مما لاشك فيه أن اهم المميزات التي كانت تتسم بها الدول الخليجية علي مدار العقود الماضية عدم التدخل في أي نزاع دولي أو إقليمي وعدم الصدام مع أي قوة بالمنطقة أو خارجها. هذه الدول اعتادت علي اختيار طريق "الإستسلام" تحت مزاعم أنها "دبلوماسية" في حل أي أزمة تواجهها. وإذا تعقدت الأمور تلجأ إلي أسلوب تحرير شيكات قابلة للدفع.. طبعاً تذهب إلي حساب من يتولي المواجهة والصدام عوضاً عن دول الخليج. لكن في الآونة الأخيرة وخلال عدد من الأزمات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة العربية. تغير اسلوب تعامل هذه الدول مع الأزمات الإقليمية بشكل جذري. لاحظنا ذلك بوضوح في البداية في الأحداث التي شهدتها البحرين. ولأول مرة تفعيل ميثاق الدفاع المشترك بين دول الخليج الستة. وشاهدنا قوات لم نكن نعرف حتي اسمها يطلق عليها "درع الجزيرة" تهب لنجدة النظام البحريني ومساندته في أزمته الداخلية. ظهور هذه القوات في الأزمة البحرينية اعطي انطباعاً جديداً عن هذه الدول. والمتابع لدخول هذه القواتوانتقالها من الأراضي السعودية نحو البحرين. يلحظ بوضوح نية "الإستعراض" التي حاولت دول الخليج من خلاله إرسال رسالة مفادها.. أن السياسة القديمة القائمة علي الاستسلام قد تغيرت. بالطبع هذا التحول السياسي في دول الخليج كان مثار اهتمام الإعلام الغربي. وتناولته باهتمام بالغ مجلة التايم الأمريكية. التي رصدت هذا التحول منذ بدء الأزمة البحرينية. الأزمة البحرينية. كانت مجرد البداية للتعبير عن التغيير الذي طرأ علي السياسة الخليجية. وها هو مجلس التعاون الخليجي يعلن مشاركته في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1973 الصادر بحق ليبيا والذي يقضي بتنفيذ منطقة حظر جوي علي كل الأرضي الليبية. لتمكين الثوار الليبين من مواجهة نظام القذافي. ولأول مرة تشارك طائرات خليجية من قطر والامارات من طراز اف 16 وميراج في عمليات عسكرية تحت قيادة دولية خارج أراضيها. هذه المشاركة رسخت فكرة أن الدول الخليجية بات لها أنياب وتود أن ترسل رسالة للقوي الاقليمية بالمنطقة وتحديداً "ايران" مفادها أننا لم نعد كما كنا في السابق. وسنعتمد علي أنفسنا في مواجهة أي عدوان خارجي. مجلة التايم الامريكية. كتبت عن هذا الموضوع باستفاضة. لكن ما يهمنا هنا هو عنوان الموضوع الذي جاء علي النحو التالي.. دول الخليج تستعرض عضلاتها أمام إيران. المجلة الأمريكية تري أن هذا الاستعراض الخليجي للقوة غير المسبوق عزز الفخر القومي العربي. وهو ما أشاد به الخلفاء الغربيون. باعتباره وسيلة فعالة لمواجهة توسع النفوذ الإيراني. الخبراء الدوليون والمهتمون بشئون المنطقة وعلي رأسهم "جون إسبوزيتو" استاذ الدراسات الإسلامية بجامعة جورج تاون الامريكية ومؤلف كتاب "مستقبل الإسلام" أشار إلي أن هذا المستوي من المشاركة يعد سابقة لا تصدق فالحكومات الخليجية غالباً ما كانت تعتمد علي نهج الدبلوماسية أو تحرير الشيكات. أما الآن فإن هذه الحكومات استغلت الفرصة لتأتي في مقدمة المشهد. بدلاً من دول أخري تحركها وتسيطر علي سياساتها قضايا الداخلية حالياً.