برنامج الغذاء العالمي هو أكبر منظمة إنسانية في العالم تابعة للأمم المتحدة يقدم المساعدات لأكثر من 90 مليون شخص في 80 دولة حول العالم يعانون الجوع.. والمسئولية التي تلقي علي عاتقه أصبحت صعبة والعبء تضاعف بعد الاضطرابات السياسية وتدهور الوضع الاقتصادي. 8والسؤال المطروح كيف يواجه البرنامج هذه الأزمات للحد من الانزلاق في هاوية الفقر والجوع للمناطق الأكثر فقرا. جيانيبترو بوردنيون مدير برنامج الغذاء العالمي في مصر ناشد رجال الأعمال الشرفاء برد الجميل لمصر وقت الأزمة في حواره مع "المساء". * كيف تري الوضع الآن وتقييمك للفترة القادمة؟ ** الآن مصر تعاني من أزمة اقتصادية بعد كثرة الاعتصامات والاضطرابات التي شهدتها البلاد مؤخرا نتيجة توقف عجلات الإنتاج وزيادة في العبء توافد الآلاف من المصريين من تونس وليبيا والبحرين.. وما يلقي بظلاله علي المناطق الأكثر فقرا. * ما هي خطة البرنامج لمواجهة هذا العبء؟! ** حالة التنمية في مصر تتصف بفوائق إقليمية واضحة ومتباينة خاصة في صعيد مصر ومجتمعات البدو في سيناء والمنطقة الجنوبية للبحر الأحمر فيعيش 34.2% من سكان صعيد مصر تحت خط الفقر.. ومازال العديد من الأماكن في هذه المنطقة تفتقر إلي خدمات التعليم الأساسي هذا بالإضافة إلي ارتفاع معدلات سوء التغذية والتي تنتشر بين الفئات المهمشة كالأطفال والنساء في نفس الوقت تستورد مصر 45% من احتياجاتها من القمح. ونتيجة لهذا فإن البرنامج الذي بدأ في عام 2007 وينتهي آخر هذا العام يفيد 400 ألف شخص بتكلفة تصل إلي 44 مليون دولار أمريكي.. ويوفر نوعين من الدعم منها المساعدات الفنية لتعزيز شبكة الأمن الغذائي الحكومية من خلال أنشطة الغذاء مقابل التعليم والغذاء مقابل خلق أصول مشروعات ويستهدف هذا البرنامج بشكل أساسي شرائح السكان الأكثر هشاشة وحرمانا في أشد مناطق البلاد فقرا. وتعد وزارة الزراعة الشريكة الرئيسي للبرنامج نيابة عن الحكومة المصرية ثم امتدت وزارات أخري لدعم البرنامج وأهمها وزارة التربية والتعليم في مد مرحلة التعليم الأساسي بالوجبات المدرسية من خلال المشروع القومي لتقوية دقيق القمح بالعناصر الغذائية. برنامج الغذاء مقابل التعليم من أهم البرامج التي تطبق في مصر ويهدف إلي ربط الالتحاق بالتعليم وتشجيع الطلاب علي الحضور المنتظم وخاصة الفتيات للحد من الفجوة بين الجنسين في الحصول علي فرص التعليم وتخفيف وطأة الجوع علي المدي القصير وزيادة القدرات الاستيعابية للتلاميذ. استطاع البرنامج تغطية حوالي 360 ألفاً من الأطفال وأسرهم في المجتمعات التي سجلت أعلي نسبة من انعدام الأمن الغذائي في محافظات الفيوم وبني سويف والمنيا وسوهاج وقنا وأسيوط وتم توزيع وجبات يومية في تلك المدارس علي هيئة بسكويت بالتمر مصنع محليا وصرف حصص شهرية من السلع الأساسية لأسر الأطفال الذين سجلوا نسبة حضور 85% في العام وخاصة الفتيات وذلك بالتعاون مع اليونيسيف وبتمويل من عمليات مقايضة الديون مقابل التنمية بين مصر وإيطاليا ساهم في المشروع شركات من القطاع الخاص بمبلغ مليون ونصف المليون دولار أمريكي. * ماذا عن البرامج الأخري؟! ** برنامج مكافحة عمال الأطفال من خلال التعليم والغذاء ويهدف البرنامج إلي إعادة إدماج الأطفال المعرضين لخطر العمالة في برامج التعليم الأساسي والصناعات الحرفية وذلك عن طريق سحب الأطفال من سوق العمل بالتعاون مع منظمة العمل الدولية لتوفير الوجبات المدرسية ودفع الرسوم المدرسية وتقديم الزي والكتب مع توزيع حصص غذائية منزلية علي أسر الأطفال المستفيدين من البرنامج لحثهم علي منع الأطفال من العمل. هذا بالإضافة إلي إنشاء فصول مجمعة للأطفال المتسربين من التعليم وتسهيل إعادة قيدهم مع ضمان جودة التعليم. * وماذا أيضا..؟ ** هناك برنامج الغذاء مقابل التدريب والعمل ويتولي التدريب لتنمية المهارات ودعم بناء الأصول الإنتاجية لضمان سبل المعيشة المستدامة وذلك لتحسين رءوس الأموال لأصحاب الحيازات الصغيرة حتي تتمكن المجتمعات الريفية والأراضي القاحلة والمهمشة من رفع مستوي المعيشة لتأمين مصادر المياه من خلال بناء الآبار والخزانات والصهاريج أو السدود وإقامة مجتمعات بالقرب من هذه المصادر لتطوير المعيشة في البيئات الصحراوية وذلك للاستفادة من ملكية الأراضي وتقديم القروض الصغيرة لشراء الماشية وبدء المشاريع الصغيرة.. وفي هذا المجال قدمت المفوضية الأوروبية منحة 2 مليون يورو لدعم بدو سيناء. * ما دور البرنامج في الأزمة الحالية التي أضرت باقتصاد البلاد؟ ** هناك جزء كبير من القطاع الخاص صمم علي مواصلة برنامج الوجبات المدرسية وصرف الحصص التي يستفيد منها أسر التلاميذ وتتمثل في صرف 10 كيلو جرام من الأرز شهريا لإطعام الأسر الفقيرة والتي تأثرت بالتباطؤ الاقتصادي الذي أعقب الأزمة السياسية وخاصة الذين تأثرت موارد رزقهم في محافظات جنوب البلاد. وقدم البرنامج في الأيام القليلة الماضية دعما غذائيا لأكثر من 11 ألفاً و500 من أفراد الأسر في المحافظات ويتم استئناف واستمرار عمليات التوزيع في صعيد مصر ويستفيد منها أكثر من 300 ألف من أطفال المدارس بمحافظات مصر المختلفة حيث يحصلون يوميا علي بسكويت التمر المغذي والمدعم بالفيتامينات والمعادن الأساسية بالإضافة إلي أن برنامج الغذاء العالمي حافظ علي دعمه للبرامج القومية لتعزيز دقيق القمح المستخدم في صناعة الخبز البلدي بالحديد وحمض الفوليك ليستفيد منه أكثر من 50 مليون مصري وبرنامج تعزيز زيت الطهي بفيتامين "أ" الذي تم إطلاقه مؤخرا وسيستفيد منه ملايين المصريين. * ما هي توقعاتك الفترة القادمة؟! ** أتوقع زيادة الحاجة إلي الطعام والمواد الأخري خاصة بعد زيادة أعداد الوافدين من ليبيا وتونس والبحرين والذين سينضمون للفئات الأكثر احتياجا لفقدان وظائفهم وأموالهم وسيعمل البرنامج علي محاولة مساعدة هؤلاء عبر أولادهم بالمدارس وخلق فرص عمل مما يزيد العبء علي المنظمات الإنسانية في تنفيذ خطة الطعام من أجل التدريب وانتظار الإنتاج ولهذا أوجه رسالة إلي الدولة الصديقة والمنظمات العالمية والقطاع الخاص لمنح المساعدات والقيام بدورها في ظل الظروف الحالية وأناشد رجال القطاع الخاص المصري من الشرفاء ضرورة رد الجميل للمجتمع المصري الذي نما فيه فهذا وقت رد الجميل في وقت الشدة.. خاصة أن المصريين أثبتوا مدي الترابط في الزحداث الأخيرة وأظهروا للعالم حبهم لوطنهم وهذا هو التوقيت لمساعدة الطبقات الأكثر احتياجا. أطالب سفراء النوايا الحسنة الذين دائما يلبون النداء بضرورة تكثيف الجهود لمساعدتنا وشرح أهداف الرسالة الإنسانية التي يقدمها البرنامج ومن هؤلاء الفنانين محمود ياسين وهند صبري واللاعب محمد أبوتريكة بالإضافة إلي من يرغب الانضمام إلينا من الشخصيات العامة لمواجهة الأزمة الحالية. * ما حجم المساعدات التي يقدمها البرنامج لمصر وللعالم؟ ** تصل إلي 15 مليون دولار تقريبا في السنة والمهم هو لمن تصل هذه المساعدات؟ للفئات المحتاجة بالفعل..أما بالنسبة للعالم فهو أكبر منظمة إنسانية لمكافحة الجوع ويقدم مساعدات غذائية إلي أكثر من 90 مليون شخص في أكثر من 80 دولة حول العالم يعانون الجوع خاصة أن موظفي الطواريء بالبرنامج هم خبراء أكثر كفاءة في إيصال المعونات الغذائية بسرعة في أشد المناطق وعورة وسخونة علي سطح الكرة الأرصفة خاصة البلاد التي تعاني من اضطرابات سياسية أو من الحروب والقحط والفيضانات والأعاصير وغيرها من الكوارث الطبيعية لأن ما نفعله هو الحد الفاصل بين الحياة والموت. * ما أهم الدراسات التي شارك فيها البرنامج؟! ** هناك دراسة أجريت بالتعاون مع المعهد القومي للتغذية أوضحت أن الأنيميا تؤثر علي القوة الاستيعابية للأطفال وتؤثر في الدخل القومي المصري بنسبة 3% ولهذا تم دمج برنامج نقص الغذاء والتنمية المحلية فيتم استخدام المواد المصنعة محليا وإرسالها للدولة التي تعاني من الفقر أو الكوارث بحيث يتم توفير فرص عمل ومساعدة الدول النامية علي الصناعة..أوضحت الدراسة أن هناك 29% من المصابين بسوء التغذية يعانون من التقزم وهذه صورة توضح مدي سوء التغذية في مصر والتي تحتاج إلي برامج عديدة للتصدي لها لما لها من تأثير علي الصحة والتكلفة العلاجية.