مجادلات ومناقشات وحوارات دارت حول التعديلات الدستورية استغرقت فترات طويلة بين قطاعات عريضة من أهل الرأي والفكر ورجال القضاء والقانون. وتنوعت الاجتهادات واختلفت وجهات النظر كل واحد يتطلع إلي أمل غاية في الأهمية ويتمثل في أن تتمتع مصر بمناخ ديمقراطي حر وطن لا يخضع للاستبداد لأي شخص كائنا من كان. أو أي فئة أخري تستطيع ان تفرض رأيها دون تقدير أو مراعاة للآخرين. الخوف كل الخوف من العودة إلي عصور الانفلاق وسيطرة الرأي الواحد. هدف الجميع ولاشك ان تكون المرحلة القادمة خطوة نحو اجراء تغيير جذري في مسيرتنا الوطنية بعيدا عن الخوف من الحاكم أو أي جهة تخضع لسطوته ودكتاتوريته. الكلمة الأخيرة اليوم للشعب. 45 مليونا سوف يحسمون هذا النقاش ويضعون نهاية سواء بالسلب أو الايجاب للتعديلات الدستورية.. وعلي كل مواطن أن يتوجه إلي لجان الاستفتاء التي تخضع لنحو 16 ألفا من رجال الهيئات القضائية الذين نكن لهم كل التقدير والاحترام. هم الدرع الواقي والمظلة التي نحتمي بها دائما. ونطمئن إلي قضائهم العادل. كما يجب ان ننفض عن أنفسنا غبار الماضي وعدم الالتفات إلي الوراء فبإذن الله لن تعود نسمات الزمن الردئ مرة أخري وتزوير ارادة الناخبين والانفراد بالرأي والساحة. ان المهمة وطنية بالدرجة الأولي والمشاركة مسئولية وطنية. نحن قادمون علي مرحلة هامة يجب ان تتضافر جهودنا جميعا مهما اختلفت الآراء لكي نتجاوز تلك المرحلة الانتقالية. بثقة وتفاؤل من أجل مستقبل أفضل ينعم كل فرد بالحرية وابداء الرأي دون قيود أو ضغوط. حقيقة لقد قام باعداد التعديلات الدستورية نخبة من خيرة رجال القضاء والقانون المشهود لهم بالكفاءة وحب الوطن يتغلغل في قلوبهم واخلاصهم ونواياهم الطيبة لا تخفي علي أحد. وقد استطاعوا انجاز التعديلات في الفترة القصيرة المحددة تلبية لنداء الوطن وتحقيقا لرغبات المجلس الأعلي للقوات المسلحة لكي تبدأ مسيرة جني ثمار ثورة الشعب وشبابه في25 يناير وتتحرك اتجاهاتنا في طريق النور بلا معوقات تعطل الانطلاق نحو المستقبل وتشكل عقبات تحد من ارادة الجماهير المتعطشة للاستقرار والأمن والأمان لكي تتمكن من ترسيخ قيم الوطنية المصرية الأصيلة. ولاشك ان المواد التي شملتها التعديلات تعتبر بمثابة "عتبة" يمكن تخطيها والتقدم نحو البرلمان ورئيس جمهورية يخضع لارادة الشعب وذلك علي حد وصف رجل القانون صبحي صالح أحد أعضاء لجنة التعديلات الدستورية. ولا يجب ان نتخوف من هذه التعديلات التي يصفها البعض بأوصاف تشير إلي أنها لا تحقق الطموحات التي تبغيها أهداف هذه الثورة. وهناك من يقول ولماذا نحن في عجلة من أمرنا؟ وما هو المانع في أن ننتظر ثلاثة شهور أخري أو أكثر حتي يتم اعداد مواد الدستور كلها متكاملة. ثم تجري عملية البناء الديمقراطي سواء في مجلس الشعب أو الرئيس القادم؟ وهناك من يتخوف ان يفوز بعضوية البرلمان أعضاء من جامعة الإخوان المسلمين أو من فلول الحزب الوطني أو أصحاب الآراء المتطرفة. واذا كنا في مرحلة تحتم المصارحة والشفافية فلابد ان نستمع لبعضنا البعض واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية ولماذا نخشي أو نخاف طالما ان الكلمة للشعب وله حرية الاختبار فاذا برجال من أقصي اليمين فمرحبا اذا كانوا من أقصي اليسار فمرحبا. ولنترك الشعب يجني ثمار اختياراته. والإخوان المسلمين أو أي أعضاء آخرين من حزب الوفد أو الكرامة أو غيرهما فكلهم وطنيون لهم ما للمصريين وعليهم ما علي سائر المصريين من واجبات. يجب ان نطرد التخوف بعيدا عن نفوسنا ونلتفت بأقصي سرعة للانتهاء من هذه المرحلة لأن قواتنا المسلحة لديها مهام وطنية كبري. ويكفي أن نلقي نظرة علي ما يجري حولنا بخريطة العالم العربي الأمر يتطلب سرعة الانجاز حتي يتفرغ أبطالنا من رجالات جيشنا الأبطال لمهامهم الأكثر خطورة وأهمية. وقد اعجبني رأي الداعية الكبير صفوت حجازي حين اشار لماذا نتخوف من الأحزاب الاسلامية أو غيرها دعوا الجميع يتحرك ويكون أحزابا والكلمة الأخيرة للشعب وهو الذي يعيش التجربة ويجب ان نتطلع إلي العالم المتقدم فهناك في ألمانيا يتولي سدة الحكم الحزب المسيحي وقد اختاره الشعب بمطلق حريته ولسنا أقل من هذه الشعوب لكي نستطيع المضي نحو عصر يتمتع بتنوع الآراء في اطار من المحبة والمودة ولتكن نتيجة الاستفتاء هي الفيصل في النهاية. ان الوطن يتطلع إلي وحدة الرأي ولا يريد أي مواطن الحجر علي رأي انسان يعيش فوق تراب هذا الوطن. وأعتقد ان المواد التي جري تعديلها كافية. وكما قال المستشار طارق البشري رئيس لجنة التعديلات إن الزخم وتلك الروح الوطنية التي سرت في وجدان المصريين سوف تساهم في اختيار أفضل عناصر البرلمان وإن البرلمان الذي يجري اختياره الذي يتولي الاشراف علي استفتاء رئيس الجمهورية وكذلك اختيار لجنة من مائة عضو لاجراء تعديلات لكل مواد الدستور. دون استعجال وبكل الهدوء في فسحة من الوقت تؤدي إلي اختيار أفضل المواد التي تضمن مناخا برلمانيا حراً يأخذ بيد الوطن نحو الحرية والاستقرار. الواجب الوطني في اعتقادي يتطلب من وجهة نظري أن نقول نعم لهذه التعديلات دون أي اعتراض علي انسان يخالفني في الرأي. فالحرية هي أساس هذا العمل الوطني. ويجب ان نطرد شبح الخوف بعيدا. وليتنا ندرك ان المصريين سواء لا فرق بين انسان وآخر فقد مضي زمن الحجر علي أشخاص. ولا عودة للوراء مرة أخري فلنتطلع للمستقبل بقلوب مطمئنة وغدا سوف نعرف النتائج بعد ان يقول الشعب كلمته.