مما لا شك فيه أن الأوضاع بالنسبة لكتائب القذافي ونظامه السياسي تتجه من سييء إلي اسوأ. خصوصاً بعد بدء قوات التحالف الدولي في شن هجماتها ضد جيشه ومساندة الثوار عسكرياً. في ظل هذه الأوضاع المتردية كان طبيعيا ان يقبل القذافي المبادرة التي تقدم بها الاتحاد الإفريقي لتحقيق السلام بليبيا. رغم اصراره طوال الفترة الماضية علي عدم الانصياع للنداءات الدولية بضرورة وقف إطلاق النار. لكن هذه المبادرة او خارطة الطريق الإفريقية للأزمة الليبية كانت مثار تساؤلات عدة. أهمها لماذا اتت في هذا التوقيت بعد ان عاني جيش القذافي وكتائبه من خسائر فادحة بسبب غارات قوات التحالف. ولماذا تأخرت كل هذا الوقت؟ الإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها جاءت برد فعل الثوار علي هذه المبادرة الإفريقية ورد فعل القذافي ايضا. فالقذافي يريد في الوقت الحالي البحث عن مخرج يحفظ له ولقواته التي بدأت تعاني بشدة في الاستمرار في القتال ولذلك فلابد من التوصل لهدنة. علي الأقل لكي يعيد بناء قواته وتسليحها. خاصة انه تواردت انباء تفيد بنفاد ذخيرة كتائب القذافي. أضف إلي ذلك لن يكون هناك طرف مقبول لدي القذافي ومضمون ولاؤه له أكثر من القادة الأفارقة. ومن هنا نستطيع ان نفسر الاستقبال الحافل الذي حظي به مهندس هذه المبادرج الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما لدي وصوله إلي طرابلس. علي الجانب الآخر فسر رفض الثوار لهذه المبادرة كثيراً من التساؤلات التي طرحناها. فهم علي يقين ان الموافقة علي فعل هذه المبادرة من شأنه وضع قوات الناتو في مأزق كبير. حيث لن يكون بمقدورها وقت موافقتهم علي المبادرة توجبه ضربات جوية لكتائب القذافي. وستلتزم بالاتفاق المبرم بين القذافي والثوار. ايضا يدرك الثوار مدي العلاقة الحميمة بين نظام القذافي والقادة الأفارقة. وبالتالي فمن غير المعقول ان تكون هذه المبادرة التي أشرف علي إخراجها جاكوب زوما في مصلحة الثوار. وأخيراً ولعل الموقف الأوروبي والأمريكي المؤيد لرفض الثوار يجسد هذه المخاوف التي يخشاها الثوار. كما انه يدلل وبقوة علي إصرار هذه القوي الدولية علي الإطاحة بنظام القذافي. ليس هذا فقط. بل ورحيله عن ليبيا كلها.