعيلية وسرنا في الجبل مسافة 7 كيلو مترات حتي وصلنا إلي القنطرة غرب. وكانت أرواحنا المعنوية عالية ودعمنا بالأسلحة وجميع الاحتياجات وكان يوم 5 اكتوبر يوم جمعة وكنا صائمين وجاء من التوجيه المعنوي من ألقي خطبة الجمعة عن الشهيد وكرامة الشهيد عند الله. وصلينا علي العلم المصري وتم جمعنا وأعطونا أوامر بالقتال. وقالوا إن غداً افطار وهو الموافق السبت 6 اكتوبر. وبدأت المدافع المصرية في صب نيرانها علي العدو الصهيوني وعبرنا القناة في الوقت الذي كانت تغطينا فيه المد فعليه والطائرات. أكد البطل العباسي قائلاً: والله لقد شاهدنا كلمة الله أكبر تكتب في السماء. مما دفع الجنود لترديد الله أكبر. وكأنه كانت توجد مشاركة "ربانية". وبوصولنا للبر الشرقي الموجود به الدشم الحصينة رقم "1" بالقنطرة شرق. كانت معنا فرق مهندسين وتم إطلاق قنابل هجومية أفقدت العدو توازنه وأرهبته ونجحنا في عمل ثغرة وصمود الدشمة وفتح النار علي الاسرائيليين الذين تقهقروا. وفي دقائق تمت السيطرة علي الدشمة وكنا نبارك لبعضنا من الفرحة ونهلل ونكبر وسجدنا علي الأرض. وكنت أول من رفع العلم المصري علي تراب سيناء الغالية ليرفرف خفاقاً في سماء الوطن بعلامة النصر المبين. وسجدت لله شكراً وقبلت تراب الوطن المحرر والعائد إلي حضن المحروسة. قال: وفي عصر 6 أكتوبر أغارت علينا طائرتان اسرائيليتان من الفانتوم الذي لا يقهر ونجحت الصواريخ المصرية التي تم إطلاقها في إسقاط طائرة وهبط الطيار بالباراشوت وتم أسره بينما الطائرة الثانية احترقت بالطيار. وحوالي الساعة 12 تم فتح المعابر وحاولت ثلاث دبابات اسرائيلية ضرب معبر "48" ولكن نجحنا في تدميرهم. وفي صباح 7 اكتوبر تلقينا تعليمات بالسيطرة علي الدشمة الحصينة بلسان البلاح. وتم الالتفاف حولها مع الشروق وفجأنا العدو ونجحنا في أسر 12 جندياً من العدو. ومع صباح 21 اكتوبر سمعت صوت دبابات فأبلغت القائد الذي شاهد بالنظارة عشر دبابات وثلاث ناقلات جنود للعدو في الطريق إلينا. وبفضل الله دمرنا الدبابات جميعها. أضاف البطل العباسي: العالم كله قال إن جنود مصر لن يستطيعوا عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف بسبب كمية الألغام. ولكن عناية الله كانت تحرسنا وفاجأنا العالم بالانتصار. طالب العباسي بعمل لقاءات بالمدارس لأمثاله من الأبطال ليروا بطولاتهم التي سطروها للطلاب لزرع روح الانتماء وحب الوطن بداخلهم وسرد المواقف البطولية للجيش المصري الذي حقق النصر علي العدو الإسرائيلي. أشار العباسي إلي أنه بعد وفاة زوجته الأولي وإنجابه منها بنتين وولدين تزوج بأخري وله منها ولد وبنت وأمنيته أن يؤدي وزوجته فريضة الحج.